توجيهات إيرانية وراء انسحاب الحوثيين من مجمع الأمم المتحدة بصنعاء

السياسية - منذ 3 ساعات و 9 دقائق
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

يبدو أن اتفاق الإفراج عن موظفي الأمم المتحدة الذين احتجزتهم ميليشيا الحوثي في مجمع الأمم المتحدة بصنعاء قبل أيام لم يكن نتيجة تفاوض عفوي، بل تجلٍ لسطوة نفوذ إيراني خلف الكواليس، مدعومًا بوساطة عُمانية. هذا التفسير يكتسب منطقًا مع ما أعلنته الأمم المتحدة وما تظهره التطورات على الأرض، بأن الحوثيين استجابوا لتوجيهات عليا بضرورة الانسحاب ورفع الحصار عن سكن الموظفين الأمميين.

في 18 أكتوبر، اقتحمت ميليشيا الحوثي مجمّع سكن تابع للأمم المتحدة في صنعاء واحتجزت نحو 20 موظفًا، منهم 15 أجنبيًا، و5 يمنيين، ومنعت التنقل في المجمع أو إجراء الاتصالات والتحرك بحرية. وبعد يومين من الإقامة الجبرية والعزل تحت تهديد السلاح انسحبت الميليشيات بصورة مفاجئة وتم إطلاق سراح الموظفين اليمنيين في حين سمح للأجانب بالتحرك والتنقل واستخدام الأجهزة والهواتف للاطمئنان على صحتهم.

وصرح المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش تواصل هاتفياً مع وزراء خارجية السعودية وإيران وسلطنة عمان، ضمن الجهود الرامية لحل الأزمة. وأضاف أن الموظفين الدوليين باتوا قادرين على التحرك داخل المجمع والتواصل مع الأسر ووكالاتهم، لكن المخاوف تظل قائمة. 

من جانبها، نشرت وكالة الأنباء العُمانية أن غوتيريش عبّر في اتصاله بوزير الخارجية العُماني (البوسعيدي) عن "شكره وتقديره البالغ" لجهود الوساطة التي ساهمت في معالجة وضع بعض الموظفين. تلك الأحداث تُشير إلى أن التحرّك لم يكن محليًا بحتًا، بل استند إلى اتصالات ومعادلات دبلوماسية إقليمية، خاصة مع طهران وعُمان.

مصادر يمنية قالت أن ما جرى يحمل دلالات التوجيهات الإيرانية في خلف الكواليس من خلال انصياع الحوثيين، فإيران تُعد الداعم الأساسي والأفضل تجهيزًا لميليشيا الحوثي، سواء عبر الدعم المالي أو العسكري أو اللوجستي، وقد أظهرت أدوارًا سياسية في ضبط سلوك الحوثي في مناسبات سابقة. هذا الربط يجعل من الصعب على الجماعة أن تنفذ خطوة بهذا الحجم — الانسحاب من مجمع تابع للأمم المتحدة والإفراج عن محتجزين — دون موافقة علنية أو ضمنية من طهران.

فإذا ما صدقت المعلومات التي ترددت بأن الحوثيين تلقوا توجيهًا بضرورة الانسحاب من المجمع ورفع الحصار، فهذا يدعم فكرة أن القرار كان سياسيًا وليس تكتيكيًا محليًا كما حاول زعيم الميليشيات وقيادات الحكومة تبريره عبر إلصاق التهم ضد الموظفين العاملين مع الأمم المتحدة ومنظماتها في صنعاء.

وأشارت المصادر أن تحرك طهران ورفع الحصار عن الموظفين الأمميين في صنعاء ما هو إلا عرض قوة إيرانيّ في الساحة اليمنية، فطهران من خلال هذه الخطوة تثبت أنها الفاعل الذي يملك القدرة على ضبط مسار الحوثيين، سواء نحو التصعيد أو نحو التهدئة. الإفراج الفوري، مقابل التوجيه، يرسّخ صورة بأن الحوثي يتبع بصورة أو بأخرى سياقًا يتلقاه من الخارج، وليس بوصلة مستقلة بالكامل.

وأضافت أن اعتماد الأمم المتحدة على سلطنة عُمان في الوساطة ليس حادثًا عرضيًا، مسقط لطالما حافظت على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف اليمنية والإقليمية، وهي صاحبة ثقة نسبية لدى الحوثيين وإيران معًا. وفي هذه الحالة، لعبت دورًا تحفيزيًا وربما طرفًا ناقلًا لرسائل طهران أو داعمًا لها. مشيرة إلى أن التنسيق بين طهران وعُمان يظهر أن الصفقة لم تكن مجرد اتصالات مزدوجة، بل ضمن شبكة دبلوماسية متكاملة تديرها أطراف إقليمية مؤثرة.

ويرى مراقبون أن قبول الميليشيات الحوثية بتوجيهات إيران يمهد لوضع شروط ومكاسب سياسية ومالية، من خلال الحصول على معلومات أو أموال مشاريع إنسانية مقرر تنفيذها في محافظات محررة وإعادة المساعدات المنقطعة وغيرها من الامتيازات التي تبحث عنها الميليشيات عبر ورقة الابتزاز الأمني.