شهر رمضان.. روحانية وذكريات يشتاقها المغترب اليمني

المخا تهامة - Thursday 10 May 2018 الساعة 11:52 am
جلال محمد، نيوزيمن، خاص:

شهر رمضان الكريم.. شهر البركة والروحانية، وكما يعتبره اليمنيون أيضا شهر "اللمة" والاجتماع الأسري، وما إن يحل هذا الشهر المبارك إلا وتحل معه ذكريات الزمن الجميل لتجول في عقول وقلوب المغتربين ممن يعيشون خارج حدود الوطن الأم يراقبون ما يجري في اليمن وقلوبهم تتفطر ألما على الحال الذي وصله له من اقتتال ودمار وتخلف وجوع ومرض وكهنوت..

تزداد هذه المشاعر الإنسانية الصادقة مع تجليات وروحانية الشهر الكريم ولا يلبث المغتربون في بلدان المهجر في إطلاق العنان لذكرياتهم التي لا تكاد تمحى من ذاكرة الإنسان لكي تسترجع شيئا مما كان يحدث لهم في هذه الأيام المباركات، وكذا استرجاع تلك العادات والتقاليد الرائعة التي ترتبط بشهر الصوم.

حنين متزايد

هذه المشاعر وما يصاحبها من حنين واشتياق إلى الوطن، لا شك تتزايد في هذا الشهر المبارك وخاصة عندما تكون الغربة في بلد غير إسلامي.. كما أنها لا تتوقف بالنسبة للمفارق لأهله وأحبائه في أي مكان كان حتى للمقيمين في مناطق يمنية بعيدًا عن عائلاتهم وأفراد أسرهم..

يقول أحمد صالح، وهو موظف في العاصمة صنعاء وأسرته في إحدى المناطق النائية بمحافظة المحويت، بانه يجد شوقه إلى منطقته مضاعفا خلال أيام شهر رمضان المبارك الذي يرتبط بذكريات الطفولة التي لا تنسى. ويضيف أنه ما فائدة الحنيين والشوق ونحن عاجزون عن تلبية متطلبات الشهر الكريم، الشهر الوحيد الذي نريد أن يمر بهدوء وطمأنينية وخلوة مع الله.

ذكريات جميلة

ناصر محمد عبدالله - مغترب في السعودية، يقول إن رمضان يبعث في الروح الحنين إلى الوطن ويستعيد بذاكرة الإنسان إلى الأيام الجميلة التي قضاها في بلده، فالأجواء الرمضانية في اليمن كانت تنبعث من كل مكان والذي يضاعف الحنين والشوق، ففي شهر رمضان بالتحديد يستذكر المغترب بلده ولحظات حياته الجميلة التي كان يقضيها بين أسرته وأهله، وبين أبناء بلده، وحالة السلام والأمن السائدة، أما اليوم فلا شيء سوى الآلام والأحزان في بلد مختطف ومقتول بيد فئات متناحرة لأجل السلطة والمذهبية والعرق دون الاهتمام بالمواطن الذي يتجرع وبال الحرب والاغتراب..

ويضيف ناصر محمد، بان العديد من اليمنيين كانوا في السابق يسافرون إلى بلدهم في هذا الشهر لقضاء شهر رمضان المبارك بين أهلهم وأفراد أسرتهم وبحيث يتسنى لهم الصيام والقيام والعبادة بكل اريحية بين الأهل والأحبة وبين إخوانهم المسلمين ووسط بلدهم ومسقط رأسهم.

زين وأضواء

المغتربة بدولة الإمارات "دبي" ملاك محمد قالت: أهيئ نفسي للطاعات والعمل على التركيز عليها، ويتم هذا الاستعداد من خلال التخطيط لختم القرآن، ومعرفة المساجد التي سيحضر إليها كبار القراء، وذلك للذهاب إليها لأداء صلاة التراويح، وكذلك الاطلاع على الصحف والبرامج التلفزيونية لمعرفة أماكن المحاضرات الدينية والمسابقات مثل منشد الشارقة، وغيرها، كون البلد ينظم الكثير من الفعاليات الخاصة بالشهر الفضيل.

ولأن في دولة الإمارات الكثير من الديانات الأخرى فقد تعودنا على تمييز أنفسنا كمسلمين من خلال إظهار وإعلان الاحتفاء بهذا الشهر من خلال وضع الزين والأضواء بقدوم شهر رمضان المبارك. ومن ضمن العادات المتبعة برمضان شراء للأطفال فوانيس رمضان.

بالنسبة للتواصل الاجتماعي، فهو مركز حول العلاقات مع اليمنيين أمثالنا، أو الجيران، ولكن بشكل عام يعتبر التركيز على العبادات هو الطاغي على حساب العلاقات الاجتماعية المذكورة، فاللقاءات تعتبر محدودة وتركيزنا على رمضان بروحانيته وليس كاليمن في السابق مثلا اتذكر انه من بداية شعبان يبدأ الناس بالاستعداد لشهر رمضان بشراء أكبر كميات من المواد الغذائية كتمويل كامل لرمضان أما هنا فنتسوق بشكل طبيعي لرمضان قبله بيومين بشراء حاجيات البيت المعتادة، بالإضافة إلى بعض الأشياء الخاصة برمضان، لكن هذه المرة اختلف الأمر، فاليمنيون في الداخل يعانون كثيرا ولم يستطع الغالبية شراء مستلزمات رمضان بسبب توقف صرف المرتبات واستمرار الصراع الذي دمر كل شيء.

أما المغترب محمد أحمد – مدير موارد بشرية في دولة الإمارات يقول: تركيزنا كموظفين في بلد مثل الإمارات هو محاولة التغلب على التغيير بنظام العمل، فهناك اختلاف بعدد ساعات العمل حيث تكون برمضان أقل بساعتين عن الأيام العادية، وهذا بحد ذاته تحد من ناحية إنجاز الأعمال اليومية في وقت أقل من المقرر.

من ناحية التواصل الاجتماعي في رمضان فقد ارتفع خلال السنوات الأخيرة بسبب بقاء اليمنيين وأسرهم في الإمارات نظرا للحالة الامنية والأوضاع التي تعاني منها اليمن خلال الثلاث سنوات الأخيرة، أما في السابق فقد كان المغتربون اليمنيون يسافرون خلال شهر رمضان لقضاء الإجازة السنوية في اليمن، لما يحمله رمضان من روحانية ونكهة خاصة في بلادنا.

تلهج ألسنة اليمنيين بالدعاء لوطنهم وقلوبهم تتقطر دما لما وصلت إليه الأوضاع في اليمن، وبات الغالبية منهم يشعر بالضياع بسبب التمزق الذي يعانيه اليمن واليمنيون، فقد غاب عنهم كل جميل ارادوه وانقطعت آمالهم في قضاء رمضان أو الإجازات السنوية بين اهلهم وذويهم بسبب تردي الأوضاع المعيشية والأمنية وحالة الحرب التي يعاني منها اليمن منذ نهاية 2014.