كارثة أكاديمية.. حروب الحوثي الطائفية "ثقافة وطنية" تُدرَّس بجامعة صنعاء

السياسية - Tuesday 10 July 2018 الساعة 09:57 pm
عبدالله أنعم، نيوزيمن، تقرير خاص:

تشهد جامعة صنعاء وجامعات حكومية أخرى، في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية، حالة من الانفلات التعليمي الإداري والتسيب الأكاديمي؛ نتيجة ممارسات المليشيا ومحاولتها تشييع الجامعات لتصبح بؤراً للتحشيد المذهبي والعسكري.

وسعى الحوثيون، منذ اللحظات الأولى لانقلابهم في العام 2014، إلى السيطرة على الجامعات والمؤسسات الأكاديمية لتتحول لاحقاً إلى مساحات لنشر فكر التشيع عبر الأنشطة والبرامج الموجهة للطلبة.

وتعمل المليشيا الحوثية على تغيير مسار التعليم في اليمن بكل مراحله، وذلك من خلال الاستحواذ على المقاعد الدراسية ومنحها لعناصرها، فضلاً عن محاولة طمس الهوية الوطنية الثقافية والدينية والاجتماعية.

حوثنة الكليات الجامعية المهمة

تفيد مصادر في جامعة صنعاء، أن مليشيا الحوثي استحوذت هذا العام والعام الماضي على غالبية مقاعد الطلاب في كليات الطب والهندسة والحاسوب ومنحتها لأتباعها.

وأعلنت جامعة صنعاء الخاضعة لسيطرة المليشيا الانقلابية، الأسبوع الماضي، أسماء الطلاب المقبولين لكلية الطب، وسط اتهامات بالاستحواذ على مقاعد الطلاب لصالح أتباع الجماعة.

وقالت المصادر لـ"نيوز يمن"، إن أكثر من 8 آلاف طالب وطالبة تقدموا لامتحانات القبول في كلية الطب بفروعها الصيدلة والمختبرات وتم قبول 150 فقط جلهم من الحوثيين.

إجازات مفتوحة وقرارات فصل

واضطر عدد من أساتذة جامعة صنعاء إلى تقديم إجازات مفتوحة، وهاجرت معظم الكوادر من هيئة التدريس نتيجة للممارسات الحوثية لتقوم الأخيرة بإصدار قرارات بفصلهم من مواقعهم بالكليات.

وأجبرت مليشيا الحوثي عددا كبيرا من الأكاديميين على ترك قاعات التدريس والمنصات الأكاديمية والتوجه إلى العمل في المهن التي يجيدونها لسد حاجاتهم وأسرهم الأساسية.

وخلال 4 أعوام من حرب المليشيات على اليمنيين هاجر عدد من الكوادر الأكاديمية بحثاً عن لقمة العيش، ومن بقي منها اتجهت للبحث عن مهنة تسد بها رمق أسرها بعد انقطاع المرتبات.

ويعيش أكاديميو الجامعات الحكومية في اليمن وضعاً إنسانياً صعباً، مع استمرار انقطاع الرواتب في ظل نهب الحوثيين لثروة البلاد وتسخيرها لتمويل حربهم العبثية، فيما المواطن يبحث عن أبسط حقوقه التي نهبها المتمردون.

وتعد جامعة صنعاء أكثر الجامعات التي استهدفتها المليشيا الحوثية وغيرت ملامحها الفكرية ونهجها الأكاديمي وسيطرت على مرافقها ومواقع صنع القرار فيها.

ولم تكتف المليشيا بذلك، بل فصلت عشرات الأكاديميين حيث اتخذت قرارات بفصل أكثر من 66 أكاديمياً من الجامعة والعشرات من الموظفين الإداريين بزعم الغياب الطويل وعدم ممارسة العمل خلال العامين الماضيين.

ويؤكد عضو في نقابة هيئة التدريس بجامعة صنعاء لـ"نيوز يمن"، أن مليشيات الحوثي لم تكتف بفصل الأكاديميين بل اعتقلت أكثر من 35 اكاديمياً خلال فترات متفاوتة على خلفية معارضتهم لها، في حين لا يزال 5 منهم في السجون الحوثية وآخرهم 7 من الأساتذة الجامعيين الذين اختطفتهم في نقطة نقيل يسلح بتهمة ذهابهم إلى عدن لاستلام رواتبهم من الحكومة الشرعية بعد أن قطعتها المليشيات منذ عامين.

ويشير إلى أن المليشيا قامت منذ سيطرتها على البلاد باستبدال قيادات الجامعة وعمداء الكليات بشخصيات شديدة الولاء لها، كما تم توظيف أكثر من 300 حوثي جديد لا يحملون أي شهادات أكاديمية في سبيل إحكام قبضتها على هذه المؤسسة الأكاديمية العريقة.

