"حمام الدم" يلاحق أذرع إيران.. خامنئي لخص "فزع الملالي" من يقظة المارد العراقي

السياسية - Wednesday 09 October 2019 الساعة 11:23 pm
نيوزيمن، (أ.ف.ب، بي بي سي، إعلام):

التعليقات الإيرانية على الاحتجاجات العارمة التي عصفت بسلطة المحاصصة الطائفية وباغتت إيران وحلفاءها في العراق أعطت تصوراً حيال "إيران التي استفزتها الانتفاضة غير المسبوقة ضد سلطات تهيمن عليها بالوصاية أو بشكل من التبعية"، بحسب ردود وتعليقات حملت الإيرانيين مسئولية سفك دماء المتظاهرين لقمع وإجهاض أي تحرك حقيقي يهدد مصالح النفوذ الإيراني في بغداد والعراق.

يسود الهدوء في العراق لليوم الثاني على التوالي وسط استمرار انقطاع الانترنت في العديد من المناطق، الأربعاء، في حين دعت واشنطن بغداد إلى "محاسبة الذين ينتهكون حقوق الإنسان"، بعد حركة احتجاجية أسفرت عن مقتل أكثر من مئة شخص وإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين.

وكان العراق شهد منذ الأول من تشرين الأول/أكتوبر تظاهرات بدت عفوية تحركها مطالب اجتماعية، لكنها ووجهت بالرصاص الحي. وقد أفضت ليل الأحد الاثنين إلى حالة من الفوضى في مدينة الصدر، معقل الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي طالب باستقالة الحكومة.

واعترفت القيادة العسكرية العراقية الاثنين بحصول "استخدام مفرط للقوة" خلال مواجهات مع محتجين في مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية بشرق بغداد أسفرت عن مقتل 13 شخصاً ليلاً، بحسب مصادر أمنية وطبية.

وبلغت الحصيلة الرسمية لأعمال العنف التي طالت بغداد وجنوب العراق ذي الغالبية الشيعية أيضا أكثر من مئة قتيل وأكثر من ستة آلاف جريح.

وما زال الغموض يلف هوية الذين قاموا بأعمال العنف، إذ إن السلطات تحدثت عن "قناصة مجهولين".

وتعليقا على هذه الاحداث رأى المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي أن "الأعداء" يحاولون دق إسفين بين طهران وبغداد، وذلك في تغريدة الاثنين بعد الاضطرابات الدامية في العراق.

قمع وقطع الانترنت

من جهتها،حضت منظمة العفو الدولية السلطات الأربعاء على "التحقيق بشكل صحيح" في "الاستخدام المفرط والمميت" للقوة.

وقالت المنظمة إنها قابلت ثمانية نشطاء قالوا إنهم رأوا المتظاهرين يقتلون على أيدي القناصة.

بالإضافة إلى ذلك، اوضحت المنظمة إنها جمعت شهادات تصف "حملة قاتمة من المضايقة والترهيب واعتقال ناشطين مسالمين وصحافيين ومتظاهرين".

ورغم توقف أعمال العنف في بغداد والجنوب، بقيت شبكات التواصل الاجتماعي محجوبة بعد أن تمكن الناشطون من تصوير أعمال العنف بشكل واسع.

وحتى الآن لم تعلق السلطات العراقية على قطع الانترنت الذي يشمل ثلاثة أرباع البلاد، كما ذكرت المنظمة غير الحكومية المتخصصة في أمن المعلوماتية "نيتبلوكس". وحدها منطقة كردستان العراق في شمال البلاد لم تتأثر بهذا القطع.

وقالت "نيتبلوكس" إن "هذا القطع شبه الكامل (للشبكة) الذي فرضته الدولة في معظم المناطق، يحد بشكل خطير التغطية الإعلامية ويحول دون الشفافية إزاء ما يجري".

وأكد مزودو الشبكة لزبائنهم أنهم لا يستطيعون إعطاء معلومات.

أزمة سياسية وقلق غربي

في مواجهة الحوادث الدموية، أدت حركة الاحتجاج الاجتماعي إلى أزمة سياسية.

ففي بلد يتأثر بنفوذ الدولتين العدوتين، إيران والولايات المتحدة، ويتبادل مسؤولوه الاتهامات بالولاء لقوى أجنبية، أطلق الرئيس برهم صالح نداء إلى "أبناء الشعب الواحد".

وأعلن عن "حوار وطني" عقدت من أجله حتى الآن سلسلة لقاءات بين برلمانيين وكذلك بين الحكومة وزعماء عشائر وأحزاب سياسية.

وكان المتظاهرون أطلقوا هتافات ضد كل هؤلاء الممثلين، وفي حدث غير مسبوق في العراق، لم يستجيبوا مع نداءات شخصيات سياسية أو دينية معروفة.

