الحوثيون.. نماذج بسيطة من كذبات كبرى

السياسية - Sunday 15 July 2018 الساعة 09:30 pm
فارس جميل، نيوزيمن، تقرير خاص:

قبل عيد الفطر نشرت مواقع الإعلام الحوثية، أن المشاط يحث المالية على بذل الجهود لصرف نصف راتب قبل العيد "إن أمكن"، هذه الـ"إن أمكن" توحي بصعوبة توفير نصف مرتب لموظفين يعملون بالسخرة في مناطق الحوثي منذ عامين.

بعدها بأيام حدثت واقعة (حسب متابعتي لم تتناولها أية وسيلة إعلام لشدة التعتيم عليها) استهداف طيران التحالف لشاحنتين كبيرتين كانتا تحملان مليارات الريالات أثناء محاولة الحوثيين إخراجهما من مخبئهما في منطقة الحفا العسكرية شرق العاصمة، وشاهد من أمكنهم الاطلاع بقايا الرزم المالية من فئة ألف ريال محترقة قرب الموقع، قبل أن يمنع الحوثيون أي اقتراب من مكان القصف حتى على أولئك الذين يسمح لهم بدخول المكان عادة، إلا بعد تنظيف آثار الأوراق النقدية.

في الواقعة الأخرى التي نقلتها بعض وسائل الإعلام بحكم وقوعها في حي سكني كانت قصف إحدى الفلل جوار سوبر ماركت الجندول بحدة، وكان البيدروم (تحت الأرض) مليئا بالأوراق المالية من فئة ألف ريال أيضا.

بين الواقعتين إصدار الحوثيين توجيهات صارمة إلى كل الصرافين وأصحاب محطات الوقود بمنع تداول العملة الجديدة من فئتي ألف وخمسمائة ريال، ومصادرة عشرات الملايين من الصرافين بعد حملات مداهمة لمحلاتهم.

إن من يعاني من أزمة سيولة نقدية لا يمكن أن يقوم بمصادرة تلك السيولة من الأسواق لأي سبب، إلا إذا كانت الأزمة مفتعلة والعملة موجودة فعلا ولكن ليست متاحة للمواطن، بل واقعة تحت قبضة الميليشيا ومشرفيها.

للقارئ أن يتخيل حجم المبلغ المالي الهائل الذي يستوعبه دور كامل تحت الأرض في فيلا حدة، أو حجم ما يمكن لشاحنتين كبيرتين حمله من الأموال، وبعدها يمكنه مقارنة ذلك مع توجيهات المشاط المذيلة بـ"إن أمكن" ليكتشف حجم التضليل والكذب الذي يمارسه الحوثيون على المواطن والموظف المقهور المجبر على الدوام دون أي التزام مالي.

قبل أسابيع عند مهاجمة السجن المركزي بالحديدة وإطلاق النار على السجناء الذين رفضوا نقلهم إلى أمكان أخرى لا يعلمونها، قد تكون جبهات الموت في الساحل الغربي، وحرمان الحوثيين للسجناء من الأكل والشرب لأنهم رفضوا أوامر الانتقال، قال موقع 26 سبتمبر الواقع تحت سلطة الحوثيين بصنعاء إنه تم الإفراج عن 57 سجينا منهم 22 معسرا دفع عنهم فاعل خير.

وهناك كذبات سخيفة تثير السخرية، ففي 14 يونيو الماضي نشر موقع سبتمبر نت ذاته خبرا يقول إن المشاط "يهنئ قادة الدول العربية والإسلامية بحلول عيد الفطر"،
هل هناك دولة واحدة حول العالم اعترفت بسلطة المشاط ليرسل له برقية تهنئة بالعيد يا عالم؟!

هناك خبر آخر نشر الأربعاء الماضي عن إقرار مجلس النواب لتقرير لجنة التنمية والنفط بشأن النزول للموانئ والمنافذ البرية.

هل هناك برلمان لا زال يعقد جلساته بنصاب مكتمل بصنعاء؟
ليكن ربما حضر برلمانيون قليلون، لا مشكلة، لكن هل هناك فعلا منافذ برية واقعة تحت سلطة الحوثيين مع السعودية أو سلطنة عمان حاليا؟!

استغلالاً لمأساة المغتربين اليمنيين المرحلين من السعودية قال موقع سبتمبر المبجل إن "مصلحة الجمارك توجه بإعفاء المرحلين اليمنيين من السعودية من الرسوم الجمركية على أمتعتهم الشخصية".
حسنا نفس التوجيهات أصدرها هادي قبل أشهر، لكن الخبرين كاذبان.

ببساطة هناك بنود قانونية خاصة ونافذة تعفي المغتربين العائدين بشكل جماعي من دفع أية رسوم جمركية على أمتعتهم، وتعفيهم أيضا من 85% من جمارك سياراتهم.
القانون ذاته يجرم إخضاع السلع الواردة إلى اليمن للرسوم الجمركية مرتين كما يفعل الحوثيون اليوم، ولو كانت مصلحة الجمارك الواقعة تحت قبضة الحوثيين متعاطفة مع اليمنيين فعلا كان يمكنها فقط إيقاف عمليات نهبهم وإخضاعهم لدفع الرسوم الجمركية في نقاط ذمار ودمت أو عمران !!

الحقيقة أن هناك أخبارا كثيرة من هذا النوع الظريف، وكلها من موقع واحد (26 سبتمبر نت) وخدمة سبتمبر موبايل التابعة له، أما وكالة سبأ والمسيرة وأمثالها فكذباتها قد تسبب للقارئ ارتفاعا مفاجئا في ضغط الدم، ولهذا اخترنا كذبات خفيفة تساعده على الضحك، وتذكره بنعمة العقل.

قبل أيام نشر الموقع الموقر ذاته خبرا يقول إن قائد المنطقة الرابعة ناقش مع محافظي (تعز وعدن والضالع ولحج) مهام "التعبئة العامة والاستدعاء".
هناك خيال واسع لدى هؤلاء، فمحافظ عدن الذي لا يستطيع الاقتراب من ترابها ويسكن في رعاية الميليشيا بصنعاء، ومثله محافظا الضالع ولحج.

عبده الجندي محافظ تعز لا زال قادرا على زيارة بعض قرى تعز فعلا، لكن هل لا زال قادرا على حشد مقاتلين من تعز لقتل مواطنين من تعز أيضا؟!
لو كان قادرا على ذلك لما حنى هامته لتقبيل قدم جريح حوثي قبل رأسه، ولما اتهمه الحوثيون بالتقاعس عن الحشد فخاف على حياته وأدى مسرحية تقبيل القدم الحوثية أمام الكاميرا !!
هل يمكن تنفيذ مهام "التعبئة العامة والاستدعاء" من أي قبو في صنعاء بالنسبة لمحافظين لا يستطيعون زيارة محافظاتهم تحت أي ظرف ؟!!
قد تكون مهارات سيد الكهف انتقلت بالعدوى، ربما من يدري !! 
هناك مثل شعبي يقول "ما للكذاب إلا شفقة المستمع"، فاليمني صبور على استماع أي كذاب في مجلس عام ولا يقوم بإحراجه وفضحه، وهذه هي الشفقة التي يمنحها للكذاب لأسباب اجتماعية، لكن الكذب الجماعي يستحق التشهير، والحوثيون كميليشيا دينية سياسية يمارسون اليوم من الكذب في ذكرى صرختهم التي ملأت لافتاتها الشوارع يمارسون أعلى وأوقح درجات الكذب الجماعي، ولهذا الموضوع عودة خاصة به.