ولفت إلى أن المليشيا تستمر، وبشكل قبيح، في المضايقات لكل من يعترض على مساعيها تشييع الطلاب ودفعهم إلى جبهات القتال.

وفي جامعة ذمار فصلت الميليشيا 51 عضوًا من هيئة التدريس بالجامعة بحجة انقطاعهم عن العمل في حين عينت قياديين منهم في رئاسة الجامعة وعمادات الكليات بهدف تمرير مشاريعها الطائفية في الجامعة التي يقدر عدد طلابها بأكثر من 14 ألف طالب وطالبة.

تغيير المناهج الجامعية.. أيديولوجيا المليشيات

تعمل المليشيا الحوثية على تغيير في المناهج والمقررات الدراسية بالجامعات الحكومية واستحدثت مجموعة مواد تتحدث عن الحركة الحوثية كمقرر جامعي لكل الجامعات والكليات في مناطق سيطرتها منها مادة "الثقافة الوطنية" التي ضمت في فصولها الحديث عن الفكر الشيعي وأوكل أمر تدريسها لشخصيات حوثية من الفصيل العقائدي المتشدد.

ويؤكد طلاب جامعيون لـ"نيوزيمن"، أن مادة الثقافة الوطنية المفروضة لا تدرس من جانب أكاديميين وإنما من عناصر حوثية متشددة استقدمتهم الميليشيا من بعض المدارس.

ويضيفون، أن مادة الثقافة الوطنية تضم فصولا تتحدث عن منجزات الحركة الحوثية والحرب التي خاضها مؤسسها الصريع حسين الحوثي في محافظة صعدة شمال اليمن.

مناهج طائفية تحريضية

وأكدت مصادر خاصة لـ"نيوز يمن"، أن المليشيا الحوثية فرضت مادة "الصراع العربي الإسرائيلي" كمادة تدرس على كل كليات وفروع جامعة صنعاء وأوكلت تدريسها لعناصر من أتباعها.

وأقدمت مليشيا الحوثي الإيرانية على فرض تعديلات جوهرية على المقررات الدراسية بمختلف كليات جامعة صنعاء ما تسبب بقيام اتحاد الجامعات العربية بالتحذير من إلغاء الاعتراف بالجامعة.

وقالت مصادر أكاديمية بجامعة صنعاء، إن المليشيا قامت بإعادة صياغة مادة الثقافة الإسلامية في جامعة صنعاء، فيما استحدثت مقرراً جديداً أطلق عليه "الصراع العربي الإسرائيلي" وتُدرَس المادتان في جميع كليات الجامعة.

ومن ضمن المؤلفين للكتاب شخصان لا يحملان أي صفة أكاديمية، الأول هو مشرف الدائرة الثقافية للحوثيين يحيى قاسم أبو عوّاضة، وهو المسؤول عن جمع وإخراج ملازم حسين الحوثي. والثاني هو الحوثي عدنان أحمد الجنيد الذي كان أول من بادر بتبني الفكر الحوثي في محافظة تعز خلال فترة حروب صعدة.

واعتبر أكاديميون، أن هذا الكتاب إجمالاً مستنبط في أغلب مضمونه ومبني متنه على ملازم حسين الحوثي، بل إنه يعتبر ترجمة لها ويأتي في سياق توجهها ويمكن لأي متابع مقارنته بالدروس التي يلقيها (أبو عواضة) في قناة المسيرة التابعة للمليشيات.

ويركز المقرر الدراسي المضاف لمادة الثقافة الإسلامية على مهاجمة السعودية وترسيخ تسميتها "قرن الشيطان" وتأصيل هذه التسمية باعتبارها تسمية شرعية تاريخية والترويج لما تسمى الثقافة القرآنية التي يمكن تعريفها في أبسط مفهوم لها بأنها مضمون ملازم حسين الحوثي.

وعلق أحد الأكاديميين بجامعة صنعاء على التدخلات الحوثية في المناهج التعليمية بأنها كارثة بكل المقاييس، وإهانة للعقول الأكاديمية والطلابية، واعتبرها إيذاناً بانحطاط المناهج الأكاديمية إلى ذلك المستوى المتردي الذي يتجلى في الكتب الممسوخة عن الثقافة الإسلامية والمادة المسخ القائمة على مسمى الصراع العربي الإسرائيلي فيما هي مادة ذات أبعاد طائفية موجهة بشكل قذر لخدمة أجندات ميليشيات الحوثي وأربابها في إيران ولبنان.

