عن الاشروح واللواء 17 ومليشيات الحوثي

تقارير - Tuesday 14 July 2020 الساعة 11:15 am
نيوزيمن، كتب/أدونيس الدخيني:

مرة أخرى نعود إلى الأشروح، نحكي مجددًا، ونُذكر الجميع، بمعاناة سكان هناك بفعل مخلفات ميليشيات الحوثي الانقلابية، وبعبث وتلاعب وتجارة اللواء 17 تهريب بالمعارك وعمالته مع تجار المليشيات.

في آخر مناطق مديرية جبل حبشي الواقعة بريف مدينة تعز الغربي تقع الأشروح، وصلت إليها ميليشيات الحوثي قبل ثلاث سنوات ونصف، وهي آخر المناطق في الأثناء الواقعة على التماس بين القوات الحكومية والمليشيات الحوثية، التي وصلت إلى قرية ’’القوز‘‘ وفي الأخيرة تسكن أكثر من سبعين أسرة.

هُجّرت هذه الأسر وتشردت بعد وصول المليشيات الحوثية، على خلفية رفضها للمليشيا، والانحياز إلى صفوف القوات الحكومية. عند افتتاح الجبهة، قدمت الأسر التي هي في الأصل فقيرة، كل ما تستطيع تقديمه لعناصر القوات الحكومية التي تتمركز فيها. لكن القوات الحكومية لم تكن تقاتل بصدق في مواجهة المليشيات، كانت تتاجر في المعارك لا أكثر، ووصلت إلى درجة التسول ومطالبة السكان في منطقتي الاشروح وبني بكاري بالدعم، وحصل هناك فرق، وكانت تأكل وتنام.

ولاحقًا، لم تقاتل قوات اللواء17، وغادر أفراد كتيبة يصل عددهم أكثر من مئتين، باستثناء مجموعة ينتمون إلى البلاد، واضطر السكان إلى الخروج وقتال ميليشيات الحوثي، بينما أفراد الكتيبة يستلمون رواتبهم وهم يغطون في سبات عميق بمنازلهم، مقابل مبالغ تدفع لشخصيات تناوبت على قيادة الكتيبة.

قاتل أبناء البلاد، وصمدوا، وسطروا ملاحم بطولية في مواجهة بقايا الإمامة بأبسط أنواع الأسلحة، وقدموا تضحيات، سقط منهم شهداء وجرحى. صمودٌ عجزت المليشيا عن كسره رغم الاستماتة التي أبدتها عناصرها، واستمر حتى وصول القوات المشتركة إلى مديريتي الوازعية وموزع، وقطعت بوصولها خطوط الإمداد الرئيسية للمليشيات الحوثية، فاضطرت الأخيرة إلى الانسحاب من القوز، والتراجع إلى مناطق القاعدة والطوير وشُبِيه.

انسحبت المليشيات الحوثية، وتركت في المنطقة المئات من الألغام وشبكات عبوات ناسفة، زُرعت في محيط المنازل، ومداخل المنطقة، والطرقات، وفي الأراضي الزراعية. طالبت الاسر اللواء17 مشاه المساعدة في العودة إلى منازلها، ونزع الألغام الأرضية.

رفض اللواء 17، الاستجابة، وغابت المسؤولية، وانعدمت حتى الإنسانية لدى قيادة اللواء أبرزهم، عبدالرحمن الشمساني، واستاذ الرضيات الذي قذفت به المرحلة إلى عمليات اللواء الأستاذ عبده حمود الصغير، وكان صغيرًا على المنصب، وأمين جعيش، وبقية الموظفين مع تجار ميليشيات الحوثي في الأثناء، لتأمين الطرق التي يهربون عبرها، الأسمدة التي تدخل في صناعة المتفجرات من المحافظات المحررة إلى مناطق سيطرة المليشيا عبر منطقة الاشروح، مررواً بمديرية مقبنة، وصولًا إلى المناطق التي تسيطر عليها المليشيا في مدينة تعز.

