ميناء الحديدة.. ورقة يتأجر فيها الحوثي ويحاصر بها الشعب؟!

إقتصاد - Thursday 17 May 2018 الساعة 11:55 pm
عدن، نيوزيمن، تقرير خاص:

سخرت ميليشيا الحوثي المسلحة، ميناء الحديدة والصليف، لخدمة أجندتها العسكرية والاقتصادية، وحاصرت به الشعب، إذ بات الميناء المتهالك يعمل بربع قدراته التشغيلية، ويشكل استعادة ميناء الحديدة من قبضة ميليشيا الحوثي أهمية استراتيجية للأمن الغذائي القومي، وتأمين الملاحة الدولية.

نزوح سفن التجار وخطوط الملاحة إلى ميناء عدن

ووفقاً للبيانات الملاحية حول غالبية التجار والموردين والخطوط الملاحية الدولية وجهتها من ميناء الحديدة إلى ميناء عدن، جراء تحويل الحوثيين ميناء الحديدة إلى منطقة عسكرية، وأصبح ميناء الحديدة والصليف مليئا بالخسائر والمخاطر.

وتشير بيانات الملاحية الإحصائية للعام 2018، أن ميناء عدن يستقبل نحو 54% من المساعدات الإنسانية والبضائع الغذائية الواردة إلى اليمن، و26% من الواردات الغذائية تدخل عبر موانئ ومنافذ جوية وبرية خارج سيطرة الحوثي.

وذكرت اللجنة الدولية للتفتيش التابعة للأمم المتحدة في تقريرها أن نحو 75% من البضائع التي تدخل ميناء الحديدة عبارة مواد بناء وسيارات.

تحويل الميناء إلى منطقة عسكرية

وبين تقرير الأمم المتحدة حصل "نيوز يمن" على نسخة منه أن الحوثيين نشروا ألغاماً بحرية إيرانية ومحلية الصنع في البحر الأحمر، وتشكل هذه خطرا على النقل البحري التجاري وخطوط الاتصالات البحرية، ويمكن أن تظل لمدة تتراوح بين 6 سنوات و 10 سنوات، مهدِّدة بذلك تدفق الواردات إلى اليمن وطرق وصول المساعدات الإنسانية عبر موانئ البحر الأحمر.

رفع كلفة البضائع الواردة إلى اليمن

وأشار متخصصون في التأمين إلى أن هجمات الحوثيين ستؤدي إلى ارتفاع تكاليف التَّأمين بالنسبة لشركات الشَّحن، ما قد يدفع بعض الشركات إلى تحويل سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، وهو ما قد يؤثر سلباً على إيرادات قناة السويس.

وأكد خبير التأمين البحري، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن حرب اليمن منذ ثلاث سنوات انعكست سلباً على قطاع صناعة التأمين ورفعت أسعار التأمين على البضائع، وأن هجمات الحوثيين في الساحل الغربي لليمن تكشف عن انعدام الأمن البحري عبر موانئ البحر الأحمر. وأضاف: الهجمات الجديدة دفعت التأمين على الشحن التجاري إلى موانئ البحر الأحمر وخليج عدن، إلى ارتفاع أجور الشحن وتكلفة البضائع.

تسخير الميناء لصالح الميليشيا

جيرت ميليشيا الحوثي المسلحة، موانئ البحر الأحمر ميناء الصليف وميناء الحديدة إلى خدمة أجندتها، من خلال دخول الأسلحة، وتدمر التجار الحقيقيين،
والاستئثار بالموارد.

وتقدر الموارد التي يجنيها الحوثي من ميناء الحديدة بنحو مليار و700 مليون دولار تذهب لتمويل ميليشيا الحوثي، ولا تدفع رواتب الموظفين وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.

ويعمد الحوثيون إلى حجز سفن التجار وسفن المشتقات النفطية في الغاطس بميناء الحديدة لأشهر، والتي تؤدي حتما إلى أزمات متكررة في المشتقات النفطية في العاصمة صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرت الميليشيا، حتى يتنسى لهم بيع المشتقات النفطية بأسعار مرتفعة وتعود عليهم بالمليارات.

تعطيل أجهزة الرقابة والتفتيش

عملت ميليشيا الحوثي الانقلابية على تدمير وتعطيل الشركات الفاحصة والهيئة الوطنية للمواصفات والمقاييس وإدخال مواد مضرة للبيئة والإنسان،
والبنى التحتية.

وتفيد المعلومات بأن ميليشيا الحوثي تمنع الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة من فحص المشتقات النفطية قبل نزولها إلى السوق وفقاً لما يرد في القانون.

وفي ذات السياق يقول مصدر في الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة إن عملية الرقابة والفحص للواردات خاصة فيما يتعلق بالمشتقات النفطية باتت مسألة معقدة نتيجة تحجيم دور الهيئة.

