أحمد نويهي

أحمد نويهي

تابعنى على

الرؤى المتضادة.. سنوات الصراع

Saturday 10 February 2024 الساعة 10:43 am

يتحدث اللواء عبدالله حسين بركات بشديد التحفظ على كثير أشياء عاصرها وعاش صناعة القرار في اللحظة التي كان ورفاق السلاح ذات المعترك يشهد غياب كثير ممن ساهموا في صناعة الحدث وقد أصبحوا "مخفيين قسرياً". 

يتحدث بتركيز شديد مشوب بحذر يخالطه نباهة المحاور، وقد حاول غير مرة اختراق تحصينات رجل شديد المراس وجزء من دولة عميقة، تدرّج في شغل مناصب ووظائف عليا قاربت وجاورت الرئاسة في عهد كل رؤساء العهد الجمهوري حتى أحيل إلى التقاعد لكنه ظل على علاقة وطيدة بالنهدين والقصر الجمهوري وسط التحرير المديرية الصغرى جغرافياً والأكبر تاريخياً داخل أمانة العاصمة صنعاء. 

عبدالله حسين بركات من جيل وُلد عهد الإمامة وشب في مدارس التحفيظ. 

لم يستطع المحاور الوصول إلى عدة محاور كانت تتخاطر وقت تَلقيِ الإجابات المقتضبة والمختصرة بنعم أو لا في معظمها والأغلب كان السؤال يركز على بعثرة الحكاية والذهاب لما خلف الأكمة والنهدين وهذه مناطق شهيرة في العاصمة التاريخية التي استباحها الإمام الذي وصل إلى حجة بعد مقتل والده يحيى بن حميد الدين في منطقة "حزيز" جنوب صنعاء أثناء عودته إليها على ظهر موكب مدرع ومسنود بحامية منيعة وشديدة. 

كان القردعي يصوب بندقه الجرمل وقد سار على الرمل وتخطى الأشواك في طريق الأشواق، سار القبيلي المحتزم روحه والمدرع بوطنيته، المحصن بإيمانه بعدالة قضيته ليفصل رحم السلالة بعد طول استبداد ليدوي دعاء.

كانت الطلقة القول الفصل في كهف الاصطفاء والادعاء الإلهي والولاية. 

كانت الكلمة الطلقة التي فصلت النهدين وفطمت الكهف من رضاعة البلد. 

كانت الكلمة الطلقة التي روى الشيخ علي ناصر القردعي ظمأ الرمال بها يوم شعشعت ثورة أوقدت الموعد الذي كان قد أسرج له القردعي بالباروت ليفيض عبقه من دِنان الروح السامق والشاهق القادم من الشرق حيث تشرق الحضارة اليمنية عند المعبد الذي شاد حضارة بلاد وردت في الكتاب بخط المسند ولغات شتى تناثرت عنها الأساطير والحكايات المنقولة والمروية وما زال فضول المسافر وقد وقف على الأطلال والدمن عند معبد آوام يقرأ أضابير التاريخ يرصد بعين تختزل ما تكدس تحت الرمال التي تاهت عنها أسراب الجن الذين حملوا عرش بلقيس وقد راحت تكشف عن سيقانها في بلاط سليمان الملك

 الذي تهاوى ملكه وعاشت بلقيس تفرد ضفائرها للريح المرسلة. 

عن الكتاب الذي يشاغل السطور مراراً عنه ومحتوى قد تضمنته صفحاته في زمن انحسرت القراءة التاريخية التي تفصح عن كثير من العلائق التي نشأت بين رفاق النضال ورفاق السلاح وقت تكالبت المخاطر على جمهورية سبتمبر وجمهورية أكتوبر، بين صنعاء وعدن وحروب التشطير وحروب المناطق الوسطى وحروب التنظيم الدولي للإرهاب وتصديره للمجاهدين إلى حقول مهمتها تخصيب التطرف ومن ثم العودة لتخضيب الأرض بالدم. 

