عبدالفتاح الصناعي

عبدالفتاح الصناعي

تابعنى على

"اتفاق السويد" إيجابيات وسيناريوهات

Wednesday 19 December 2018 الساعة 08:10 am

من الإيجابيات التي قد تبلورت مبدئياً من اتفاق السويد، هي تعرية الطرفين (الحوثي، والشرعية) فلم يضف الاتفاق جديداً لكنه عن كشف الكثير من سوءاتهما وفضح الكثير من عوراتهما، وأذاب الكثر من شعاراتهما، وأسقط الكثير من الأقنعة التي زايدا بها..

هكذا، منذ البدايات الأولى للمحادثات حتى اليوم ومازالت الأحداث تتولى وتفضحهم وتعريهم أكثر وأكثر، على مختلف المستويات السياسية والشعبية.. والقادم أسوأ.

كشفت محادثات السويد عن شرعية مهترئة، كغريق يتشبث بقشة لكي يعيش بالفنادق ويرتب وضعه لا لكي ينقذوا بلدا انهار ومستمر بالانهيار والغرق.. دون أن يراجع أحد نفسه ويتعلم من أخطائه ويكفر عن سيئاته؛ التي كان هذا نتاجها!وأي كارثة بأن نستمر بإعادة الطرق والمنطلقات السابقة دون يقظة ضمير ونظرة عقل؟!!

الشرعية المناضلة أبدت مرونتها العالية في سبيل التنازل عن ما هو الأهم بالمعاركة والتمسك بما لا يمثل اي أهمية، بل قد يكون عبئا؛ مقابل بقاء سلطتها الشكلية، وغيابها أكثر عن الواقع العملي وتحملها مسؤوليته كما يجب.

رأسمالها هي مزايدات فارغة، تتبخر في لحظة كل أوهامها ويساويها العالم بمليشيا ارهابية، بينما قد تتفوق عليها هذه المليشيا ببعض النقاط والمزايا، نظراً لحالة الضعف والعجز والتيهان التي تغرق بها شرعية لا شرعية لها ولاوزن ولا قيمة عن أحد.

كشفت الشرعية بأن ادعاءها بانهاء الحوثي أمر مشكوك فيه فهي مستعدة لأن تخون معركة الحديدة الفاصلة، مقابل مكايدات وأوهام واعتبارات شخصية بتفكير مريض لا يرتقي إلى مستوى اللحظة الوطنية..

كما كشف الاتفاق.. حالة الطوارئ التي اعلنتها جماعة الحوثي ؛ بسبب ما تعاني من انهيارات مختلفة، ولجوئها للجانب الدولي للبحث لها عن مخرج ينقذها من حالة الخنق والشنق والتقطيع التي تتعرض لها بالحديدة، ولا يهم بأن تسلم الحديدة للوصاية الدولية، وبالتالي فقد اتضح بأن هذه الجماعة ليست صادقة بكل ما رفعت من شعارات وادعاءات فارغة.

الغالبية كان قد اتضحت له حقيقة الحوثي ومتاجراته بالشعارات، لكن الأمر اليوم وصل إلى أتباعه ومقاتليه وممن كانوا الأكثر تعصباً إيديولوجياً.. وهذه ضربة مميتة للفكر الحوثي..

ترى الشرعية بأن معركتها المقدسة هي معركة الفنادق وترتيب الاوضاع الشخصية والقاء التصريحات الفارغة والجولات الدولية والبحث عن كل المبررات لإخفاقاتهم ولذا فإن معركة فاصلة كمعركة الحديدة قد تمثل لهم كابوسا مقلقا، وبأن استمرار حرب شبه متكافئة وغير حاسمة، هو الخيار الافضل لهم، ليستمروا أبطالاً ومناضلين على الشاشات، بعيدين عن عبء دفع ضريبة الحسم وضريبة النصر، حتى حين يتحمل كل ثمنه وتكاليفه غيرهم، ولكن حتى دفعهم ضريبة النصر أمر مكلف لهم، فخيار الحرب العبثية أو المتكافئة نوعاً ما هو خيارهم الافضل.