استيراد مواد ملوثة

وتقول المعلومات إن ميليشيا الحوثي تقوم باستيراد مشتقات نفطية ملوثة بغاز كبريتيد الهيدروجين غير مطابقة للمواصفات لأن أسعارها متدنية، وتم توزيعها وبيعها في السوق المحلية، وهو أمر خطير للغاية، وسيترتب عليه أضراراً جسيمة على البيئة والآليات التي ستستخدم هذه المشتقات، ويؤثر على منشآت شركة النفط ويُعرضها للتآكل بصورة كبيرة.

وكالعادة، فإن هذه الميليشيا تعمل على تدمير مختلف مؤسسات الدولة وبنيتها التحتية، وتؤكد المعلومات أن مادة الديزل الملوث التي تستورده الميليشيا يقل سعره كثيراً عن الديزل النقي وفقاً لأسعار البورصة العالمية، وهو ما تهتم به الميليشيا كونها تسعى إلى كسب المال على حساب الوطن والمواطن، في حين أن هذا النوع من الديزل لم يعد يتم استخدامه في مختلف بلدان العالم.

ابتزاز التجار والمتاجرة بالمساعدات

يمارس الحوثي الابتزاز على التجار وتأخير بضائعهم، فيما يقدم التسهيلات للتجار التابعين للجماعة للسيطرة على السوق، وبات ميناء الحديدة يقدم خدماته لتجار يتبعون الجماعة على حساب التجار الحقيقيين ويضعون أمامهم العقبات والعراقيل.

وتعمل أغلب المنظمات الإنسانية والإغاثية الدولية في صنعاء، في الوقت الذي يحد الحوثيون من حركتها، ويستأثرون بالمساعدات لصالح أفرادها وبيعها في السوق.

عرقلة السفن التجارية والإغاثية

تمنع ميليشيا الحوثي المسلحة سفن إغاثة من دخول ميناء الحديدة، وتأخير دخول المواد اللازمة والإغاثية للبلاد، وتكررت شكاوى منظمات إغاثية من ممارسات ميليشيا الحوثي في وعرقلة حركة الشحنات والمواد الإغاثية ودخولها للبلاد.

وعمدت الميليشيا إلى إحراق مخازن للأغذية في ميناء الحديدة تتبع منظمة الأغذية العالمية، بغرض بيع البضائع التابعة لتاجر من أفراد الجماعة، ورفع الأسعار وإيجاد سوق سوداء في الحديدة وغيرها من المناطق اليمنية.

منافذ دخول الواردات الغذائية إلى اليمن حالياً

ممارسات ميليشيا الحوثي المسلحة دفعت التجار وخطوط الملاحة إلى نقل مسار بضائعهم إلى الموانئ التي تخضع لسيطرة الحكومة، والسلطات المحلية، وتعمل في اليمن 8 موانئ ومنافذ بحرية وبرية بديلا عن ميناء الحديدة والصليف الخاضع لسيطرة ميليشيا الحوثي وهي: عدن والمكلا ونشطون والشحر، بالإضافة للتدفقات عبر المنافذ البرية الحدودية في الوديعة والخضراء (على الحدود السعودية) والشحن وصرفيت (على الحدود العمانية) إضافة إلى ذلك الشحنات الجوية التي تمت عبر مأرب.

تسويق الميناء كقضية إنسانية

وتستخدم ميليشيا الحوثي المسلحة ميناء الحديدة كمنصة للأعمال القتالية، وتتخذه كدرع وقائي لارتباطه بمصالح الناس ومعيشتهم، وتسويقه بالشريان الوحيد يرتبط بمصالح المواطنين.

استغلال المنظمات الانسانية الدولية

وقال مهتمون إن ميليشيا الحوثي الايرانية تستغل المنظمات الدولة للترويج لميناء الحديدة، وكأنه الشريان الوحيد لليمن، ويصورون ميناء الحديدة أنه الميناء الوحيد لاستقبال البضائع والمساعدات بنسبة في الوقت الذي لم يعد الميناء يعمل بقدرته التشغيلية.
وأشاروا إلى أن هناك ضغطا من الحوثيين على المنظمات لاستمرار العمل من خلال ميناء الحديدة، كون مقرات غالبيتها في صنعاء.

وطالب مهتمون بالشأن الإنساني المنظمات أن تكون قريبة من أرض الواقع لتتعرف على الاحتياج الإنساني وتقيم مدى وصول المساعدات، والتحديات التي تواجهها.

ميناء متهالك

ويعاني ميناء الحديدة من ضعف البنية التحتية نتيجة للتدمير المتعمد من قبل ميلشيا الحوثي، وتعطيل مخصصات الصيانة والطوارئ، وتعرض لأعمال عسكرية
فقد 60% من قدراته التشغيلية في تناول وتخزين البضائع.

وتشير البيانات الملاحية تراجع نسبة دخول واردات اليمن الاستهلاكية عبر ميناءي الحديدة والصليف، إلى 20% أغلبها مساعدات إغاثية من المنظمات الدولية.

وتم مؤخراً تعزيز قدرة ميناء الحديدة بـ4 رافعات نقّالة الخاضع لسيطرة الحوثيين والتي سددت الولايات المتحدة ثمنها، وتبلغ قدرة الرافعات الجديدة تفريغ 66 طنا ستعزز بشكل كبير تفريغ شحنات المساعدات الإنسانية.