عيد اليمنيين في زمن الحوثي.. وحش بلا قلب (1-2)

المخا تهامة - Wednesday 15 August 2018 الساعة 09:33 pm
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

ملامح عيد أضحى حزين لليمنيين، للعام الرابع على التوالي، تقرأها في تفاصيل وجه طفل تبدو عليه علامات الحزن وهو يسمع المارة يتحدثون عن العيد ويتساءل عن أي عيد سيأتي بلا فرحة بلبس جديد أو أب غاب ولم يستطع العودة أو عجز عن توفير لقمة العيش.

(العيد عيد العافية) العبارة التي صارت أكثر تداولاً وحقيقة أمام اليمنيين، ومعها تمر ملامح العيد كمناسبة دينية لا حضور للفرح فيها في صنعاء ومناطق تحت سيطرة المليشيات ومن فيها من النازحين وغيرهم.

وتزداد معاناة أكثر من 80% من السكان في ظل ارتفاع الأسعار وانهيار الوضع الاقتصادي، خصوصاً في المناسبات الدينية كعيد الأضحى المبارك الذي يحل وسط ظروف معيشية وإنسانية صعبة لأكثر من ثلثي سكان البلاد.

وفاقمت ممارسات الحوثيين والحرب، الأوضاع الإنسانية في البلاد بشكل مخيف، مع تفشي الأوبئة والأمراض كوباء الكوليرا الذي بات يمثل خطراً حقيقياً على حياة اليمنيين.

وخلال سنوات الحرب الأربع، يظهر تباعاً الثراء الفاحش على قيادات الميليشيات ومشرفيها الذين جاءوا حفاة ومعدمين ليكون العيد لهم دون اليمنيين.

عزوف عن ملامح العيد

يعود عيد اليمنيين للعام الرابع من الانقلاب الحوثي ومازالت أولوياتهم الحصول على أساسيات الحياة، مقابل عزوف الغالبية منهم عن شراء ملابس العيد، مكتفين بتلك التي اشتروها في عيد سابق، لتبدو الأسواق في العاصمة اليمنية صنعاء شبه خالية من المتسوقين.

يقول ردفان المحمدي، من سكان صنعاء لـ"نيوزيمن": "لن يكون عيد الأضحى المبارك مختلفاً عن بقية الأيام، فكل الأيام غدت متساوية بالنسبة لليمنيين، حيث ينحصر الهم الرئيسي للمواطن اليمني في الحصول على لقمة العيش ومكان مناسب للسكن مع الأسرة".

أما بسام أحمد غالب، وهو موظف حكومي فيقول: "ما عاد هنالك عيد ولا ملابس، وغابت بهجة وأجواء وملامح العيد ولا تكاد تظهر في ظل ظروف حياة بالغة القسوة منذ الانقلاب المشؤوم".

ويتساءل مروان عبدالله: "أين ذلك العيد الذي اعتدنا أن نعيشه بكل تفاصيله ونمارس طقوسه الجميلة نقبل رؤوس من نحب، ونعانق الأهل والأصدقاء، نصل الرحم ونبتسم للجميع دون تمييز.. لكنه لم يعد كذلك، وصارت فرحة الأعياد ذكرى نتذكرها ولم يعد لنا أن نعيشها؟".

حاجيات العيد لمن استطاع سبيلاً

يستقبل اليمنيون عيد الأضحى على وقع جرعات سعرية تتضاعف لتضاعف همومهم، بموازاة موجة غلاء غير مسبوقة في أسواق الملابس تعزز صدمتهم التي لم يفيقوا منها جراء الارتفاع الكبير لأسعار السلع الغذائية والتموينية والمكسرات التي تأججت أكثر مع تهاوي الريال أمام العملات الأجنبية وتدمير المليشيات للاقتصاد.

وباتت الكثير من الأسر اليمنية غير قادرة على شراء كسوة العيد لهذا العام؛ بسبب الارتفاع الجنوني في أسعارها وانقطاع الرواتب المستمر منذ 24 شهرا على التوالي، وانعدام مصادر الدخل في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور الذي تعاني منه البلاد جراء الحرب التي فرضتها مليشيا الحوثي.

ويكتفي الكثير من المواطنين بزيارة الأسواق لاقتناء ما يستطيعون عليه من احتياجات العيد، حيث أصبح شراء الملابس وحاجيات العيد لمن استطاع إليها سبيلاً عند أغلب أرباب الأسر اليمنية. وقد كانت إجابات كثير ممن استطلع "نيوزيمن"، آراءهم حول استعداداتهم للعيد بأن (العيد عيد العافية).

الناشطة الحقوقية نبيلة العبسي تقول لـ"نيوزيمن": لم يعد لليمنيين ما يتفاءلون به أو أن يرسم ملامح عيد في وجوههم بعد أن دمرت المليشيات الحوثية كل شيء جميل بهذا البلد ونهبت كل مقدراته وأوصلت الشعب إلى حافة المجاعة.

وتضيف: "أكثر ما يؤلم أن يأتي عيد آخر وقد فقد الكثيرون أحبتهم في حرب المليشيات العبثية بحق هذا الوطن وما خلفته من الخراب والدمار ولم يعد لهم في كل عيد إلا أن يتذكروا أن المليشيات مزجت العيد بلون الدم والدموع والقهر والخوف والجوع".

الحراج سوق بديل

وفقاً لسكان محليين في العاصمة صنعاء، فإن ارتفاع كسوة العيد وحاجياته بشكل غير مسبوق، دفع آلاف الأسر العاجزة عن شرائها لأطفالها للذهاب إلى أسواق الحراج لشراء الملابس المستعملة للتعويض عن الملابس الجديدة التي عجزت عن الحصول عليها.

وذكروا أن الكثير من الأسر فضلت عدم الخروج من المنازل بعد أن تقطعت بهم السبل على أمل أن يحصلوا على كسوة لأطفالهم من فاعلي الخير أو من الجمعيات الخيرية.

تجار يبررون جنون الأسعار

وتشهد الأسواق في اليمن حالة من الحركة الخفيفة في التسوق في رحلة البحث عن ملابس ومقتنيات وحاجيات العيد رغم ضعف الإقبال على الشراء، بحسب إفادة تجار محليين.

وبحسب تجار في أسواق وسط صنعاء، فإن الحركة التجارية انخفضت إلى أقل من النصف خاصة محلات بيع الملابس والكماليات بسبب الارتفاع الخيالي في الأسعار.

ويرجع أصحاب المولات والمراكز والمحلات التجارية والخاصة لبيع الملابس أسباب رفعهم الأسعار إلى تعويض خسائرهم لأسباب مختلفة.

وقال مالك أحد المولات التجارية، وسط العاصمة صنعاء، إن أسباباً عدة تقف وراء رفعهم للأسعار أبرزها ارتفاع صرف العملات الأجنبية مقابل الريال وأيضا لتعويض خسائرهم الكبيرة جراء إجبار مليشيا الحوثي لهم ولمالكي المراكز والمحلات التجارية على دفع مبالغ مالية باهظة وإتاوات غير قانونية تحت مسميات عدة.