يتحدث محمد عبدالله القردعي وهو ابن شقيق الجمهوري العتيد والفذ الشيخ علي ناصر القردعي بشفافية مطلقة عن كثير محطات عاصرها منذ فر من مأرب بعد مقتل الإمام يحيى، وعودة الإمام أحمد لملاحقة المشاركين وأسرهم والذهاب لإعدامات جماعية شملت عددا كبيرا من أسرة الإمام ذاته لإدانتهم في محاولة قلب نظام الحكم أثناء ما عرفت بالثورة الدستورية فبراير 1948.

يتحدث القردعي الذي شارك في تأسيس الجيش السعودي وقد فر إليها مع عدد من شيوخ مأرب بعد فصل الشيخ الثائر علي ناصر القردعي رأس الإمامة وسط صنعاء. 

يتحدث القردعي الابن المثير والكثير يكاشف ويشف ما لم تقله المذكرات التي سطرها متخصصون في العبث بأوراق التاريخ وقد ذهب عدة زعماء عشائر وشيوخ قبائل ونافذين في سلطات الدولة العليا إلى جوقة "المذكرات" تحدث القردعي بصراحة وأسهب في الثرثرة، والمحاور يصطاد الأسئلة، ويلعب عبر المرتدات ليعود يبرخش ويفتش بِحنكة صحفي اجترح المعترك وقد درس في جامعة صنعاء قسم التاريخ وعاد ليقدم دراسات عليا في الصحافة والإعلام ولا يزال يكتب تقارير يومية لوكالة رويترز. 

يتحدث محمد الغباري بشفافية أيضاً وهو الذي يشبك علاقات صحية مع كل الأطراف وله موقف واضح من المليشيا إذ يعتد بموقفه الجمهوري العتيد والمتقدم إذ انتسب باكراً للعاصمة صنعاء وعمل بمعية الأخ الأكبر في ورشة تصنع الالمنيوم أثناء درس مرحلتي الأساسي والثانوية، وقد عاش في باب القاع البوابة الجنوبية لجامعة صنعاء وشارع هائل قلبها "صنعاء مدينة مفتوحة" وهذا عنوان رواية كتبها الراحل القاص والروائي المناضل وقد كَتب الاستاذ عمر الجاوي مقدمة الأعمال الكاملة التي جمعها اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وطبعت في دار العودة-بيروت "لم يمنحه وطنه مجرد قبر يضم رفاته" بعد انفجرت به مع -21 سياسيا دبلوماسيا بحادث طائرة خُصصت لزيارتهم للمحافظة للتعرف على المعالم السياحية فوق مطار عتق- شبوة بعد انعقاد المؤتمر الدبلوماسي الأول في عدن- 1973.

كان محمد عبدالولي الذي ولد في "سدست كيلو-أديس أبابا" لأم قرمزية وأب مهاجر من نواحي الحُجرية قد كتب "يموتون غرباء" و"الأرض يا سلمى" و"شيء أسمه الحنين" "ريحانة"، وهذه الأخيرة كتبها وهو معتقل في سجن القلعة بصنعاء أثناء أحداث أغسطس الأسود-1968 الذي كَتب عنه المناضل والباحث الراحل الأستاذ مطهر الإرياني "يا قافلة عاد المراحل طوال وعاد وجه الليل عابس" وتضمنها ديوانه "فوق الجبل" الذي قدم له الراحل الشاعر المتفرد د. عبدالعزيز المقالح بما يفوق خمسة وخمسين صفحة من القطع المتوسط ربما تيمناً بثورة-55 التي شكلت الامتداد الطليعي والطبيعي للثورة الأم-1918 التي فجرتها جبال الحُجرية بقلعة المقاطرة بقيادة الشيخ حميد الخزفار ضداً لسلطة الأئمة التي ذهبت لإخضاع الهضبة الجنوبية لمحافظة تعز التي اتخذها الإمام أحمد عاصمة له بعد مقتل أبيه برصاصة يتيمة لا يستحق غيرها وليس يستحق غير طلقة واحدة لتشعل ثورة غيرت وجه خارطة اليمن بعد قرون من العفن المقرطس بمزامير الولاية والوهم المكدس دهاليز المِعلامة. 

 بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى كانت توقع صلح دعان- 1911 مع الإمام يحيى حميد الدين إمام الذهب والمذهب الذي سَيّر جحافل الجِباية إلى الحُجرية بحجة انها بلاد "كفار التأويل" وقد رفضت الخضوع لسلطة الولاية وكهف الكهنوت، فجرت قلعة المقاطرة ثورة 1918 بقيادة الشيخ حميد الخزفار رفضاً لسلطة الهادي الرَسي وممثله المقيم والمستبد على خارطة اليمن كهف الولاية. 

قاتل الناس دفاعاً عن حقهم في الوجود رافضين الخضوع والاستسلام لمزامير وخرافات الولاية والوصاية، وظلت الهضبة الوسطى والحاكم للجغرافية إذ المضيق يقع ضمن النطاق الجغرافي لجبال الحُجرية وتشرف وتطل عليه من علو جبل "مُنيف" شرق مدينة التُربة مدينة على خط القوافل جنوب تعز في الطريق إلى عدن بالقرب من "المَصلى" أهم محطات وخانات ومقاهي انتشرت بين المخا-موكا ميناء تصدير القهوة وعدن ميناء القهوة ايضاً قبل أن يصبح ميناء الزيت بعد احتلال بريطانيا للمدينة. 

ظلت جبال الحُجرية ومنها تتدفق سيول وغيول وأنهار ومواسم المطر تعود ترغي تسيل المدارب إلى البحرين وتتفرع غرباً إلى البحر الأحمر، جنوباً يركض السيل وصلاً بشطوط بحر العرب، تدفق السكر المعادل الموضوعي للحياة إلى جوار الملح. معاملات التثوير الابيضان.**

إلى بندر المخا، وبندر عدن. 

وقد ذاعت الأغنية واشتهرت إذ البلاد التي يسمونها بكتب التاريخ العربية السعيدة يوم كانت اليمن قصيدة شعر عمودية انشطرت لشقين لتصبح أغنية على اليسار ينتظم الإيقاع قافية وتفعيلة. 

"شلال وادي بنا شل العقول وشل لأبين زغاريد الحقول" 

صدرت الثورة شمالاً والجنوب ومنها سافرت القوافل تجوب البحر، وأعالي البحار وصلاً بالليل والنهار. 

الثورة الأم التي بعثرت أشلاء الكهنوت الأعظم وتعاقب الأئمة على سلطة "العكفة-البراني" التي تناوبت على بلاد وقعت وقد وهبها الرب بحرين بحر الهوى وبحر الطرب وبينهما المضيق باب المندب الذي يتسع ليعبر العالم بينما تضيق بنا كُل الجغرافيا. 

كان القردعي الثائر قد عقد العزم على الثورة بعد اعتركت بأعماقه الفكرة ليقرر القيام بثورة خطط لها ونفذ وذهب في رحلة كتبها ورسم مسارها بخط المسند وشماً على الزندِ. 

كانت الكلمة والطلقة الثورة التي غيرت وجه التاريخ وقد طاشت طلقة دوت الدنيا بعدها ولم تقعد.! 

ما الذي حدث؟ 

في حديث تنقصه الشفافية تحدث اللواء بركات بعقلية رجل دولة عميقة شغل مناصب حساسة في أجهزة الاستخبارات وفي مكتب رئاسة الجمهورية عمل مع خمسة رؤساء تعاقبوا على "النهدين" القصر الجمهوري المثير... 

 المشير السلال والإرياني والحمدي والغشمي وصالح وشغل وزيراً للداخلية منتصف السبعينيات ثم عاد مرة أخرى ليصبح وزيراً للداخلية ثمانينات القرن الفارط وقد شغل سفيراً في عدة بلدان.

