بالأمس خيانة واليوم سياسة.. حُمّى مبادرات "كلامية استجدائية" تجتاح مليشيا الحوثي

السياسية - Sunday 22 July 2018 الساعة 10:06 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

قبل عام واحد، بالتمام والكمال، كان الحديث عن رقابة أممية على كافة الموانئ والمنافذ البرية والموانئ البحرية والمطارات الجوية في اليمن، مقابل تحصيل الإيرادات لجهة ضمان صرف مرتبات موظفي الدولة، في إطار رؤية دستورية قانونية شاملة تضمنت إيقافاً كلياً للحرب وكافة الأعمال العسكرية، ورفع الحصار البري والبحري والجوي المفروض على اليمن، كان مجرّد الحديث عن هذه المصطلحات، يواجه بجملة من تهم التخوين وأقاويل الازدراء، وحملات التهكم التي يطلقها أنصار الحوثي، ومن يفترض أنهم (ساسة) مليشيا الحوثي، تجاه مؤيدي مبادرة مجلس النواب - حينها- بمن في ذلك شركاؤهم في التحالف السياسي من قيادات وأعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام..!

استجداء ما تيسر من مبادرات الأمس

المبادرة السياسية التي أقرها وأطلقها مجلس النواب في الـ(22) من يوليو العام الماضي 2017م، انطلاقاً من مسئوليته الوطنية تجاه الشعب اليمني بكافة أطيافه السياسية وباعتباره يمثل جميع أبناء اليمن في الداخل والخارج، اتهمت مليشيا الحوثي، حينها، مجلس النواب وحزب المؤتمر الشعبي بالانبطاح والانهزامية والخيانة، فيما هي اليوم - وبعد مرور عام واحد على تلك المبادرة- تستجدي ما تيسّر من بنود تلك المبادرة، دونما ضمانات تذكر أو إطار شرعي قانوني لتحقيقها، ولا تجد حتى آذان صاغية لها..!

تسليم ميناء الحديدة مقابل إيقاف الهجوم عليها..!

اليوم يعلن زعيم متمردي الحوثيين، عبدالملك الحوثي، استعداد مليشياته تسليم ميناء الحديدة إلى الأمم المتحدة، مقابل إيقاف القوات اليمنية المشتركة المدعومة من التحالف هجومها على المدينة. وقال الحوثي، في مقابلته مع صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، "أخبرنا مبعوث الأمم المتحدة، مارتن غريفيث، أننا لا نرفض إشراف الأمم المتحدة على الميناء، ولكن بشرط أن يتوقف العدوان ضد الحديدة"، في حين كانت مبادرة مجلس النواب أكدت في هذه الجزئية تحديداً "على دعوة الأمم المتحدة إلى وضع آلية مناسبة لمراقبة سير العمل في كافة المنافذ البرية والموانئ البحرية والمطارات الجوية في أنحاء الجمهورية اليمنية دون استثناء.. لضمان تحصيل إيراداتها إلى البنك المركزي اليمني وبما يكفل مواجهة كافة الالتزامات الحكومية من صرف مرتبات موظفي الدولة وتوفير المواد الغذائية والدوائية ومواجهة شبح الأوبئة القاتلة التي تفتك بأبناء الشعب اليمني في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية".

مصادرة إيرادات الدولة وتعطيل البنك المركزي

انقلب الحوثي على شركائه في "المجلس السياسي" بصنعاء، واتفاق تشكيل حكومة بن حبتور، وهو الاتفاق الذي قضى بالعمل بالدستور والقوانين في مؤسسات الدولة، ومن ذلك إعادة تحصيل إيرادات الدولة إلى أوعيتها الرسمية، وصولا إلى البنك المركزي اليمني، وبما يضمن اعتماد وإقرار موازنة تشغيلية للدولة، تضمن هي الأخرى ديمومة صرف مرتبات موظفي الدولة، فيما هو اليوم يستجدي علناً ولا يمانع "من جمع إيرادات الموانئ بما فيها ميناء الحديدة وإيرادات النفط والغاز في مأرب وشبوة وحضرموت وتخصيصها للمرتبات بإشراف أممي..".

