أكثر من 150 دولة تعترف بفلسطين.. بين الرمز السياسي وإحياء "حل الدولتين"

العالم - منذ 3 ساعات و 28 دقيقة
نيويورك، نيوزيمن:

لحظة سياسية بالغة الحساسية للصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، مع ارتفع عدد الدول التي تعترف رسميًا بدولة فلسطين إلى أكثر من 150 من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة، بعد موجة اعترافات أوروبية جديدة قادتها فرنسا وبريطانيا وعدة دول غربية.

 هذا التطور يعكس من جهة حالة الإحباط الدولي من استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة في غزة، ومن جهة ثانية محاولة إنقاذ ما تبقى من خيار "حل الدولتين" الذي بدا في السنوات الأخيرة أبعد من أي وقت مضى.

وخلال مؤتمر "حل الدولتين" الذي انعقد في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أعلنت فرنسا اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، تبعتها بلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وأندورا، فيما أكدت أستراليا وبريطانيا وكندا والبرتغال مواقف مماثلة. وبهذا، باتت ثلاثة أرباع دول الأمم المتحدة تقريبًا تعترف بفلسطين، في خطوة تمثل ضغطًا دبلوماسيًا متصاعدًا على إسرائيل التي تواجه انتقادات دولية غير مسبوقة بسبب حربها في غزة.

أهمية الخطوة لا تكمن فقط في عدد الدول، بل في النوعية؛ إذ إن اعتراف فرنسا وبريطانيا، وهما من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، يجعل الولايات المتحدة الدولة الغربية الكبرى الوحيدة التي ما تزال ترفض الاعتراف بفلسطين. هذا التحول يعكس شرخًا في المواقف الغربية التقليدية، ويزيد الضغط على واشنطن التي استخدمت مرارًا حق النقض (الفيتو) لإجهاض محاولات منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

قانونيًا، الاعتراف بفلسطين يمنحها حق تبادل السفراء وتوقيع المعاهدات والانخراط في المنظمات الدولية، لكنه لا يغيّر مباشرة واقع الاحتلال أو الاستيطان. ويرى خبراء أن الخطوة "رمزية" لكنها تحمل وزنًا سياسيًا ومعنويًا كبيرًا؛ فهي رسالة واضحة برفض السلوك الإسرائيلي، وإعادة الاعتبار للحق الفلسطيني في تقرير المصير، كما أنها ترفع سقف التوقعات حول أي مفاوضات مستقبلية.

المواقف الدولية من جدوى الاعتراف منقسمة إلى فريق يعتبره مجرد بيان دبلوماسي فارغ لن يوقف الحرب أو يحقق السلام. وفريق آخر يرى فيه دفعة أخلاقية قوية للشعب الفلسطيني، ورسالة تحذير لإسرائيل بأن مشروعها الاستيطاني يواجه عزلة متزايدة.

القيادي الفلسطيني مصطفى البرغوثي اعتبر الاعتراف "خطوة مهمة لكنها ناقصة"، مطالبًا بربطها بإجراءات عملية مثل فرض عقوبات على إسرائيل وحظر تسليحها. فيما يرى محللون أوروبيون أن الاعتراف يجب أن يكون جزءًا من عملية سلام شاملة، وإلا ظل مجرد ورقة رمزية.

على المستوى الإقليمي، يُنظر إلى هذه الاعترافات كـ"صفعة سياسية" لحكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، ومحاولة لتحفيز الدول العربية لتحديد شروط أكثر صرامة قبل أي مسار تطبيع جديد مع إسرائيل. أما دوليًا، فيُتوقع أن يفتح الاعتراف الباب أمام تعزيز مكانة فلسطين في المنظمات الدولية، ويمنحها أرضية أقوى في أي مفاوضات مستقبلية، حتى وإن ظل الحل بعيدًا في ظل انسداد الأفق السياسي وتصاعد العنف.

الاعتراف الدولي الواسع بفلسطين لا ينهي الاحتلال ولا يوقف الحرب، لكنه يرسم واقعًا سياسيًا جديدًا يُحرج إسرائيل ويضغط على الولايات المتحدة، ويمنح الفلسطينيين دفعة معنوية في وقت يعيشون فيه أسوأ أزمة إنسانية منذ عقود. وبينما يصفه البعض بأنه "خطوة رمزية"، فإن تراكم هذه الرمزية قد يشكّل مع الزمن رافعة سياسية لإعادة الاعتبار لحل الدولتين، أو على الأقل لإبقاء القضية الفلسطينية حاضرة في ضمير العالم كقضية تحرر وحقوق مشروعة لم تُحل بعد.