قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (3)

المخا تهامة - Saturday 27 July 2019 الساعة 11:32 pm
نيوزيمن، كتب/ أ.د عبدالودود مقشر

الموطن الأصلي لشجرة البن

لمتابعة الحلقات السابقة :

قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (1)

قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (2)

شجرة البن من أنواع المحاصيل النقدية والتي تعد من السلع النقدية وتعتبرها الدراسات والأبحاث السلعة النقدية الثانية في العالم بعد النفط، وهي شجيرة تختلف في الطول من منطقة لأخرى ومن صنف لآخر، إلا أن معظم الأصناف اليمنية لا يتعدى طولها 4,5 – 6 أمتار، وللشجرة جذور عميقة تصل إلى 3 أمتار، وأوراقها ناعمة، دائمة الخضرة، زوجية، وساقها خشبي، والثمرة عبارة عن علبة لحمية صغيرة يتحول لونها من الأخضر إلى البني أو القرموزي وبداخلها بذرتان ومحاطة بقشر، وينتمي البن لجنس coffea ويحتوي على أكثر من 25 نوعاً.

انساق أغلب الكتاب على فكرة أن موطن البن هو الحبشة ومنه انتقل إلى اليمن مباشرة فـ"الحبشة هي الموطن الأصلي لشجرة البن، ونشأت في مدينة تدعى كافا kaffa"، Coffee Extensive Information and Statistics. 1902.p.7 
و"منبت البن الأصلي بلاد الحبش" مجلة المقتطف جـ7 سنة 5 سنة 1880م.

فـ" من المؤكد أن أصل شجرة البن هو كافا café أحد الأقاليم المحلية في الحبشة" The nature and cultivation of coffee.1924. p 1 – 2.

وتقدم الكاتبة المتخصصة في تاريخ القهوة اليزابيت مونرو طريقة لاستخدامه وأكله عند الأحباش قديماً قبل اكتشاف القهوة، حيث تقول: "كان يستعملها سكان جنوب غربي إثيوبيا التي خرجت منها، وكانوا يستعملون منقوع أوراقه بالزبد كي يمضغ، أو يصنعون منه الكعك المضغوط الذي يتغذى عليه المسافرون، ويقال إن أفراد الجيوش والقوافل كانوا يتغذون عليها، إذ هي تشفي من البلادة، وتنشط الطاقة".

لكن هناك من يرى أن موطن البن هو اليمن وليس الحبشة ومنهم الرحالة الفرنسي جان دي لاروك الذي وصل إلى اليمن سنة 1121هـ / 1709م في كتابه (أول رحلة فرنسية إلى العربية السعيدة 1708 – 1710م و1711 – 1713م). 
وقال: "اقتناع عرب اليمن.. لا، بل أهل المشرق جميعاً بأن شجرة القهوة لا تنمو في أي أرض من العالم إلا في أرضهم"، ويورد ذي لاروك تقريراً للاب اليسوعي البرتغالي تليز في سنة 1115هـ / 1704م يبرر هذا الرأي فيقول: "إن صحّ التقدير بأن سكان الحبشة أتوا من بلاد العرب منذ أقدم الأزمان.. فمن المحتمل أنهم أدخلوا معهم إليها شجرة القهوة".

تؤكد أول دراسة أكاديمية يمنية عن البن للباحثة أروى أحمد عبدالله الخطابي بعنوان (تجارة البن اليمني (ق11هـ - 13هـ/ 17م – 19م) أن موطن البن الأصلي هو اليمن، وأوردت آراء حول انتقال البن من الحبشة إلى فارس ومنه إلى بلاد العرب، فقال صاحب (كتاب التحفة السنية في تاريخ القسطنطينية طبع 1887م) الكاتب سليمان خليل بطرس جاويش، إن "البن أصله من جنوبي بلاد الحبش... اتصل إلى بلاد العجم 262هـ / 875م، ومن العجم إلى بلاد العرب أو الشرق"، وهو ما يتردد عند نور الدين صالح في دراسة له عن البن في مجلة المقتطف المصرية (1 حزيران 1890م) في القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي، فـ"قد اكتشف البن أولاً في بلاد الحبشة العليا".

ويؤكد السيد أحمد أفندي الرشيدي في كتابه عمدة المحتاج في علمي الأدوية والعلاج، دار الطباعة الخديوية ببولاق – القاهرة، 1282هـ، ج 2، صـ342. وجمال الدين القاسمي الدمشقي (رسالة في الشاي والقهوة والدخان) طبع ببيروت 1322هـ، أنه "من المحقق عند الأوروبيين أنه كان مستعملاً ببلاد فارس سنة 261هـ / 875م" وهو ما يثبت أن العرب بحكم سيطرتهم على بلاد فارس حتى حدود الصين قد نقلوا بعضاً من أشجارهم ومنهم اليمانيون الذين نقلوا شجرة البن إلى هذه البلدان التي استوطنوها واستقروا بها.