استجداء الصين

اليوم، وبالتزامن مع تضييق الخناق عليها في عدد من الجبهات والمحاور العسكرية، تستجدي مليشيا الحوثي الصين وروسيا وفرنسا، للقيام بدور في وقف الحرب، والعمل على ‏إنجاز تسوية سياسية عادلة وشاملة تحقق تطلعات الشعب اليمني وتضمن الأمن والاستقرار في ‏اليمن والمنطقة برمتها، وفي هذا الصدد بعث رئيس ما يسمى "المجلس السياسي" للمليشيا مهدي المشاط، رسائل استجدائية تبحث عن تسوية سياسية، إلى الرئيس ‏الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جي بينغ، معبراً عن أمله في اضطلاع روسيا والصين بدور سياسي هام ورائد في دعم جهود السلام في اليمن والمنطقة وبذل مساعيهما في وقف العدوان وفك الحصار، والعمل على إنجاز تسوية سياسية عادلة وشاملة تحقق تطلعات الشعب اليمني وتضمن الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة برمتها.

..ودعوة روسيا للتدخل

ويعتقد رئيس مليشيا الحوثي أن باستطاعته اللعب باحترافية في ساحة مصالح وصراعات الدول الكبرى في المنطقة، ملمحاً لروسيا، بأنّ سقوط الحديدة من قبضته، سيعني وفقاً لمفهومية الحوثي "مؤامرة تُحاك لليمن ولدول المنطقة، لإحكام السيطرة على الجزر والمنافذ والممرات البحرية الحيوية في العالم، وتحويل البحر الأحمر إلى بحيرة أمريكية بامتياز يمكن من خلالها التحكم في جزء من حركة التجارة العالمية وخطوط نقل الطاقة"..! فيما يعد دعوة ضمنة لروسيا للتدخل العسكري المباشر في المنطقة واحتلال جزء من السواحل والمياه الإقليمية لليمن.

إقصاء شركاء وحديث عن حكومة شراكة

رئيس ما يسمى لجنة المليشيا الحوثية، محمد على الحوثي، أبدى هو الآخر حرصه على السلام، خلال لقاء جمعه بالسفير الفرنسي بصنعاء، الحوثي الذي انقلب على شريكه الوحيد في مواجهة تحالف الخارج، وعطل وظيفة مجلس النواب ولجنة الانتخابات وأقصى شركاءه واستقدم غير مؤهلين للعبث بمؤسسات الدولة، كشف للسفير الفرنسي "أنه تم تقديم مبادرات كثيرة تضمنت حلولاً واقعية كتشكيل حكومة شراكة ووحدة وطنية من التكنوقراط، وإجراء انتخابات رئاسية وانتخابات برلمانية ومصالحة وطنية وعدالة انتقالية وجبر الضرر". متهماً في نفس الوقت السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا بعرقلة مسار الخطوات الإيجابية التي يقوم بها المبعوث الأممي..

وكانت مبادرة مجلس النواب التي رفضتها مليشيا الحوثي العام الماضي، تضمنت دعوة مجلس الأمن إلى أن يضطلع بدوره الإنساني والقانوني بشأن إلغاء كافة القرارات والإجراءات التي اتخذت خلال الفترة الماضية وأدت وتؤدي إلى تمزيق وتشتيت اللحمة الوطنية، وعدم الاستقرار الغذائي والصحي، وتمزيق وحدة الوطن، وتشتيت الإيرادات العامة للدولة، وكذا دعوة الأطراف المعنية إلى حوار بناء وشامل بدون شروط مسبقة وبإشراف دولي وصولاً إلى حل سياسي عادل يضمن تحقيق السلام والاستقرار لليمن والمنطقة والوصول إلى شراكة وطنية وسياسية حقة..