عبدالستار سيف الشميري

عبدالستار سيف الشميري

تابعنى على

ما بعد كورونا.. الطريق إلى سور الصين العظيم

Sunday 12 April 2020 الساعة 02:38 pm

كشفت كارثة كورونا التي لا تزال تفتك بالعالم هشاشة الدول الأوروبية وأمريكا وصلابة الصين وقدرتها الفائقة على التعامل مع الكوارث رغم تعداد سكانها الذي يفوق أوروبا وأمريكا.

فبينما لا تزال أمريكا وأوروبا تحارب من أجل البقاء على قيد الوجود وتضخ ترليونات الدولارات وتتصاعد فيها عدد الضحايا، نجد في الضفة الأخرى أن الصين تتعافى بل وتخرج من أزمتها لتساعد دولا أخرى وتنتقل من طور الخسارات إلى طور الاستثمارات.

فقد أصبحت أكبر مصدر للمستلزمات الطبية والأجهزة، وشغلت كل مصانعها بوتيرة أعلى مع تزايد الطلبات على المستلزمات والتي أصبحت باهظة الثمن حتى إن الكمامات المزودة بالفلتر وصلت أسعارها لخمسمائة دولار في مفارقة عجيبة بينما سعرها الطبيعي لا يتعدى العشرة دولارات أو أقل بكثير.

ويبدو أن عالما جديدا يتشكل لا سيما في سماته الاقتصادية تحديدا مع متغيرات أخرى.

وغالبا ومع الاستغراق في قلب المعمعة لا تتضح الاتجاهات والتغيرات المحتملة.. لكن ما هو مؤكد أن كل شيء سيتغير ابتداءً من الرؤية السياسية والفلسفية في العالم وما يلحق بها من تنظير وفعل ثقافي وفني كما هو شأن التغيير الاقتصادي والسياسي، الكتابات والكتب والافلام والمسرح سيهتم بقضايا جديدة وسيغير من جدول اهتماماته.

وتباعا كل مخرجات العلوم والمعرفة، عالم الطب سيكون هو الركيزة الرئيسة في الاهتمام بكل تفرعاته البحثية والدراسات والمعامل وما يتعلق بالاهتمامات البحثية، حيث سيتم تقييم الكارثة وتوقع مثيلاتها والعمل على المجابهه العلمية لهكذا كوارث.

الاستثمارات ستتجه بوصلتها لهذا الاتجاه، كذلك العلوم الإنسانية ابتداء بعلم النفس وعلم الاجتماع وغيره سوف ترسم خارطتها الخاصة.

علوم إدارة الأزمات سوف تحضر بقوة فقد أثبتت الكارثة الحالية فقدان توازن الدول الكبرى وعدم قدرتها على الصمود طويلا واحتمالات الهروب عن طريق البقاء والاحتباس بالمنازل إلى كارثة الجوع والفقر بسبب انعدام الكفاية المادية لنصف سكان العالم.

والأهم من هذا كله أن الصين هي محط الأنظار بما نجحت به في تضييق الخناق على الفيرس رغم أنها البلد الاول لظهوره، وانتقالها إلى استثماره اقتصاديا وقدرتها على إدارة الأزمة.

كما أن اقتصادها يتعافى بسرعة ومن المحتمل أن تتقدم إلى مستوى الاقتصاد الأمريكي أو تتفوق عليه، فالاسواق العالمية تتعطش للبضائع الصينية وستلتهم المزيد منها في السنوات القادمة، والتي تمتاز بالوفرة وقلة الكلفة.

التحالفات السياسية والاقتصادية ستتجه إلى الصين، وستفقد أمريكا ثقة الشعوب والدول ويمكن أن يؤثر ذلك على قيمة الدولار وفعله كمحور للعملة العالمية، فكل الطرق تؤدي إلى سور الصين العظيم.

يبدو كورونا كفيلم بطله الصين بانفراد، ولعل هذا ما سيتكشف في قادم الأيام.