ارتفاع غير مسبوق في أسعار التمور بحضرموت.. ومواطنون يحملون الحكومة المسؤولية

إقتصاد - Monday 14 October 2019 الساعة 09:03 am
سيئون، نيوزيمن، خاص:

انتهت عملية جني الثمار من محصول النخيل من المزارع في وادي حضرموت، جنوب شرقي اليمن، وبدأت عملية بيعه وسط إقبال المواطنين على شرائه وتخزينه في المنازل لتناوله في سائر أيام السنة.

لكن المواطنين تفاجأوا هذا الموسم بارتفاع أسعار التمور إلى أضعاف سعره في العام الماضي؛ ما ولد نوعاً من اليأس والإحباط لدى الأسر الحضرمية محدودة الدخل، بعد أن عجزت عن اقتناء التمور وتخزينه داخل منازلها، في سابقة تحدث لأول مرة منذ عقود.

ووصل سعر التمر المديني الذي يشهد إقبال المواطنين في مدينتي سيئون وتريم إلى (25) ألف ريال يمني للـ(45) كيلو مقارنة بـ(7) آلاف ريال، في العام السابق، بينما ارتفع سعر تمور المجراف لنحو 30 ألف ريال يمني، وهو المفضل لدى المناطق الغربية لوادي حضرموت بعدما كان سعره السابق نحو 12 ألف ريال، فيما وصل سعر تمور الهجري والسريّع لنحو 22 ألف ريال مقارنة بسعره السابق 9 آلاف ريال يمني.

وقال لـ"نيوزيمن"، خميس يسلم باكربشات، وهو بائع تمور في سوق مدينة سيئون، إن ارتفاع أسعار التمور في الوقت الراهن جاء بعد تهدم مساحات كبيرة من أشجار النخيل لعدم اهتمام المزارعين بها، والاتجاه لزراعة محاصيل أخرى، مشيراً أن انتشار سوسة النخيل وعدم قدرة المزارعين على محاربتها أكبر عامل لعزوفهم عن الاهتمام بالنخيل، إضافة لارتفاع أسعار وقود الديزل المشغل لمكائن مياه الري، وكذا قطع أشجار النخيل وصرف أراض سكنية بدلاً من التشجع على زراعته.

أما المزارع سعيد باعنتر، فقد اتهم، في حديث مع مراسل "نيوزيمن"، السلطات الحكومية في البلاد بالتسبب بتدهور النخيل وقلة المحصول السنة الحالية لعدم قيامها بمحاربة الآفات المنتشرة فيه، موضحاً أنهم اتجهوا مؤخراً لزراعة محصول البصل لكثرة فوائده المادية وبأقل الجهود، وهو السبب الأبرز الذي جعلهم يعزفون عن إنتاج التمور السنة الحالية.

في حين أوضح سالمين بالراشد، وهو مواطن من منطقة الغرفة إلى الغرب من مدينة سيئون ـ عاصمة وادي حضرموت ـ التي تزخر بكثرة النخيل، أن التمر في وادي حضرموت يعد مهماً لكل الأسر في داخل المنازل، معرباً عن أسفة لما آلت إليه الأوضاع مؤخراً من ارتفاع أسعاره، مما جعله غير قادر على شراء (جونية) سعة (45) كجم كالأعوام السابقة، مكتفياً بشراء (10) كجم من تمور المجراف.

وطالب "بالراشد" بتحسين أوضاع الفلاحين وتخفيض أسعار الديزل، وتشجيع الجيل الصاعد على الاهتمام بها والحفاظ عليها، لافتاً أن وادي حضرموت كان سابقاً يسمى بوادي النخيل؛ لكثرة نخيله، لكن الآن انقلبت الحكاية وأصبح النخل فيه مجرد أطلال وأعمدة واقفة بدون إنتاج أي ثمار.

من جهته، ذكر المزارع والمهتم بشجرة النخيل سعيد باضاوي، أن تمور وادي حضرموت القادمة من مديريات تريم وسيئون وشبام ودوعن يتم تصديرها إلى خارج الوطن والمحافظات الشمالية، خصوصاً تمور المجراف التي تتميز بطول حبتها وذوقها الفريد واستخدامها لعلاج بعض الأمراض، مبيناً أن تمور الحمراء يتم تصديرها أيضاً لمدن الجمهورية اليمنية كاملة، ويستعمل غالباً كعلاج مساعد للمرأة التي تعاني من حالات نقص الدم، مضيفاً إن تمور السريّع له فؤاد خلال موسم الشتاء وتمور المديني (7) حبات منه يومياً تكون منها البركة وفق أحاديث الرسول، وتمور الجزاز يستعمله أهالي مديرية دوعن بشكل خاص.

وتخضع التمور بعد شرائها من السوق لعمليات متعددة المراحل لغرض تخزينها وحفظها، تبدأ بتعريضها لأشعة الشمس خلال فترة الصباح، وغسلها وحفظها في أكياس وتغليفها بعد الظهيرة، إضافة للقيام بعملية ضغطه بداخل أكياس بلاستيكية لمدة (20) يوماً حتى تصبح جاهزة للأكل والخزن لسنة وأكثر.

ويكون تناول التمور في حضرموت أثناء وجبات الإفطار في الصباح ومع أوقات الغداء وفي شهر رمضان إفطاراً للصائمين، وتتعدد أيضاً مأكولاته مع سمك القرش المسمى محلياً بـ(اللخم) والذي يحبذه الكثير من أهالي حضرموت مع أقراص الخبز.

وتعتبر فاكهة التمور في حضرموت أساسية في كل منزل، وقد ساهمت في حقبة الزمن الغابر في إنقاذ المجتمع المحلي من مجاعة محققة آنذاك، والاكتفاء بتمرة في اليوم تشبع بها بطن الفرد حتى اليوم التالي.

وتتركز زراعة النخيل في محافظة حضرموت وهي من أكبر محافظات الجنوب مساحةً، ويتوزع فيها النخيل جغرافياً حيث تبلغ مساحتها (161749) كيلو متراً مربعاً وتشكل بذلك (36%) من إجمالي مساحة الجمهورية، واحتل النخيل المرتبة الأولى بين محاصيل الفاكهة في اليمن وقد أدرجته الحكومة اليمنية ضمن الاستراتيجية الوطنية لتنمية المحاصيل الزراعية التي تضم النخيل والبُن والمانجو والزيتون ونحل العسل.

وبلغ إنتاج بلادنا من التمور، وفقاً لإحصائية محطة البحوث الزراعية بسيئون في العام 2016م وفق تصريح صحفي، نحو (30) ألف طن سنوياً من مساحة قدرها نحو (23) ألف هكتار، تنتج من نحو 4 ملايين نخلة معظمها في محافظة حضرموت وباليمن أكثر من 335 صنفاً من النخيل منها 114 صنفاً من الأصناف العالية الجودة، بينما يبلغ عدد الأصناف الجيدة من التمور في حضرموت 70 صنفاً.