إتاوات الحوثي أخطر من ارتفاع الدولار.. موجة غلاء تشل قدرة اليمنيين على مواجهة برد الشتاء

المخا تهامة - Saturday 24 November 2018 الساعة 09:08 am
صنعاء، نيوزيمن، جلال محمد:

وقفت "أم رياض"، أمام معرض للملابس في شارع 26 سبتمبر، وسط العاصمة صنعاء، مذهولة من الارتفاع الجنوني لأسعار الملابس الشتوية، حد أنها ستعود منزلها من دون أن تتمكن من اقتناء قطعة ملابس شتوية في سوق "الزهراوي"، الذي يشتهر بتدني جودة معروض البضاعة ورخص أسعارها.

أم رياض زوجة لـ"جندي" في الجيش، وهي أم لأربعة أطفال أكبرهم فتاة بعمر "14 عاماً" وأصغرهم طفل بعمر "3 سنوات"، كما أفادت لمراسل "نيوزيمن".

تقول أم رياض، إن الظروف المعيشية الصعبة بعد انقطاع المرتب الشهري لزوجها الجندي في وزارة الدفاع، أجبرته على العمل بالأجر اليومي "حمال في محل تجاري بصنعاء"، لتوفير ما أمكن لأسرته بعد فقدان مصدر عيشه الوحيد المتمثل بالمرتب، والذي انتهى في أيدي الحوثيين، مع مرتبات كامل موظفي الدولة، ولا أمل يلوح في الأفق للتوصل للسلام حتى تعود الحياة لطبيعتها قبل الحرب.

وتضيف لـ"نيوزيمن": "بعد جهد كبير قدرنا توفير 10 الف ريال من أجل شراء ملابس للبرد، لكن والله لي ساعتين ألُف من محل إلى محل (اتنقل بين المحلات) وأقل جاكت لطفلي الذي عمره ثلاث سنوات يتعدى سعره 4000 ريال.. التجار أهلكونا ولا رقيب عليهم".

في محل ملابس آخر، صادفنا رجلاً في لعقد الثالث من عمره، يصرخ: "أصبحت الملابس الشتوية للأغنياء فقط، خلاص المسكين يموت". وقال: "جئت للسوق معي خمسة الف ريال، لم أستطع فيها شراء جاكتين لثنتين بنات، بسبب ارتفاع الأسعار بأشكال جنونية".

جشع التجار واستغلال للموسم

يقول "هاني شرهان" ــموظف بالقطاع الخاص ــ إن راتبه لا يكفي لكسوة أطفاله وتوفير احتياجاتهم الأخرى، مع هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار"، مشيراً إلى وجود ارتفاع غير مبرر، مهما كان ارتفاع صرف الدولار، وتجاوز الارتفاع في الأسعار 150% مقارنة مع العام الماضي.

من جانبها تقول أسماء المطري -موظفة تربوية- معلقة على أسباب ارتفاع أسعار الملابس الشتوية: "هي موضة (عادة أو سلوك ثابت) تعودنا عليها من التجار مع بداية كل موسم برد ".

وتؤكد أسماء أن "مصيبة اليمنيين (مشكلتهم) تكمن في عدم وجود رقابة حكومية على التجار أو تفعيل الضبط والتشهير بحق التجار المستغلين.. ما دام والتاجر يدفع العائد (تقصد يدفع مبالغ مالية لقيادات ميليشيا الحوثي) له كل الحرية يبيع بالسعر الذي يريد".

أم حسان -ربة منزل- تقول إنها تجد صعوبة في شراء احتياجات الأطفال خاصة مع دخول الشتاء، مضيفة أنها قامت بشراء 4 فانيلات صوف ولادي بمبلغ عشرة آلاف ريال. ووصفت ما يحدث في أسعار الملابس من غلاء وجشع واحتكار من بعض التجار، بالكارثة.

الإتاوات الحوثية تشرعن الغلاء

وقد حاول "نيوزيمن"، التحري من أحد تجار الملابس في صنعاء، عن السبب الحقيقي وراء هذا الارتفاع الهستيري في الأسعار، والذي حتماً ليس انخفاض صرف الريال أمام الدولار.

يقول التاجر ــ الذي طلب عدم ذكر اسمه: لا يوجد في السوق ملابس مستوردة من هذا الموسم لأسباب عديدة هذا من جهة، ومن جهة ثانية ارتفاع سعر الصرف للدولار، يجعل تكاليف الاستيراد مضاعفاً، وبالتالي تتضاعف أسعار الملابس مرتين، وهناك سبب آخر هو أن بعض التجار الكبار الموردين الأساسيين يدفعون إتاوات كبيرة للحوثيين ويقومون بتعويضها من خلال إضافتها فوق أسعار السلع، ما يتسبب في إثقال كاهل المواطن ويجعله غير قادر على الشراء في ظل عدم حصولهم على رواتبهم".

وزعم عدد من تجار الملابس عدم رضاهم على الغلاء الفاحش في الأسعار والأعباء الكبيرة التي يتعرض لها المواطن، خاصة وأن الغلاء مع تدني القدرة الشرائية للمواطنين، خلق ركوداً لم يعهدوه من قبل، ولكنهم في النهاية يضطرون لشراء الدولار من السوق السوداء بأسعار مرتفعة، ويدفعون إتاوات في كل نقطة حوثية حتى يصلوا للعاصمة، فضلاً عن جبايات مالية تفرض عليهم من قبل قيادات بذريعة "دعم المجهود الحربي".

ويقول تجار إن الحوثيين لم يكتفوا بمطالبتنا بدعم المجهود الحربي، بل وصل الأمر حد إجبارنا على منحهم عينات وأصناف ملابس لـ "أسر الشهداء" ولا يدفعون سوى50% من قيمة الفاتورة والبقية "كتب الله أجرك"، كما أفادوا.

ويلحظ أن الكثير من الأسواق في العاصمة صنعاء، والتي كانت في السابق تعرف بشدة الازدحام وتشهد اقبالاً من المتسوقين لرخص أسعار معروضاتها من الاحتياجات اليومية خصوصاً الملابس، أصبحت حاليا شبه خالية، وبدلاً من أن تشاهد طوابير طويلة من البشر كما كان معهوداً لم يعد فيها غير الباعة.

ويعود ذلك إلى الوضع المعيشي المريع الذي وصل اليه ملايين اليمنيين دفعتهم ميليشيا الحوثي إلى كارثة إنسانية هي الأسوأ في العالم، مع استمرار سيطرتها على موارد الدولة ونهب عائداتها وحرمان موظفي القطاع العام مرتباتهم الشهرية، فضلاً عن نهب الميليشيا للمساعدات الإنسانية الدولية.