من جرعة الديزل إلى الكهرباء.. مليشيات الحوثي فساد ونهب بطرق متعددة

السياسية - Monday 13 August 2018 الساعة 07:32 pm
سمير الصنعاني، نيوزيمن، تقرير خاص:

تسببت الزيادات التي فرضتها مليشيات الحوثية على أسعار المشتقات النفطية في العاصمة صنعاء في ارتفاع أسعار السلع والمواد الاستهلاكية بشكل كبير بحجة ارتفاع أجور النقل، كما يقول التجار.

وفي سياق ذي صلة، أدت الزيادة في أسعار مادة الديزل إلى رفع تعرفة الكهرباء على المستهلكين من قبل شركات توليد الطاقة الكهربائية في العاصمة صنعاء.

وتؤكد مصادر في وزارة الكهرباء في العاصمة صنعاء لـ(نيوزيمن) أن الزيادات التي فرضت من قبل شركات توليد الطاقة الكهربائية لا تعود إلى ارتفاع أسعار مادة الديزل فحسب، بل إلى كونها عملية فساد ونهب وسرقة تقوم بها قيادات المليشيات الحوثية التي تملك وتدير معظم شركات توليد الطاقة الكهربائية المحلية في العاصمة.

المليشيات.. من إيقاف الكهرباء إلى استثمارها

ومنذ إسقاط المليشيات الحوثية للعاصمة صنعاء وسيطرتها على مؤسسات الدولة، توقفت محطة كهرباء مأرب الغازية التي تعد المزود الرئيس للطاقة الكهربائية في اليمن عن العمل، وهو ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن كل محافظات الجمهورية، واضطرار الناس للحصول على التيار الكهربائي عبر بدائل سواءً عبر مولدات خاصة أو باللجوء إلى الطاقة البديلة (الطاقة الشمسية) التي شهدت توسعا غير مسبوق في الأعوام الثلاثة الأخيرة.

التوسع الكبير في الاعتماد على (الطاقة الشمسية) لم يكن كافياً لإنهاء الحاجة إلى الطاقة الكهربائية خصوصاً لدى المستشفيات بشقيها الحكومي والخاص، والقطاع التجاري، والمؤسسات الاستثمارية، وهو الأمر الذي أدى إلى ظهور شركات محلية داخل العاصمة صنعاء تقوم بتوليد الطاقة الكهربائية وبيعها للمستهلكين بمقابل مادي مستخدمة مولدات كهربائية تعمل بالديزل.

وتقول المصادر لـ(نيوزيمن)، إن مليشيات الحوثي استغلت سيطرتها على مؤسسات الدولة في إنشاء شركات كهرباء استثمارية تقوم بتوليد الطاقة وبيعها للناس من خلال نهبها لمولدات ضخمة كانت مملوكة لمؤسسات الدولة وبالأخص للمؤسسة العسكرية والأمنية التي تم نهب مولداتها الكهربائية سواء من المعسكرات أو من الوزارات والمؤسسات التابعة لها وتمليكها لأشخاص وقيادات تابعة للمليشيا استخدموها في إنشاء شركات توليد وبيع الكهرباء للناس.

تضيف المصادر: إن استغلال المليشيا لم يقف عند ذلك فقد عمدت شركات توليد الكهرباء التابعة لقياداتها إلى استخدام البنية التحتية المتمثلة في الشبكة الكهربائية في العاصمة لإيصال التيار الكهربائي للمستهلكين سواء أكان للمواطنين أو للقطاع الخاص والتجاري والشركات الاستثمارية وغيرها وفي الوقت نفسه عدم الاعتماد على العدادات السابقة، بل ربط عدادات تجارية جديدة للمستهلكين بمقابل يصل إلى 20 ألف ريال للعداد الواحد، ناهيك عن الاعتماد على مهندسي وزارة الكهرباء في العمل لدى هذه الشركات في ظل توقف وزارة ومؤسسة الكهرباء عن العمل وانقطاع مرتبات موظفيها، وهو ما سهل سرعة نشوء وعمل هذه الشركات وتحولها إلى شركات استثمارية تدر دخلا ماليا كبيرا على أصحابها ومعظمهم من قيادات المليشيات الحوثية أو موالين لها.

وحسب المصادر، فإن قيادات المليشيات الحوثية التي تستثمر في مجال شركات توليد الكهرباء في العاصمة تعمدت التلاعب بحصص المشتقات النفطية (الديزل) المعتمدة لبعض المؤسسات الحكومية والخاصة كالمستشفيات والمراكز الصحية والأفران وقطاع المياه ونهبها لصالح هذه الشركات، قبل أن تلجأ إلى رفع أسعار المشتقات النفطية ومنها الديزل وإيجاد مبرر أمام هذه الشركات لرفع رسوم التيار الكهربائي على المستهلكين، وهو الأمر الذي يدر على هذه المليشيات ملايين الدولارات.

