جرعات الدّيزل.. سلاح مليشيات الحوثي لتعذيب مزارعي طوق صنعاء

إقتصاد - Saturday 02 June 2018 الساعة 03:44 pm
مهدي العمراني، نيوزيمن، خاص:

على أحرّ من الجمر، ينتظر الحاج عبدالله حسين وهاس،(مديرية الحيمة، محافظة صنعاء) قيمة محصوله الزراعي النقدي من سلعة "الثّوم"، لتسديد ما تيسّر من ديونه المتراكمة على مزرعته جراء الجرعات السعرية المتتالية في مادة الدّيزل، والتي لا يبدو أنها ستتوقف عند سعر 7600 ريال للدبة سعة 20 لترا، وهو ما يعني اقتراب سعر برميل الديزل (استهلاك مزارعين) من الـ(80) ألف ريال، بزيادة تجاوزت الـ200%، وذلك منذ دخول مليشيا الحوثي صنعاء عام 2014م، تحت غطاء الاحتجاج على جرعة سعرية في ذات المادة أقرتها حكومة الوفاق الوطني حينها عند سعر 3900 ريال للدبة 20 لترا، في واحدة من اغرب مفارقات المشهد اليمني..!

إتاوات حوثية غير قانونية

انخفاض سعر الكيلو الثوم من 6000 ألف ريال، إلى 1000 ألف ريال، بفعل توقف عملية التسويق للمنتجات الزراعية والحصار الاقتصادي المفروض على اليمن، وجرعة مليشيا الحوثي السعرية المفروضة خلال اليومين الماضيين، وهى الجرعة السابعة للجماعة، مضافا الى ذلك ارتفاع أسعار الأسمدة وقطع غيار مولدات مياه الآبار الارتوازية، وتكاليف الإنتاج والنقل وقيمة البذور، وإتاوات مليشيا الحوثي، جميعها عوامل كارثية على المزارع عبدالله حسين وهاس، وآلاف المزارعين أمثاله في مديريات محافظات صنعاء وما تسمى مديريات ( طوق صنعاء).

يتحدّث العم عبدالله وهاس بلهجة تلقائية اليمني ابن الريف ، لمراسل" نيوز يمن"، متوقعا عجزه عن شراء بذور لمزرعته لزراعتها بعد هذه الكرّة، "قيمة المحصول ما عد تكفي مصاريف للأطفال، إذا بعت السيارة بـ150 ألف اين تسوقها للديزل أو السماد أو بذور.؟!". وقال بحرقة لافتة "يريدون زكاة عند الحصاد، وتحسين وضرائب عند نقل البضاعة، وضرائب وجمارك وزكاة في السوق، بنشقى للحوثيين ..!".

وعقاب جماعي لـ73% من السكان

ومثل الحاج عبدالله وهاس، يقف سعد صالح الهمداني، (مزارع من مديرية همدان)، أطراف سوق للمنتجات والتسويق الزراعية شمال صنعاء (سوق على محسن، حى النهضة)ـ يقف الهمداني ضارباً أخماساً في أسداس، عقب تلقيه نبأ جرعة الديزل الرمضانية الجديدة، قائلا "حسبنا الله ونعم الوكيل"، وفي حديثه الى مراسل "نيوز يمن" يشبّه المزارع الهمداني جرعة الديزل الرمضانية، وما سبقها من جرعات طوال 3 سنوات ماضية، بمثابة "حرب لا هوادة فيها"، وعقاب جماعي على آلاف المزارعين ومئات وملايين المواطنين المرتبطين بالنشاط الاقتصادي الزراعي في المحافظات الواقعة تحت سطوة مليشيا الحوثي، ويضيف "يا أخي احنا فرحنا بهم يخفضوا لنا جرعة الـ500 (3900 ريال للدبة 20 لترا) مش يزيدوا فوقها 4 الف ..!"

حزمة جرعات سعرية متتالية

لسنوات خالية بقي القطاع الزراعي محط اهتمام ورعاية الحكومات اليمنية المتعاقبة، باعتباره القطاع الإنتاجي الأول لسكان الريف اليمني، الذي يشكلون نسبة حوالي 73.5% من السكان، ترتبط معيشتهم بالزراعة بشكل مباشر ، من هنا كان اهتمام الحكومات المتعاقبة ورعايتها لهذه الشريحة الواسعة متجسدا في الإبقاء على سعر مادة الديزل عند الحدود الدنيا مقارنة حتى بسعر مادة البنزين، حتى هبت رياح ماعرف بالربيع العربي مطلع العام 2011، ليرتفع سعر الدبة الديزل حينها إلى 2000 ريال، وعام 2014م، قفز سعر دبة الديزل الى 3900 ريال، وتدريجيا تزايد سعر الديزل حتى وصل عام 2017م إلى 6500 ريال، للدبة الواحدة سعة 20 لترا، ليقفز السعر مطلع فبراير 2018م ، إلى 7000 ريال ، ثم 7600 ريال أواخر مايو الماضي.

إضرار مباشر بـ54% من القوى العاملة في اليمن

يعد القطاع الزراعي في اليمن عامل استقرار نسبي وعاملا محدا للهجرة الداخلية وعامل تقليص لمعدلات المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، ويسهم هذا القطاع بشكل مباشر في تخفيض نسبة الفقر والعوز الريفي، ويعول عليه إعالة مجتمع ريفي بكامله، وتوفير لقمة العيش، ومعادلة نسبة الاكتفاء الذاتي في البلد ككل وتوفير مخرجات تصديرية، وحتى القيام بإمداد خزانة الدولة بموارد مالية، ووفق تقارير رسمية يعمل في هذا القطاع أكثر من نصف قوة العمل في البلاد حوالي 54% من القوى العاملة، ويعتبر القطاع الأكثر استيعابا وتوفيرا لفرص العمل واحتواء للقوى العاملة في اليمن.

مصادرة موارد صندوق تشجيع المزارعين

من هنا كان اهتمام الحكومات اليمنية المتعاقبة لافتا بالقطاع الزراعي، ومن مظاهر ذلك الاهتمام، إنشاء صندوق تشجيع الإنتاج الزراعي والسمكي للمزارعين والصيادين، وتخصيص نسبة من مبيعات المشتقات النفطية لدعم برامج الصندوق التي تدعم المزارعين والصيادين باعتبارهم من أهم شرائح المجتمعات المحلية وأكثرها فعالية، قبل أن تأتي مليشيات الحوثي، وتستفرد بقرارات وزارة النفط عقب أحداث 2 ديسمبر 2017م، وتصادر موارد الصندوق ووظيفة شركة النفط برمّتها ..!