تصدّعت جبهة الحوثي داخل الحديدة فهرب إلى "ستوكهولم"

السياسية - Friday 07 December 2018 الساعة 09:17 pm
عدن، نيوزيمن، سياف الغرباني:

لا يثق غالبية اليمنيين، بإمكانية أن تفضي جولة المشاورات السياسية المنعقدة حالياً في السويد، بين الحكومة الشرعية من جهة، وجماعة الحوثيين من جهة ثانية، إلى نتائج عملية يمكن التأسيس عليها لبناء حل يضع نهاية للحرب.

وبالرغم من أن قطاعاً واسعاً من السكان، يتوقون لانفراجة سياسية تضع حداً للمعاناة التي جلبها انقلاب الحوثيين على الدولة وسيطرتهم على مؤسساتها بقوة السلاح، إلا أن كثيراً من المراقبين، يعتقدون أن الطريق إلى السلام ما يزال بعيداً.

تعزز هذه القناعة، المعطيات الميدانية، إذ إن المؤشرات الواضحة على الأرض، تقول إن طريق الأزمة إلى الحل ليس سالكاً حتى اللحظة، على الأقل، قياساً بالتصعيد الحاد من جانب الحوثيين بالتزامن مع انعقاد مشاورات السويد.

من دون إغفال بديهية أن الحوثي لا يبحث عن حل سياسي ولن يلتزم به أصلاً، بقدر ما يريد فرصة تمنحه الوقت اللازم للتحرك وإعادة التموضع العسكري وترتيب صفوفه، خاصة بعد الإرباك الكبير الذي سيطر على ميليشياته تحت تأثير الضربات القاصمة من جانب التحالف العربي والمقاومة المشتركة.

وقد حملت التحركات الحوثية، في غضون إطلاق الأمم المتحدة، صافرة البداية للمشاورات اليمنية في ستوكهولم إشارات صريحة إلى عدم وجود رغبة جادة لدى الحوثيين، لجهة المسار السياسي، بقدر ما تبحث الجماعة عن فرصة تتيح لها التقاط الأنفاس وإعادة التموضع المسلح، خاصة بعد الضربات المميتة التي تلقتها أخيراً داخل مدينة الحديدة.

وكثف مسلحو الجماعة، عمليات الخطف بحق المناوئين، في غير منطقة تسيطر عليها، بالتوازي مع رفع وتيرة العمليات العدائية خاصة في مدينة الحديدة، والمناطق المحيطة من اتجاه الجنوب.

وفي أول أيام المشاورات (الخميس) قصف الحوثيون، بالمدفعية وقذائف الهاون، مركز سيتي ماكس التجاري في مدينة الحديدة، ما أسفر عن تدمير المركز واحتراقه بالكامل، فيما استمروا في تفخيخ المنشآت المدنية والعسكرية، وحفر المزيد من الأنفاق القتالية.
 
وفي وقت سابق، ذكر مسؤول في ميناء الحديدة الاستراتيجي، أن الحوثي عزز قواته المتمركزة داخل المنشأة وفي محيطها، بقوات جديدة، استقدمها من محافظة حجة، في وقت تجري فيه الجماعة مفاوضات مع الموفد الدولي إلى اليمن مارتن غريفيث حول دور إشرافي للأمم المتحدة في الميناء.

الحديدة.. كلمة السر

دفعت جماعة الحوثيين، بكل قوتها العسكرية والبشرية إلى جبهة الحديدة، غربي اليمن، بالتوازي مع استنفار ماكينتها الإعلامية والدعائية للاشتغال على هذه المساحة المشتعلة، على حساب تقليص حضور باقي جبهات القتال في الخطاب العام.

في المقابل، ركزت قيادات جماعة الحوثيين، وحلفاؤها الإقليميون، تحركاتهم السياسية والدبلوماسية، للعمل دولياً ضد عملية تحرير مدينة الحديدة، خاصة بعد توغل قوات المقاومة المشتركة المسنودة بالتحالف العربي داخل المدينة، وسيطرتها على أجزاء كبيرة.

وبرغم أن ميليشيا الحوثي، تخوض معارك عدة في 8 محافظات، إلا أن تحركاتها الأخيرة إلى جانب خطابها الإعلامي والديني، تحاول إرسال إيحاءات تختزل الحرب الدائرة منذ أربعة أعوام في نطاق الحديدة فقط.

ويخوض الحوثي مواجهات مسلحة، مع القوات الحكومية في عدة جبهات بمحافظات صعدة والجوف وحجة ومأرب وصنعاء والبيضاء والضالع وتعز، ومع ذلك فإن هذه الجبهات تبدو هامشية في الخطاب العام للحوثيين، قياساً بجبهة الحديدة.

وفي خضم التحركات الدولية الأخيرة لاستئناف المحادثات اليمنية، برزت رغبة كبيرة لدى الحوثيين في وقف لإطلاق النار "هدنة" يقتصر على مدينة الحديدة فقط ويستثني باقي المناطق.

وعند هذه النقطة، يمكن القول إن المرونة التي أبداها الحوثيون أخيراً في التعاطي مع المشاورات السياسية التي تشرف عليها الأمم المتحدة، مجرد مناورة استدعتها الحاجة لمخرج طوارئ مؤقت من المشنقة العملاقة التي حشرت فيها قواتهم بالحديدة.

وقد برزت هذه الرغبة الحوثية بصورة ملحوظة، في غمرة انهماك قوات المقاومة المشتركة بدعم من التحالف العربي، في العملية القيصرية الهادفة لاستعادة السيطرة على مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي، وقطع آخر شريان بحري يغذي الحوثيين بالأسلحة المهربة.

ولا تخرج تحركات قيادات جماعة الحوثي الأخيرة عن سياق التكتيك بهدف البحث عن مخرج آني من مأزق الحديدة العسكري، عبر إرسال إيحاءات لجهات إقليمية ودولية فاعلة في الملف اليمني بالقبول بمحادثات سياسية جدية تضع نهاية للحرب التي تسببت بها أصلاً.

ومن شأن استعادة الحديدة أن تمثل خطوة استراتيجية في الحرب من أجل ضرب العمود الفقري للحوثيين، لما تشكله المدينة من أهمية عسكرية وأمنية واقتصادية، واستعادتها تعني قطع شرايين الإمداد العسكري والاقتصادي ووضع الجماعة أمام خيارات صعبة.