لم تستسلم الأسر لهذا الرفض الذي كان وراءه هدفان، الأول، استمرار بقاء الجبهة والحصول على الاعتمادات، والثاني، تحويلها إلى تجارة حرب، فقررت المغامرة ومواجهة الموت، بعد أن قست عليها المعاناة وهي تعيش حياة التشرد والفقر، فعادت إلى منازلها. وبالعودة فقد طفلان أكبرهما عمره عشر سنوات، أمهما التي انفجر بها لغم أرضي زرعته المليشيات في محيط المنزل، وقبله، انفجر لغم أرضي بشابة أدى إلى بتر ساقها، وبعد الاثنين، انفجر لغم ثالث بطفل كان يلعب جوار منزل اسرته، وفقد عينيه، ولاحقًا انفجر لغم أدى إلى بتر رجل شابة كانت ترعى الأغنام، من أجل ان تكسب قوتها وقوت اسرتها التي تعتمد على الأغنام سواء في بيعها، أو في صناعة الجبن من حليب الأغنام، وبعد ذلك انفجر لغم أدى إلى إصابة مدنيين اثنين اثناء مرورهما في مركبة إلى منطقة الرحبة.

أُشير هنا، إلى تمكن السكان عقب العودة من نزع العشرات من الألغام وشبكات من العبوات الناسفة، لكن تبقى الغام أخرى مزروعة كانت تحتاج إلى جهاز كشف، وهو ما رفضه وما زال اللواء 17 إرساله من أجل مساعدة هذه الأسر التي وقفت إلى جانبه، في العودة إلى منازلها.

وأحد هذه الألغام انفجر في وقت سابق من يوم الأحد، بأحد الأصدقاء الأعزاء ’’سلطان مهيوب‘‘، عندما كان متجهًا إلى زيارة شقيقته في المنطقة، ودمر المركبة التي كان على متنها برفقه آخرين من أبناء البلاد. لا تُقرى ممارسات اللواء 17 مشاه تجاه السكان سوى أنها حقد، ومصلحة قذرة على حساب معاناة الناس، سيما وأن هذا الرفض أعقبه ممارسات أخرى، على سبيل المثال لا الحصر، اختطاف أبناء المنطقة تحت تهم مختلفة لم يستطع إثبات صحة واحدة منها.

مؤخرًا ومنذ أكثر من عامين، توقفت الجبهة عن المعارك تمامًا، واتجهت قيادة الجبهة إلى التعاون مع ميليشيات الحوثي. هذا التعاون تمثل في السماح بمرور شحنات تهريب منها سجائر وأسمدة، ومواد أخرى مشبوهة مقابل ثلاثين ألفاً عن كل مركبة، وتمر اسبوعيًا أكثر من ثمانين مركبة. وتطور الأمر الآن إلى ابتزاز التجار الذين يمرون ببضاعتهم إلى الأرياف، وكذلك مالكي المركبات بدفع مبالغ مالية.

ومع ازدهار التجارة، استدعت قيادة الجبهات أفرادها المتغيبين، لنصب النقاط ومرافقة شحنات التهريب في الاشروح. غاب هؤلاء الأفراد عندما كانت المعارك على أشدها، وحضروا لحماية شحنات تهريب المواد المشبوهة للمليشيات الحوثية. ورغم كل هذا، ثمة نشطاء لا يجدون حرجًا في الحديث عن بطولات مزيفة للواء 17 مشاه، وأنه جيش وطني. أي جيش وطني هذا الذي يجمد الجبهات مع العدو، ويتعاون معه. للجيش شروطه، وهذه الشروط، تكاد تنعدم في اللواء 17 مشاه، وهو أقرب للمليشيات مما هو للجيش الوطني.

ولهذه الممارسات، نقول لا أمل في استكمال تحرير المدينة، ولا مسؤولية وطنية توجد عند من يقودون الألوية العسكرية في المدينة، ولا هم لهم سوى كيفية الحصول على المال حتى ولو كان ذلك بالتعاون مع ميليشيات الحوثي، أو بالحصول عليه من صاحب بسطة في أحد شوارع المدينة يبحث عن قوت سرته، ولا أمل لانتهاء المعاناة التي يتكبدها أبناء منطقتي.