عيد اليمنيين في زمن الحوثي.. وحش بلا قلب (2-2)

المخا تهامة - Friday 17 August 2018 الساعة 07:40 pm
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

تستقبل اليمن عيداً بائساً آخرَ في عهد المليشيا الحوثية، وسط ظروف إنسانية ومعيشية قاسية لمليون ومائتي ألف موظف يعملون في القطاع الحكومي ويعيلون نحو 7 ملايين شخص، حيث يمر على بعضهم العام الثاني دون مرتباتهم التي منعت المليشيات صرفها.

ويعيش الموظفون وأطفالهم وأسرهم في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي ظروفاً صعبة، وسط شحة في الغذاء وانتشار للأمراض، فضلاً عن حرمانهم من كساء ومتطلبات العيد مع اقتراب قدوم عيد الأضحى المبارك.

ومنذ عامين انقطعت رواتب الموظفين اليمنيين عقب نقل الحكومة الشرعية البنك المركزي إلى عدن ليقع موظفو القطاع العام بين فكي تنصل الانقلابيين وعجز الحكومة الشرعية.

"ناظم" موظف في وزارة التعليم العالي بصنعاء الواقعة تحت سلطة المليشيات ولديه 6 أطفال يقول لـ"نيوزيمن" إنهم لم يعودوا فرحين باستقبال العيد وسيكون من المؤلم له أن يرى أطفاله دون ملابس جديدة وألعاب.

وتتساءل سهام، وهي ممرضة في إحد المستشفيات الحكومية:"أي عيد هذا الذي يأتي وسط ارتفاع الأسعار وتوقف المرتبات ونحن أربع سنوات في هذه المعاناة ولا يحس بنا أحد؟".

وتضيف: "نحاول أن نوفر الأشياء الأساسية التي أصبح الحصول عليها انتصارا كبيرا لنا لنبقى على قيد الحياة، فلم يعد لدينا متسع من الطموح في الحصول على أشياء العيد".

وأجبرت الظروف المعيشية الصعبة التي يعانيها عبدالخالق صلاح، جراء انقطاع مرتبه منذ عامين، العمل بالأجر اليومي ليوفر قوت يومه لأسرته، لكنه عاجز عن شراء احتياجات العيد.

وأكد "صلاح" في حديثه لـ"نيوزيمن"، أن ارتفاع أسعار الملابس والمكسرات بشكل جنوني أجبره على العودة لمنزله خالي اليدين دون أن يتمكن من شراء كسوة العيد لأطفاله.

وعن أضحية العيد يشير إلى أنه لم يعد هناك من يطمح للحصول على أضحية وأن كثيراً من المواطنين لم يعودوا يفكرون بعد أن أصبحت من المستحيلات في ظل واقع مأساوي يعيشونه يحاولون فيه توفير أساسيات الحياة.

يغيب عن الجميع تلك الفئة الكبيرة من الشعب الذين فقدوا أعمالهم بسبب الحرب التي شنتها مليشيات الانقلاب بينما يقفون بعيداً عن الأضواء يقتاتون الصبر والصمت.

ويؤكد الناشط الحقوقي إحسان عبدالقوي في حديثه لـ"نيوزيمن"، أن الموظف وغير الموظف باتوا بمستوى واحد كلاهما يبحث عن عمل وأي مصدر رزق يسد به حاجته وحاجة عائلته، فضلاً عن مشاكل صحية ونفسية واجتماعية داهمت جموع الشعب.

وأشار إلى أن التكافل الاجتماعي بين اليمنيين بشكل عام وبين أفراد العائلة بشكل خاص يخفف من المعاناة ويغطي جانبا كبيرا من الاحتياج الشديد، حيث إن بعض الأفراد إما مغتربون أو أنهم يعملون في بعض شركات القطاع الخاص التي بقت تحت وطأة المليشيات الحوثية.

المليشيات تقطع أوصال الأرحام

في معاناة أخرى، حرمت المليشيات الانقلابية آلاف اليمنيين من قضاء إجازة العيد مع أهلهم وذويهم وحرمتهم من صلة الرحم، حيث نزح الآلاف من اليمنيين من مناطق سيطرة الحوثيين إلى المحافظات الأخرى التي لا تزال تتمتع بقليل من الخدمات وتتوفر فيها فرص العمل.

ولم يعد لدى هؤلاء عزم العودة أو مجرد زيارة ذويهم كونهم سيمرون عبر نقاط التفتيش التي يقيمها مسلحو الحوثي ويخافون من الانتقام.
وأغلقت المليشيات وحربها المستمرة منذ 4 سنوات الطرق الرئيسية بين المحافظات الشمالية والمحافظات الأخرى لتباعد بالاسفار بين اليمنيين.

إنه العيد الخامس الذي سيمر على الأربعيني "سمير فرحان" بعيداً عن أسرته التي تعيش في "إب" وسط البلاد في حين سيضطر مجبرا لقضائه في مدينة مأرب.

"فرحان" الذي انتقل بمفرده إلى "مأرب" من أجل العمل هناك تاركا زوجته و4 أبناء يخشى اليوم العودة لمجرد قضاء العيد بين أفراد أسرته فربما يصطدم بنقطة تفتيش للحوثيين وتهمة بالانتماء إلى الجيش والمقاومة التي باتت جاهزة للمارين عبر نقاط التفتيش وهو ما يعني اعتقاله أو حتى قتله بحسب قوله.

يفصح "فرحان" لـ"نيوز يمن" عن أمنياته بقضاء العيد بين عائلته لكنه يفضل البقاء في مأرب مرغما واكتفى بإرسال مبلغ مالي لأسرته ومعايدتهم عبر الهاتف لأنه يخشى أن يحتجزه الحوثيون أثناء سفره إلى مدينته كما حدث معه العام الماضي.

لا عيد سعيد مع الانقلابيين

غيبت الحرب وعبث المليشيا بلون وبهجة الأعياد فيما يحاول بعض اليمنيين تجاوز الواقع المؤلم لترى بعض الحركة في الشوارع والأسواق لكنك ترى من يدخلون هذه الأسواق يخرجون منها كما دخلوها بسبب عدم توافر المال وضعف القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار.

الناشط الاعلامي مفيد أحمد يؤكد لـ"نيوزيمن" أن شحوب يعلو وجه صنعاء وقاطنيها في عيد يتمنون فيه أن يشعروا بقليل من السعادة فيفرح أطفالهم كبقية أطفال العالم في هذا اليوم ولكن يبدو أن لا فرحة مكتملة ولا عيداً سعيداً في هذه البلاد إلا حين يكسر الإنقلاب وتتحرر صنعاء وبقية المناطق تحت سيطرة المليشيات.

اقرأ ايضا:

عيد اليمنيين في زمن الحوثي.. وحش بلا قلب (1-2)