تبادل الخدمات بين الشرعية والانقلاب.. معركة الحديدة في ذمة حادثة مرخة

السياسية - Sunday 06 January 2019 الساعة 07:30 pm
الساحل الغربي، نيوزيمن، أمين الوائلي:

يحبس الحوثيون أنفاسهم في لحظات حاسمة إزاء ما سيأخذه رئيس لجنة التنسيق الأممية لإعادة الانتشار في الحديدة بشأن تقريره إلى مجلس الأمن الدولي حول فشل الحوثيين في تنفيذ اتفاق استوكهولم، ليحصلوا على مساعدة سخية من معسكر فاعل في الشرعية بتفجير أزمة جانبية بعيدة عن معركة وطنية كبيرة بحجم الحديدة وتضخيمها إعلامياً، ليغدو عنوان "مرخة"، المديرية النائية في شبوة، أهم وأكبر بكثير من معركة الحديدة واستعادتها سلماً أو حرباً.

تتضخم القضايا الثانوية والطارئة لتحتل الصدارة، على حساب قضايا رئيسية وكبيرة تُزاح بشتى الأساليب والممارسات إلى الهامش، وتؤخذ على حين غفلة في الكواليس وبينما الأنظار مصروفة أو منصرفة إلى مديرية نائية. 

وهذا لا ينبغي مطلقاً أن يطال الدماء والأرواح بالتجاهل أو بالتهوين. إنما، أيضاً، لا ينبغي أن يطال دماءً أكثر وأرواحاً أكبر في تهامة والساحل بالتهوين والتهميش والاسترخاص في صفقة حرام.

حادثة مرخة تؤسس مجدداً لأحداث يراد تمريرها من وراء ستارة ضجيج أزمة مفتعلة ومجسَّمة تصدت لها أدوات إعلامية كبيرة على رأسها شبكة الجزيرة القطرية التي أفردت مساحة واسعة لموضوع طارئ تماماً. 

بينما ينخرط مركزيو صنعاء ومأرب في نفس الوقت بتصعيد مريب تجاه نخبة شبوة الوجه الشبواني لمقاومة الحوثيين، كما لو أنه يجب أن تكون مقاومة مريس الضالع أو مقاومة ريمة أو إب المقيمة في مأرب هي البديل لمقاومة شبوة في شبوة حتى يرضى أهل المركزين المأربي والصنعاني؟

والذين يعانون نفس القدر والحدة والشدة من الاستهداف والإقصاء ونزوعات الإلغاء من المركزيين المريبين، وخصوصاً شركاء المقاومة في تهامة والساحل الغربي والحديدة وحتى ما تسمى مقاومة صنعاء، جميعهم هم مستهدفون من وراء استهداف مقاومة شبوة ونخبتها.

فالذي لا يرضى عن هؤلاء هو نفسه الذي لا يرضى ولن يرضى عن جميع من ليس في كيسه وتحت وصاية وسلطة مركزية حصة مأرب من شرعية توزعتها مراكز تشاركية لم تستثن منها حتى صنعاء من نصيب بطريقة أو بأخرى.

على الأقل، فإن اتفاق وتوافق المركزين الصنعاني والمأربي وأدواتهما تجاه الأزمة المفتعلة والمجسمة حول مرخة شبوة وعلى حساب محورية وأولوية قضية ومعركة الساعة والساحة في الحديدة وقد وصلت المفترق المصيري، يؤكد أن الهدف من إشعال حرائق في شبوة إنما يتوخى إبراد وإسكات جبهة الحسم، سياسياً سلمياً أو عسكرياً، في الحديدة.

أي شيء يمكن فعله أو توقعه في حالات مشابهة أكثر أو أكبر من هذا؟
على أن هذا لا يجب أن يطال أولوية وأحقية مواجهة الإرهاب والإرهابيين أينما كانوا. هذه ليست قضية رأي وخلاف في الآراء، بل مبدأ. 

لكن ليست المعالجات وبحجم قضية وحادثة محلية ومحصورة هي المطلوبة من وراء حملة تهييج وتأجيج ملأت الأجواء وسرقت النقاشات كلها عن قضية كبيرة وصلت مرحلة حرجة وحاسمة باتجاه مفترق مصيري في الحديدة. 

الشرعية واتتها فرصة مشروعة ومحقة لاستعادة الحديدة والساحل الغربي، وحتى لو لم تشأ أن تحارب لكفاها أن تسير جموع المتظاهرين راجلة إلى قلب المدينة والساحل لتحريرهما، وفي صفها قرار دولي واتفاق ناجز أخلت به المليشيا الحوثية، لكنها تلقي بثقلها كل مرة في ذات الجانب الذي يحاوله الحوثي، كل يوم لعبة جماهيرية جديدة وحكاية جديدة.. كلها تصرف اليمنيين عن مدينتهم ومينائهم الأهم "الحديدة".

تتباكى حملات ومهرجانات التأزيم المستحدثة يومياً، وكأنما لا قيمة أو أهمية أو مشروعية للآلاف من التهاميين الذين قتلهم ويقتلهم الحوثيون والألغام والعبوات والقذائف والصواريخ الحوثية في تهامة والساحل الغربي طولاً وعرضاً، ويستمر النزيف باستمرار الإبقاء على الجرح مفتوحاً.

ويهرع المبعوث الأممي مارتن غريفيث إلى صنعاء، وهو قد أرجأ خطوة الجنرال باتريك كاميرت برفع التقرير الأول إلى مجلس الأمن حول خروقات وتنصل الحوثيين من تنفيذ الاتفاق وإصرارهم المضي في إجراءات من طرف واحد تكرس سلطاتهم على الميناء وعلى المدينة. ويلاقيه فاعلو خير كُثر مع الحوثيين بخدمات جزيلة يحولون الأحداث إلى مسار قسري من الحديدة والساحل والموانئ إلى بيت المحضار في مرخة بشبوة.

ما الذي يجعل خطاب الجزيرة يتلاقى ويتقاطع مع خطابات مركزي صنعاء ومأرب على عنوان ومجال واحد وبصدد حادثة محصورة ومحلية بالمرة وعلى حساب الحديدة دفعة واحدة؟ 

النكاية الفجة طافحة في خطابات صغيرة من وراء الضجة المفتعلة والكبيرة، سواءً إزاء موضوع مرخة أو في قضايا كثيرة وعناوين تأزيم لا آخر لها ومن هذه الشاكلة. يغدو النيل من عنوان التحالف العربي ومن الدور الإماراتي هو مدار المعركة الحقيقية التي لم تتوقف أبداً.