صالح علي الدويل

صالح علي الدويل

تابعنى على

حوار أم تصفية بالحوار؟!

Saturday 19 June 2021 الساعة 08:19 am

في الأعراف القبلية التي نوصمها بالتخلف يحلون ازماتهم وقضاياهم عبر مبدأ يسمونه "الساس". 

هذا "الساس" لا بد أن يعرّف القضية ذات الشأن وأطرافها تكون مرجعا لآلية الحل، فلا يستطيع الحاكم أن يحكم خارج "الساس" فهو المرجعية.

 فما هو "ساس" الحوار لكل الجنوبيين؟ 

هل هي اليمننة، أم استقلال الجنوب، أم أين موقعي، أم خليط من مخضرية حالية من يمننة وجنوب؟!!

الحوار غايته اصطفاف يوصل لهدف، لكن حقائق المجتمعات تقول إن الناس لا تجتمع آراؤها كلها، بل تختلف للوصول لهدفها ناهيك عندما يكون خلافا في الهدف لا اختلافا.

فالاختلاف يقبل الاصطفاف، بينما الخلاف لا يقبله. أما أن يُطْلَب الإجماع على الخلاف فما سبقنا فيه أحد من العالمين.

 فاجماع الخلاف ما حققته البشرية في الاعتراف بألوهية خالقها، فما زال البعض يتخذ القرد والفأر والبقرة إلها!!!

 محال الإجماع عند الخلاف حول تعريف الوطن، خاصة عندما يستقوي طرف بمن ليسوا في التعريف الوطني.

 فالناس تلتف حول الهدف المُتوافَق عليه، والحوار مطلوب بل واجب وضرورة في هذه  المساحة، أما في الخلاف على الوطن فلا يوجد تعريف للاصطفاف.

 فشل حوار موفمبيك لأنه جعل القضية الجنوبية جزءا من قضايا اليمننة، فلم يوجد الاصطفاف الجنوبي، والانقسامات والصراعات الدموية الأخيرة في الجنوب على خلفية ذاك الفشل في تحديد "ساس القضية" الذي تأسس عليه حوار موفمبيك.

فهل سيقدم جنوبيو الشرعية في الحوار الجنوبي الذي لكل الجنوبيين أفضل مما أعطته اليمننة مؤتمر شعب الجنوب في حوارها، فمشروع اليمننة ومشروع الجنوب لا يختلطان!!

 وقف تيار جنوبيي الشرعية مع اليمننة وهي تقتل وتبطش وتعتقل وتحاكم، ووقف معها وهي تعيد الاجتياح الإخواني.. بينما يد الاخونج كسيحة ضد الحوثي، واعترفوا أنهم أداروا الجنوب بالاستعمار.. فهل يعيدون الآن اجتياحه ليديروه بالديمقراطية أو ليعطوه حتى حق الاستفتاء؟

 لماذا لم نسمع تلك الأصوات توجه كلامها وملامها لجنوبيي الشرعية، وأن يمدوا يد المصافحة للجنوب بدلا من "ضرب امرجول" أو أن ذلك لا يدخل في الانقسامات الجنوبية!! 

ومنهم من اعترف في الأحداث الأخيرة قائلا: "تغدوا بنا قبل نتعشى بهم".

لذا فإن المعايير الصادقة لا تقوم على "رمتني بدائها وانسلت"، بل بتقديمها بكل موضوعية وتشخيص الحالة ومسؤولية الأطراف.

 كيف سيكون حوارا بين كل الجنوبيين، ومنهم من هو في صف اليمننة وضد استقلال الجنوب؟، ففي هذه الحالة فإن مشروع الاستقلال لا يتحاور مع جنوبي بل يتحاور مع مشروع محتل.

الشرعية إن قاومت الحوثي فقاومته دفاعا عن سلطة اليمننة لا دفاعا عن وطن الجنوب، ولو كان الدفاع عن سلطة اليمننة في الجنوب مقياسا مثلما هو في الشمال لكان الحوثي مسيطرا على كل الجنوب مثلما هو مسيطر على كل الشمال، وستحاوره الشرعية بجنوبييها إن قبل حوارها، وستعطيه مكافأة لانقلابه مثلما تحاوره الآن، فهو طالب سلطة وهي طالبة سلطة.

فيمنيو اليمننة تركوا الحوثي في خريطتهم كاملة إلا من جزء من مارب ولن يحاورهم، بل سيحاور التحالف وجنوبيو الشرعية يصوملون الآن الجنوب ليقنعوا العالم أن الجنوب لا يستطيع أن يدير نفسه ولا يهمهم أن يستلمه الحوثي.

لا أحد من الجنوبيين ضد جنوبيي الشرعية باشخاصهم او جنوبيتهم، بل ضدهم لأنهم أعداء مشروع الاستقلال. ويقودون ويحاربون ويقتلون في الجنوب لتثبيت اليمننة، ويحق لمتسائل أن يسأل أصحاب طرح "حوار مع كل الجنوبيين"، هل حاور جنوبيو الشرعية أي طرف جنوبي عندما اصطفوا ويصطفون مع اليمننة وهي تحتل وتقتل؟..

أين كان الحكماء والمعتدلون المحايدون من ذلك وأين هم الآن؟

إن كان الحوار مع ما يتطابق وخيار الأغلبية التواقة للاستقلال، فهو حوار الهدف منه التوازن وعدم الإقصاء والتهميش، وإن كان تحت غير هذه المرجعية فهو حوار لتصفية مشروع الاستقلال بالحوار، جُرِب في مؤتمر موفمبيك وفشل.