وحذر أكاديميون من مغبة التمادي في التدخل الميليشاوي في شؤون جامعة صنعاء والجامعات الأخرى الخاضعة لسيطرة الحوثيين عبر مسخ المناهج التعليمية بتلك الطريقة المبتذلة، وأن ذلك سيضعف مخرجاتها وقد ينخفض مستواها أو يتم سحب الاعتراف بها من قبل الهيئات العربية كاتحاد الجامعات العربية، وبالتالي وضع مستقبل الجامعة العريقة ومخرجاتها في مهب الريح.

مؤلفات "طائفية" بمكتبة جامعة صنعاء المركزية

منذ أن سيطرت المليشيا الحوثية على مفاصل جامعة صنعاء بدأت باقتلاع جذور التعليم وعملت على مصادرة ونهب المكتبات الجامعية في الكليات ومنها المكتبة المركزية التي اختفت منها كل الكتب والمراجع العلمية والدينية واستبدلت بمناهج وكتب طائفية للشيعة.

وفي تصريح خاص لـ"نيوز يمن"، يقول باحث من مرتادي المكتبة المركزية بجامعة صنعاء، إنه وخلال 3 أعوام فقط اختفت معظم المراجع والكتب من المكتبة ولم يعد هناك سوى كتب ومراجع طائفية للفكر الاثني عشري الشيعي، وجلها طبعت في إيران.

ويضيف، أنه ومن خلال استفساراته من القائمين على المكتبة عن سبب خلو المكتبة من المراجع والكتب تبين أن الحوثيين صادروها.


كيانات حوثية بديلة لاتحادات الطلاب

وفي إطار سعيها إحكام السيطرة على الجامعات والمؤسسات التعليمية أقدمت المليشيا الحوثية الانقلابية على إلغاء اتحادات الطلاب وملاحقة ناشطي هذه الاتحادات أو استقطابهم في صفوفها، وعملت على إنشاء كيانات بديلة تابعة لها منها "ملتقى الطالب الجامعي" و"ملتقى الأكاديميين"، وجمعيات طلابية وروابط السكن الجامعي.

يقول فاروق، وهو طالب جامعي لـ"نيوز يمن"، إن أنشطة تلك الكيانات تتمثل في إقامة المهرجانات الطلابية وحفلات التوديع والأمسيات الطلابية والرحلات والبرامج الرياضية والثقافية القائمة أساسًا على الفكر الحوثي وتأطير الحراك الطلابي ضمن تلك الكيانات ونشر الأفكار والمعتقدات الحوثية ليسهل استقطاب الطلاب إلى الجبهات والعمل ضمن الميليشيات الحوثية.

وأشار إلى أن ما يسمى ملتقى الطالب الجامعي في جامعة صنعاء احتفى العام الماضي بمقتل 213 طالبًا من أعضائه الذين لقوا مصرعهم أثناء قتالهم في صفوف الميليشيات الحوثية.

وكانت جامعة ذمار الواقعة تحت سيطرة الحوثيين أعلنت أيضاً عن مقتل 112 طالبًا ممن استقطبتهم المليشيا للقتال في صفوفها منهم 72 طالًبا ينتمون إلى ما يسمى ملتقى الطالب الجامعي.

الجامعات مقرات لعمليات الحوثي العسكرية

وتقول مصادر مطلعة، إن المليشيا تتخذ من الجامعات مراكز ومقرات لفعالياتها واجتماعاتها الطائفية والعسكرية وتدير من خلالها عملياتها العسكرية.

وتؤكد المصادر، أن قاعات في جامعة صنعاء حولتها المليشيات إلى مقرات لاجتماع قادتها ومشرفيها وإدارة الكثير من عملياتها العسكرية، وتخضع تلك القاعات لإغلاق مستمر وحراسات أمنية تمنع الاقتراب منها.

وأشارت المصادر إلى أن المليشيا الحوثية الانقلابية اتخذت عددا من قاعات كلية الهندسة مكانا لاجتماع المشرفين وأعيان المليشيا، كما حولت بعض المرافق في رئاسة الجامعة وسكن الأكاديميين إلى سجون خفية يمنع الاقتراب منها.

وحول الحوثيون، قاعات الجامعات اليمنية في مناطق سيطرتهم إلى ساحات لإقامة احتفالاتهم الطائفية.

ويؤكد أكاديميون، أن خطرا كبيرا يتهدد الهوية اليمنية ببقاء مؤسسات التعليم في البلاد بأيدي مليشيا طائفية تحاول جاهدة لإسقاط عروبة وهوية اليمن الثقافية والدينية وتزرع بؤر تشيع ممنهج ستصبح نتائجه كارثية على اليمن واليمنيين.