تجد الشرعية نفسها بالكلام الشكلي والندوات الفندقية التي تعطي غرورا ساذجاً ووهما كبيرا ومآلات أليمة فتجربتها بهذا الأمر زادتها إصرارا على هذه الطريق، خاصة وأنها وجدت من يدللها ويحتضنها بأوهامها، وبأنها أصبحت تكسب المال أكثر، وهي تعيش بالفنادق ولايهمها بأن الحوثي صّدق أم كذب؟ خرق الاتفاقات أم التزم بها؟ وإنما يمهمها الاستغلال الرخيص لكل هذا، بما يبرر لها كل اخفاقاتها ويلغي مسؤوليتها عن أي شيء وكل شيء، فقد تلقي اللوم على الحوثي او المجتمع الدولي أو التحالف أو القوات التي تقاتل عملياً بالحديدة.. لا يهما سوى غريم تلقي عليه اللوم وتحمله مشكلتها!!

تمتلك الشرعية خبرات كبيرة، وتجارب ثرية، بخلق المبررات والأوهام والدوران داخل دائرة من المتاهات المعقدة.. وبالتالي فهي مستعدة ومتدربة لخوص معركة العجز والوهم وفق مرحلة جديدة.. ودون أن ينقصها أي شيء من الاستعداد الذهني وخارطة المعركة وأدواتها الجديدة.. وتجربة ومقدرة عالية بتحويل اللحظات الوطنية الفاصلة، إلى حالات من العبث والإخفاق والتيه والمزايدات الرخيصة.

على الطرف الآخر يرى الحوثي نفسه اليوم بأنه يعود إلى تكتيكاته السابقة، الى أيام الحروب السابقة التي خاضها مع الدولة، قبل 2011 حين كانت لا تزال هنالك دولة، ولكن بفوارق مختلفة، منها بأن علاقته وارتباطاته الدولية قد أصبحت أعمق وأوضح وكذلك أيضاً اتضح للناس حقيقته وحقيقة مشروعه..

فكما كان سابقا يخضع للصلح والهدنة وإيقاف الحرب، كلما وجد بأن الأمر يقتضي الضرورة كتكتيك عسكري لاستعادة قواه وإعادة ترتيب نفسه من جديد، ثم يشرع بإشعال الحرب بأول فرصة ملائمة له، وطبيعة تقدير الفترة الزمنية لالتقاط أنفاسه قد تكون أقصر ما يمكن، لحظات سريعة وبسيطة، ولكنها كبيرة ومؤثرة جداً بحسابات المعارك والتوقيت الحساس، وقد تكون متوسطة وطويلة بعض الشيء، ولكن على كل كما يعرف الجميع بأن المعركة آتية لا محالة وبأن الحرب في طور التخلق والتشكل حين تتوقف إما على المستوى النظري أو العملي..

هكذا، يستعد الطرفان ويخططان وكل يستند على تجاربه ومهاراته، وعلاقاته المتناقضة وفق مصالحه الأكثر تعقيداً.

وهكذا، في الوقت نفسه، لا تتجاهل القوات التي خاضت وتخوض معركة الحديدة، هذا المنطق والتفكير وأسلوب التعامل للشرعية والحوثي.. وبالتأكيد بأن لها منطقا وأسلوب تفكير مختلفا عنهم جميعا.

وبالتالي فإن هذا المنطق قد يكون هو ما ينتظره اليمنيون بكل لهفة وشوق.. وما يعول ويراهن عليه غالبية الشعب لإنقاذ وطنهم وحياتهم بعد أن أصبح الشعب يعاني كل المرارات وأشد الأزمات والمحن بين مطرقة الحوثي وسندان الشرعية.