وعمدت قيادات المليشيات الحوثية التي تملك وتدير هذه الشركات إلى توزيع مديريات وأحياء العاصمة صنعاء إلى مربعات مقسمة، حيث منح لكل شركة من شركات توليد الكهرباء لوحدها حق تزويد المستهلكين في هذه المربعات بالتيار، وهو ما أسهم في فرض عملية الاحتكار وتقليل فرص التنافس وتهيئة الأرضية الملائمة لرفع الأسعار من قبل الشركات دون حسيب أو رقيب.

رفع أسعار الكهرباء... أعباء جديدة وفساد مختلف

وقال مواطنون وأصحاب محلات تجارية يقطنون في العاصمة صنعاء لـ(نيوزيمن): إن شركات توليد الطاقة الكهربائية التي تزود المواطنين والقطاع الخاص والمحلات التجارية والمستشفيات بالتيار الكهربائي أبلغتهم خلال اليومين الماضيين أنها سترفع سعر (الكيلووات) ابتداءً من شهر أغسطس الجاري.

ويقول أبو محمد، وهو صاحب محل تجاري لنيوزيمن: إنه تلقى رسالة من الشركة التي تزوده بالتيار الكهربائي تبلغه فيها أنها قررت رفع سعر تعرفة الكيلووات دون تحديد مبلغ الرفع، مبررة ذلك بسبب ارتفاع أسعار مادة الديزل التي تعتمد عليها المولدات التي تستخدمها هذه الشركات في توليد الطاقة الكهربائية وبيعها للمستهلكين.

وعلى ذات المنوال يقول علي أحمد، وهو موظف في إحدى شركات القطاع الخاص ويسكن في شقة مؤجرة، إنه يتزود بالتيار الكهربائي من إحدى شركات توليد الطاقة المحلية وإنه تم إبلاغه برفع أسعار الاستهلاك دون سابق إنذار وبحجة ارتفاع أسعار مادة الديزل.

ويضيف، رغم أنني أحصل على مرتب من الشركة التي أعمل بها، لكن هذا المرتب لم يعد كافياً لمواجهة الأعباء المالية المتضاعفة والمتزايدة والتي تشمل، تسديد إيجارات السكن، والأكل والملبس والأدوية وأجور المواصلات ومتطلبات المدارس، وفوق هذا تسديد أسعار الحصول على التيار الكهربائي.

أحد المدراء في مستشفى خاص يشير إلى أن المستشفى يحصل على الطاقة الكهربائية من مصدرين الأول هو مولدات خاصة به تعمل بالديزل، والثاني هو شركات توليد الكهرباء، وذلك لضمان استمرار التيار الكهربائي على مدار الساعة.

وحسب ذلك المسؤول، فإن رفع المليشيات الحوثية لأسعار مادة الديزل ورفع شركات توليد الكهرباء لأسعار تعرفة الاستهلاك تضيف أعباء إضافية على المستشفى الذي يضطر إلى تعويض تلك الأموال بفرض زيادات في أسعار الخدمات الطبية المقدمة للمرضى سواء أسعار المعاينة أو الفحوصات الطبية أو الأشعة أو العمليات التي تتم للمرضى.


ويشكو المستهلكون للتيار الكهربائي من قيام شركات توليد الطاقة الكهربائية المحلية في العاصمة صنعاء، ليس فقط من عمليات رفع أسعار التعرفة والتي تزيد عن الـ(200) ريال للكيلووات الواحد، بل ومن عمليات الابتزاز والاستغلال التي تمارسها هذه الشركات بحق المستهلكين سواء من خلال فرض رسوم تحت مسمى خدمات تصل إلى (1500) ريال أو أكثر في بعض الأحيان ويكون لزاما على المستهلك دفعها للشركة بغض النظر عن استخدامه للكهرباء أو لا، فضلا عن رسوم إضافية يدفعها في حال تم فصل التيار عنه بسبب تأخره في سداد قيمة فواتير الكهرباء التي تختلف عملية تحصيلها من قبل الشركات العاملة في العاصمة، حيث تقوم بعضها بتحصيلها كل عشرة أيام وبعضها كل نصف شهر وبعضها تتحصلها نهاية كل شهر.

ويعلق أحد المواطنين على عمليات الفساد التي تتم في مجال الكهرباء وشركات توليدها بالقول: إن هذا النوع من الفساد الذي تمارسه مليشيات الحوثي لا يختلف عن غيره من مظاهر الفساد والنهب الذي يشمل كل شيء في حياتنا، وأعتقد أنه سيستمر وسيتوسع طالما وأن الشعب يواصل سكوته على ما يجري من فساد ونهب وسرقة غير مسبوقة لن تنتهي إلا حين تجد هذه المليشيات ثورة شعبية ضد ممارساتها العنصرية ومصادراتها لحريات الناس ونهبها وسرقتها لحقوقهم وأرزاقهم وأموالهم بدون حق وباستخدام القوة والعنف.