سلام لإيران ونار لليمن.. الحوثي يهرب من الخنق الدولي بإشعال الداخل اليمني

السياسية - منذ 4 ساعات و 5 دقائق
عدن، نيوزيمن، خاص:

عادت ميليشيا الحوثي إلى التصعيد العسكري الميداني على جبهات الداخل اليمني، في تصرف اعتبره مراقبون محاولة لخلط الأوراق وعرقلة جهود السلام الأممية، وذلك في أعقاب الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، والذي ترى فيه الجماعة تراجعًا لحسابات طهران الإقليمية، ما دفعها إلى تصدير الأزمة إلى الداخل اليمني.

وبحسب مصادر عسكرية ميدانية، فقد شهدت الأيام الماضية تصعيدًا لافتًا من قبل الحوثيين في عدد من جبهات القتال، أبرزها، تعز، مأرب، الضالع، والساحل الغربي، إلى جانب الدفع بتعزيزات ضخمة باتجاه جبهات حدودية في محافظات لحج، البيضاء، شبوة، الجوف، وحجة. وقالت المصادر إن الجماعة تحاول من خلال هذه التحركات لفت الانتباه وإعادة خلط الأولويات الدولية، بالإضافة إلى عرقلة المساعي الأممية نحو مسار تسوية سياسية شاملة.

وتمكنت قوات الجيش في تعز، الخميس، من إحباط محاولة هجوم لمليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران غربي محافظة. ونقل موقع وزارة الدفاع اليمنية "سبتمبر نت" على لسان مصادر عسكرية معلومات حول تمكن القوات العسكرية من إحباط  هجوم للمليشيات الحوثية على التبة السوداء، في منطقة الكدحة، وأجبرتها على التراجع والفرار. موضحًا أن القوات تكبدت خسائر كبيرة في العتاد والأرواح خلال المواجهات.

وفي الساحل الغربي؛ تمكنت قوات اللواء 12 "عمالقة" التابعة للقوات المشتركة من إسقاط طائرة مسيّرة حوثية في سماء منطقة الجاح، وهي الطائرة الثانية التي يتم إسقاطها في أقل من أسبوع، في مؤشر على تزايد وتيرة الهجمات الجوية للمليشيا في الساحل الغربي.

كما اندلعت مواجهات عنيفة خلال الأيام الماضية بين القوات الحكومية والحوثيين في مناطق التماس بجبهة الضالع المتاخمة لمحافظة إب، إثر محاولة تسلل نفذتها الميليشيا. وأسفرت المواجهات عن سقوط جنديين من القوات الحكومية، فيما تمكنت "القوات الجنوبية المسلحة" من إفشال الهجوم الحوثي وتكبيد عناصره خسائر مباشرة في الأرواح والعتاد.

تزامنًا مع تلك التطورات، دفعت الجماعة بتعزيزات بشرية وعسكرية ضخمة نحو جبهات "صرواح" و"البلق" و"الكسارة" في مأرب، وسط عمليات تحصين واستحداث مواقع قتالية جديدة. وتأتي هذه التحركات رغم سريان هدنة غير معلنة، بحسب ما أشار إليه المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، خلال إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن، والذي نبه إلى خطورة التحركات الحوثية تجاه مأرب الغنية بالنفط، واصفًا إياها بأنها تهدد أي تقدم دبلوماسي مرتقب.

ويرى مراقبون أن ميليشيا الحوثي تستغل الوضع الإقليمي، خصوصًا بعد الضربات التي تعرضت لها موانئ الحديدة جراء غارات أمريكية وإسرائيلية، إلى جانب القيود المفروضة على واردات الوقود الإيراني، ما أدى إلى تراجع موارد الجماعة ودفعها نحو تصعيد داخلي بغرض تعويض الخسائر وفرض وقائع ميدانية جديدة. مشيرين إلى أن الميليشيات تريد الوصول إلى المحافظة النفطية واستغلال مواردها الغنية لتغطية العجز والحصول على مورد مالي ضخم يغذي إرهابها وعمليات العسكرية.

بحسب محللين، فإن التصعيد العسكري الحوثي بعد التراجع الإقليمي الإيراني يحمل أهدافًا مركّبة، تتضمن السعي لعرقلة المسار الأممي، وتصدير أزمة الحليف الإقليمي (إيران) إلى الداخل اليمني. كما تهدف الجماعة لإثبات استمرار قدرتها على خلق الفوضى وتحقيق ضغط عسكري ميداني قد يُستخدم كورقة تفاوض لاحقًا.

ويؤكد المحللون أن عودة التصعيد دليل إضافي على عدم جدية الجماعة في التوصل إلى سلام، ورفضها لجهود وقف إطلاق النار الشامل، رغم ما يعيشه اليمن من أوضاع إنسانية ومالية بالغة الصعوبة، وصفها تقرير الأمم المتحدة بأنها من بين الأسوأ عالميًا.

وفي الوقت الذي تصعد يتم فيه التصعيد عسكريًا في الداخل تُظهر الميليشيات ازدواجية لافتة في مواقفها السياسية والعسكرية؛ فبينما تُرحب علنًا بمساعي السلام الإقليمي وتبارك وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، وتدعو إلى إيقاف الحرب على غزة وتنادي بالسلام لحزب الله، تواصل في الوقت ذاته نسف كل المبادرات الرامية لإحلال السلام في اليمن، من خلال التصعيد المتكرر في جبهات القتال واستهداف الداخل اليمني بمزيد من العنف والتعنت. 

فالجماعة التي تلتزم بالهدوء أمام القوى الغربية وتتنازل في ملفات إقليمية، هي ذاتها التي ترفض تنفيذ أبسط التفاهمات مع الأطراف اليمنية، وتُمعن في تفجير الوضع ميدانيًا، ما يؤكد أن السلام الذي تدّعيه ليس لليمنيين، بل يُستخدم كورقة تفاوضية خارجية تخدم مشاريعها العقائدية وأجندة رُعاتها في المنطقة.

يؤكد الناشط السياسي نايف عوض، سلطة الحوثي تسعى إلى خلق العداء والأزمات مع الخارج في حين تتهرب من التصالح مع الداخل الذي يمثل أولوية قصوى، فالشعب اليمني يستحق أن ينعم بالسلام والانتصار لحقوقه وكرامته بدلًا عن الخارج.

وخاطب عوض في تغريده على صفحته في منصة إكس، سلطة صنعاء أن عليها أن تتصالح مع الداخل أولا إن هي أرادت الانتصار على الخارج، أما وهي تخلق لها عداوات في الداخل وتقمع كل صوت مخالف لها فإنها لن تستطيع مواجهة الخارج ولا الانتصار عليه. 

وأضاف: "أما أنك تخلق لك عداوات مع الخارج، وفي نفس الوقت تعتبر كل صوت مخالف لك في الداخل عدوا محتملا، دون أن تصغي له وتأخذ وتعطي معه، بل تقوم بتهميشه وتبطش به، (فكيف) تريد أن تنتصر".  وأضاف: إن "الانتصار يبدأ من الداخل، بالعدالة والمساواة والمواطنة المتساوية".