وقد أعلنت الحكومة والبرلمان عن إجراءات اجتماعية تهدف إلى تهدئة غضب الشارع الذي تظاهر ضد الفساد والبطالة والمحسوبية وتراجع الخدمات العامة، في بلد غني بالنفط يعيش واحد من كل خمسة من سكانه تحت عتبة الفقر.

من جهتها، اعلنت الدبلوماسية الأميركية ليل الثلاثاء الأربعاء أن وزير الخارجية مايك بومبيو دعا الحكومة العراقية إلى التحلي ب"أقصى درجة من ضبط النفس". وأضاف أن "الذين انتهكوا الحقوق الإنسانية يجب أن يحاسبوا".

وعبرت لندن الأربعاء عن "قلقها" من دوامة العنف الأخيرة. وكتب وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب في تغريدة على تويتر أنه أكد لرئيس الوزراء العراقي ضرورة "احترام حق التظاهر بشكل سلمي وحرية الصحافة".

البعد الإيراني: هيمنة وتذمر

وألقى عدد متزايد من الأشخاص والكتاب والمعلقون بأصابع الاتهام على إيران وراء حمام الدم.

وفي "الزمان" العراقية، يقول رافد جبوري إن المتظاهرين "سلميون ولديهم قضية عادلة".

ويضيف: "إنهم ليسوا متآمرين بل مهمشين يحاربون جبالا من الفساد تستند إلى الميليشيات ودعم خارجي وداخلي قوي. لا أعرف إن كانوا سينتصرون أم لا في النهاية لكنهم قدموا موقفا تاريخيا نبيلا للشعب العراقي الذي عندما جاع ثار بهذه الطريقة، ثار ضد الطائفية والفساد سلميا وبلا نصير غير إرادته التي لن تموت".

يرى شمسان بن عبد الله المناعي في "الشرق الأوسط" اللندنية أن الاحتجاجات جاءت "نتيجة تراكمات من الفساد والتدخل الإيراني البغيض بعد الغزو والأحزاب المتهالكة وتعاقب حكومات فاشلة".

ويرى أن هذه الحكومات "تباطأت في رسم سياسات لمستقبل العراق، وصرفت الأموال هنا وهناك، بالإضافة إلى الميليشيات التي استنزفت الميزانيات، كل ذلك مثَّل ضغوطاً سياسية واقتصادية ولوجستية على شعب العراق، الذي استهانت به إيران، فكان لا بد أن يحدث مثلما حدث ويقول الشعب كلمته".

ويرى محمود الريماوي في "الخليج" الإماراتية أن الاحتجاجات "كانت عابرة للطوائف والمناطق، وربما هذا ما أثار مخاوف 'الدولة العميقة' هناك من أن تتوحد الأصوات الشعبية وأن تعود اللحمة إلى النسيج الوطني والاجتماعي على قاعدة المطالب العادلة التي تجمع العراقيين، وأن يتحد الجميع في وجه الفساد المستشري الذي ينعكس إفقاراً للناس، وتقهقهراً للخدمات الأساسية، واضطراباً في حبل الأمن، وتشريداً للنازحين، والبطء الشديد في وتيرة الإعمار، وكأنه يراد لهذا البلد العظيم ألا ينهض من كبوته".

بينما تؤكد صحف وآراء، كما في القدس العربي، أن هناك بُعدا آخر في التظاهرات والذي يتمثل في "علاقة استتباع المنظومة الحاكمة والميليشيات بإيران، بحيث يتكامل مشروع الفساد الحزبي والميليشياوي مع علاقة التبعية البائسة لبلد آخر، حيث تجري مبادلة قوامها السماح لمنظومة الحكام والميليشيات بالفساد المعمم مقابل الحفاظ على مصالح طهران".

وتحت عنوان "جيل العراق الجديد ينتفض"، يقول سعد ناجي جواد في رأي اليوم اللندنية "تجدد الهتافات التي تقول (إيران بره بره بغداد تبقى حرة) وهو هتاف يعكس عظم التذمر الشعبي من هيمنة النفوذ والتواجد الإيراني، السياسي والمسلح، في العراق، والأهم تأثيره الكبير على الأحزاب الحاكمة والميليشيات المسلحة".

كما يقول مشعل أبا الودع الحربي في السياسة الكويتية إن العراق يشهد "حالة من الغليان بعد أن سبب تدخل إيران فيها كوارث في نواحي الحياة كافة، وأثر هذا التدخل على الاقتصاد بسبب نهب إيران ثرواتها، وانتشر الفقر والجوع والبطالة".

ويضيف الكاتب "يبقى نظام الملالي ينهب ثروات العراق، ويترك الشعب في فقر مدقع، ورغم أن العراق من الدول النفطية إلا إن شعبه يعاني الفقر والجوع، ولايستطيع الحصول على أبسط حقوقه في حياة آدمية كريمة، وهذا أدى إلى غضب في الشارع وكانت بدايته من البصرة التي رفضت التدخلات الإيرانية في الشؤون البلاد، وخرج الناس ضد أذناب إيران".