 وبعيداً عن ما ورد في الحوارية التي دونها الكاتب الذي حاور عدة مناضلين شَهدوا وكانوا شاهدا على العصر وقد عاصروا واعتصروا المعترك على الثورة التي أكلت أبناءها.

 سيذهب كاتب السطور في قراءة ثاقبة للأوراق التى شكلت الكتاب. سيذهب في قراءة نقدية شفافة ستنشر بالتعاون مع موقع "نيوزيمن". 

"الرؤى المتضادة- سنوات الصراع في اليمن".. وهذا عنوان الكتاب الذي أنجزه الصحفي محمد الغباري. كما يقدم نفسه في الصفحة الأخيرة من الكتاب الذي بين يدي كاتب المقال المنشوره أعلاه. 

 إذ يؤكد على مواصلته كتابة قصة سقوط صنعاء والدولة أثناء اجتياح المليشيا الحوثية للعاصمة التاريخية صنعاء خريف_21 سبتمبر 2014.

في الجزء الثاني للكتاب الذي سيصدر بعد وقت قصير من الآن. 

_يمني من مواليد 1970-محافظة إب.

_يعمل في الصحافة منذ ما يزيد عن ربع قرن. 

_بدأ حياته المهنية محرراً في عدد من الصحف المحلية ومن ثم مراسلاً لعدد من وسائل الإعلام العربية والدولية. 

_شارك بكتابة عدة أوراق عمل عن التغطية الصحفية في مناطق الصراعات. _تولى تغطية المواجهة بين السلطات اليمنية وتنظيم القاعدة.

_ تولى تغطية حروب صعدة الست من 2004 _2010م.

_تولى تغطية الاحتجاجات التي أدت للإطاحة بالرئيس علي عبدالله صالح والمواجهات بين القوات الموالية له والأخرى المنشقة عن نظامه. 

_تولى تغطية حركة الاحتجاجات التي شهدها الجنوب منذ 2007_2011م.

_تولى تغطية اجتياح الحوثيين لمناطق شمال صنعاء حتى اجتياح العاصمة صنعاء ووضع الرئيس عبدربه منصور هادي رهن الإقامة الجبرية ومن ثم فراره إلى عدن.

_تولى تغطية العمليات العسكرية للتحالف العربي بقيادة السعودية الداعمة للحكومة المعترف بها دولياً في اليمن ضد الحوثيين في 26 مارس 2015.

تشير دار "أروقة" والتي صدر عنها الكتاب في الغلاف الأخير "يوثق هذا الكتاب لدورات العنف التي عاشها اليمن شمالاً وجنوباً، مروراً بأحداث أغسطس عام _1968 التي اختلط فيها الانتماء السياسي بالانتماء الجغرافي، وحركة 5 نوفمبر عام_1967 والإطاحة بنظام حكم الرئيس السلال، وصولاً إلى حركة 13يونيو واغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي، والمحاولة الانقلابية للناصريين على حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، كما يوثق لمرحلة حكم الحزب الاشتراكي في الجنوب، وعلاقته مع أنظمة الحكم في الشمال، وتشكيل الجبهة الوطنية لإسقاط نظام الحكم في صنعاء، والصراع بين أجنحة الحزب، وصولاً إلى أحداث 13 يناير في عدن ونتائجها وتأثيراتها. 

وهو -الكتاب- يصل إلى مرحلة قيام دولة الوحدة في 22 مايو 1990، والأحداث التي واكبت هذا الحدث ومن ثم الصراعات التي تبعته حتى حرب صيف 1994".

يعاود الصراع بشكل أو بآخر وما زال يمتد وتتمدد بقعة الدم على مقربة من المضيق تحتشد أساطيل بينما يخوض المساطيل في كهف الولاية والمحشورين بعمائم حوزات "قُم" يهددون حركة الملاحة الدولية في البحر الاحمر وما زالت دورة صراع بين قوى الشعب العامل وأزلام فيلق القدس الإيراني وأدواته المذهبية البالية يسوقون للوهم المتكدس بخيالات من يدعون الوصاية على بلد وشعب عظيم...