تهامة الغنيّة.. الحياة تستأنف أعمالها في المخا الواعدة

إقتصاد - Monday 15 October 2018 الساعة 07:37 pm
المخا، نيوزيمن، أمين الوائلي:

استأنفت الحياة أعمالها في تهامة المحررة -المناطق المحررة من تهامة- ودبّت الحركة والنشاط في الأسواق خصوصاً في المخا، التي نفضت عنها معاناة ثلاثة أعوام فرضتها سيطرة المليشيات الحوثية.

تشهد أسواق المخا حركة نشطة.. تدفقت البضائع والسلع وافتتحت محال بقالة ومتاجر ومطاعم جديدة لتلبية الحاجة المتزايدة إلى الخدمات، مع تقاطر الناس والزوار والمواطنين إلى مركز المدينة الساحلية التي تكره الحرب والمليشيات والمشرفين الحوثيين الذين مروا من هنا وخلفوا وراءهم ذكريات سيئة.

يلاحظ الزائر والمقيم عودة الحرارة إلى خطوط النقل والتواصل بين أسواق الساحل التهامي ومحافظتي تعز وإب علاوة على عدن ولحج.

ورشة عمل وحياة يدب فيها النشاط. إيجارات المنازل هنا غير متوقعة وأكثر من أية مدينة أخرى. الإقبال على المدينة مبشر بحركة عمرانية واستثمارات عقارية واعدة.

هل تعافت المخا من آثار الحرب وعبث المليشيات التي عطلت الحياة وانتهكت خصوصيات المجتمعات الساحلية الوادعة؟ يقول اسماعيل، شاب عشريني مفعم بالحيوية والتطلع، إن الحرب خلفت أوجاعاً ومآسيَ لن تُمحى بسهولة من ذاكرة الناس. لكن الأهم هو أن كابوس الحوثيين قد انتهى الآن، ونستأنف الحياة برغبة في التعويض عمّا فات.

في مطعم واحد مزدحم دائماً، تصادف عمالاً من شمير وشرعب وماوية تعز ومن العدين وحبيش إب. والزبائن من مناطق وجهات يمنية أكثر.

في الأحياء والحارات الداخلية تنشط حياة أخرى بنكهة ورائحة محلية متداخلة التفاصيل بين ناس الساحل المجبولين على فن البقاء والتكيف والمنازل القديمة المقاومة للنسيان وتلك نصف أو شبه المندثرة وبقيت جدرانها أو أجزاء منها قائمة في مواجهة الريح تبادل البحر التحية.

المقاهي القديمة وأفران الصيد وذكريات بقيت من زمن التجارة والتجار الأوائل ووكالات الاستيراد وروائح بن المخا تملأ الأرجاء.

هنا ملوك البحر، تخبرك الوجوه السمراء وشواهد العمران القديمة خلال أزقة ودهاليز حارة المدينة الساحلية المتقادمة.
ويحدثك صديق مخاوي عن البلدة القديمة التي طمرتها ودفنتها مياه الفيضانات وقامت فوقها بلدة أخرى. أعمال الحفر لأغراض البناء تكشف عن جدران ومخازن وحوانيت بلدة قديمة بكل مقتنياتها ومكنوزاتها.

المخا ليست مدينة عابرة، وأهلها ليسوا الفقراء الذين نتصورهم، تهامة بأكملها غنية جداً مادياً واجتماعياً وثقافياً وإنسانياً.

الانطباعات الخاطئة والمعممة حيال الساحل والسهل التهامي وسكانه ليست من مسئولية تهامة تحديداً. بدرجة رئيسية يتحمل الآخرون من خارجها (الجبليون وأهل الهضبة) المسئولية في تكريس مفاهيم خاطئة وانطباعات سلبية حيال تهامة وأهلها. علاوة على مسئولية الدولة المركزية وأنظمة الحكم التي تعاقبت على التمتع بخيرات وامتيازات تهامة واستنزاف روحها الغنية وحرمانها من برامج ومتطلبات التخطيط والخدمات الأساسية والمقومات المدنية.

فرصة نادرة وحقيقية تتوافر اليوم أمام تهامة وأهلها، ويجب أن يتشارك ويشاركهم الآخرون في استثمارها إنصافاً لتهامة، وكنوع من التعبير عن مشاعر الامتنان والاعتذار.