سيطرة الانتقالي على خارطة الجنوب.. هل تدفن معها خارطة الطريق؟

السياسية - منذ ساعة و 45 دقيقة
عدن، نيوزيمن، خاص:

في سياق ردود الأفعال حول الأحداث الأخيرة بالمحافظات الشرقية، أشار تحليل للمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية إلى تأثير الأحداث على مسألة استئناف مفاوضات السلام في اليمن.

ونشر المعهد تحليلاً للكاتبة إليونورا أرديماني، أشارت فيه إلى أن سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على حضرموت مؤخراً تمنع تقاسم نفط المحافظة وفق صفقة سعودية مع الحوثي.

التحليل، الذي نشر مركز “South24” ترجمة له، اعتبر أن سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على حضرموت والمهرة أدّت إلى تحوّل كبير في ميزان السيطرة على الأرض في اليمن، وقلبت التوازن الذي فرضه اتفاق الرياض عام 2019.

وأوضح التحليل أن تسارع المجلس الانتقالي الجنوبي في مساعيه نحو “الانفصال” يأتي في ظل طريق مليء بالتعقيدات المحلية والخارجية، حيث يظهر التفوق العسكري لقوات المجلس الانتقالي بشكل واضح، في مقابل ديناميكية سياسية وجيوسياسية لا تزال قابلة للتفاوض على المستويين القبلي والإقليمي.

ورجّح التحليل أن اختيار المجلس الانتقالي الجنوبي شنّ هجوم عسكري في هذه المرحلة يهدف إلى منع استئناف محادثات وقف إطلاق النار بين السعودية والحوثيين وفق موازين القوى الحالية، لا سيما أن عائدات النفط الحضرمي كانت مرشحة للإدراج ضمن المفاوضات الاقتصادية لما بعد النزاع.

ويُثير تحليل المعهد الإيطالي مسألة تداعيات الأحداث الأخيرة بالمحافظات الشرقية على إمكانية استئناف المشاورات حول ما تُسمى بـ“خارطة الطريق”، التي جرى الإعلان عنها من قبل المبعوث الأممي أواخر عام 2023م.

هذه الخارطة، التي تم التوصل لها عبر مفاوضات سرية أدارتها سلطنة عُمان بين السعودية وجماعة الحوثي، كان من المنتظر التوقيع عليها مطلع عام 2024م، إلا أن الأمر تعثّر جراء التصعيد الذي مارسته الجماعة في البحر الأحمر.

حيث أدى استهداف الجماعة الحوثية، المدعومة من إيران، للملاحة الدولية إلى تغيير الموقف الدولي بشكل كبير من الملف اليمني، وأدى إلى تجميد تام لمسار السلام، خاصة مع قرار الإدارة الأمريكية مطلع العام بتصنيف الجماعة منظمةً إرهابيةً أجنبية.

وحتى اليوم، لم يُكشف عن التفاصيل الكاملة لخارطة الطريق، فالإعلان الأممي عنها اقتصر على القول بأنها “مجموعة من التدابير تشمل تنفيذ وقف إطلاق نار يشمل عموم اليمن، وإجراءات لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، والانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة”.

كما تشمل الخارطة، وفق الإعلان الأممي حينها، عدة التزامات، من بينها “دفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة”.

ورغم أن المواقف والتصريحات الرسمية التي تصدر من جانب مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية منذ ذلك الحين تُظهر موافقة مبدئية على خارطة الطريق، إلا أنها تُلاقي رفضاً وتحفظاً علنياً ومبطناً داخل معسكر الشرعية.

ويُعد المجلس الانتقالي الجنوبي أبرز الكيانات التي تُبدي تحفظها على خارطة الطريق، وخاصة في الشق الاقتصادي المُتعلق بدفع جميع رواتب القطاع العام بالمناطق المحررة ومناطق سيطرة المليشيا الحوثية، واستئناف صادرات النفط التي توقفت بسبب هجمات المليشيا أواخر عام 2022م.

حيث تُشير التقارير والتسريبات إلى أن خارطة الطريق تتضمن مقترحات بتخصيص عائدات تصدير النفط لدفع مرتبات الموظفين أو تقاسمها وفق نسب معينة بين الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي، وهو ما يرفضه المجلس الانتقالي الجنوبي، وبشدة.

ويعود هذا الموقف لكون 80% من إنتاج النفط المُصدّر يأتي من حقول الإنتاج في محافظتي شبوة وحضرموت الجنوبيتين، ويرفض المجلس الانتقالي فكرة تقاسم عائدات هذا الإنتاج مع مليشيا الحوثي.

ومع استكمال سيطرة القوات المسلحة الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي على كامل حقول النفط في محافظتي شبوة وحضرموت مؤخراً، يبرز تحدٍ كبير أمام مسألة تقاسم عائدات النفط التي تطرحها خارطة الطريق، بل وأمام الخارطة بأكملها.

فالمليشيا الحوثية ترى أنها حققت مكاسب سياسية واقتصادية من خلال خارطة الطريق، أهمها مسألة تقاسم عائدات النفط تحت ذريعة دفع مرتبات الموظفين في مناطق سيطرتها، وقد ترفض بشدة التنازل عن هذا المكسب، حتى وإن أدى ذلك إلى نسف الخارطة والتفاهمات التي قادت إليها.