الحلقات المفقودة في قضية الطفلة خديجة.. من قضية رأي عام إلى صراع بين الناشطين

السياسية - Sunday 30 August 2020 الساعة 11:50 am
القاهرة، نيوزيمن، هاني علي:


لا تبدو قصة خديجة غامضة وحسب بل أخذت أبعاداً وتجاذبات بين الناشطين بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم، منهم من وقف مع ومنهم ضد.

بدأت قصة خديجة حين اختفت مطلع أغسطس/ الجاري، وبحسب الأم فقد ذهبت لتقديم بلاغ، فقيل لها لا يمكن تحرير بلاغ قبل مرور مدة لا تقل عن 24 ساعة.

تم التبليغ والتحرك بعدها من قبل الأم وبتعاون بعض الناشطين اليمنيين.

القصة بدأت بروايات متعددة ابتداءً من الوقت الذي اختفت فيه ومتى؟ وكيف؟ والدوافع؟ ومن يقف خلف هذا الاختفاء أو الاختطاف؟ وأين تذهب؟ ومع من تجلس وتصادق؟ كما تبين لاحقًا.

الأمن المصري قام بالواجب

عادت خديجة البالغة من العمر 13 عامًا إلى أمها حيث تسكن في منطقة "الدقي" خلف مطعم جاد بعد غياب استمر ليومين تقريبًا أو أقل من 48 ساعة.

كان الأمن قد ألقى القبض على اثنين من المشتبه بهم، وما زال الثالث في الطريق للقبض عليه، العديد من الشباب في الحي منتظرون نتائج الفحص إن كانت قد تعرض للاغتصاب فعلا وسيقومون بردة فعل غاضبة ضد الخاطفين.

وصلت خديجة المنزل من خلال أحدهم؛ فاعل خير كما قيل، كانت متعبة وكان ردة فعل الأم لليمنيين المتعاونين أن ابنتها عادت والحمد لله لكنها متعبة وقد تعرضت للاغتصاب.

تم اتهام جيرانها من المصريين واختهم 12 عامًا بأنها أكثر واحدة مرتبطة ببنتها، وأنهم يبيعون الحشيش وبلاطجة، وقد لفت نظرها أكثر من مرة اختهم الصغيرة تأتي إلى خديجة ويسقط من جيبها حشيش.

وأنها لم تستطع السيطرة على بنتها في الفترة الأخيرة، وهي كثيرة الزيارات لشقة الجيران وهذه تفاصيل مهمة أدلت بها الأم لأحد الأخوات اليمنيات التي كانت ضمن المتابعين.

بالمناسبة "هناك مكالمة تم تداولها في اللحظات الأولى لاخت يمنية اسمها فرح كانت في غاية الأهمية حيث تطرقت إلى أن هناك علامات استفهام حول روايات الأم".

هذه الأقوال تأخذ حدين، أن الأم مقصرة برغم ظروفها المالية التي دفعتها للعيش في حي فيه شبهة، وأن البنت اختفت في ظروف مليئة بالملابسات ولم يكن اختطافا من عصابة متمرسة وإنما معروفين.

تم التحرك على نطاق واسع وتدخلت السفارة وتم إجراء التحريات والفحوصات، واتضحت النتائج أنها سليمة من الاغتصاب وتم إطلاق سراح المتهمين.

وخرج الناشطون اليمنيون من المتطوعين وكان أبرزهم غسان البذيجي وهو طبيب جراحة وتجميل بأن البنت بخير والتقط صورة معها، وهي الرواية التي أكدتها السفارة ومندوبوها.

بدأت الروايات تتعد

اعتقدت الناس كالعادة أن هناك كما يقولون "في الأمر إنَّ"؛ مع أنه لا أحد لديه مصلحة لا السفارة، ولا الأمن المصري، ولا الناشطين، ولا الأم أيضًا.

فمن غير المعقول أن يتورط أحد هذه الأطراف في تحمل وزر لا يحتمل، وهو التستر على جريمة اغتصاب طفلة، وكذلك الأم فهي المعني الأول بالحقيقة وتستطيع انتزاعها من ابنتها بالتعاون مع الأطباء. 

قيل أيضًا إن البنت ظلت الطريق إلى المنزل فاضطرت للمبيت عند إحدى صديقاتها أو هكذا وأنها بخير، وهنا زادت الشكوك أكثر بعد أن بدأت الروايات تتغير.

الأم نفسها بدأت تغير الأقوال وقصص الضياع أو الاختطاف ما جعل الناشطين في حيرة بعد أن أدلوا بدلوهم، وبدأ الناس بالهمهمات.

حقائق أولى ومفاتيح

منذ اليوم الأول كانت هناك ناشطة تم تداول مكالمة تلفونية مسجلة بصوتها اسمها فرح، تم التطرق لها سلفًا، وهي إحدى المتعاونات منذ اللحظة الأولى للحادثة مع آخر اسمه فؤاد آزال وسميرة الحوري التي كانت معتقلة لدى الحوثيين.

ذكرت التفاصيل التي أوردتها الأم حول الحي والحشيش وقصة بنتها مع أخت المتهمين فقالت بالحرف الأم تتحمل المسؤولية وهي على معرفة بأمور كثيرة.

والحقيقة المكالمة كانت طويلة ذكرت فيها اللحظات الأولى للتعامل مع اختفاء البنت، وردود أفعال الأم والناس والأمن، وقد نبهت إلى عدة أمور كشفت لاحقًا أن البئر عميق.

انسحب البعض من المشهد وتم التعاون مع الأم ماديًا ومعنويًا بتعاون الكثير من ضمنهم الأستاذ علي العيسائي رئيس "الجالية اليمنية"، وتم نقل الأم وابنتيها وولدها إلى مكان آمن وبعيد في منطقة "الفيصل".

اتضح أن الأم تعاني من كثير من الأمراض المزمنة، منها السرطان والسكري، وأن إقامتها منتهية، وعليها إيجارات متأخرة؛ ما يعني أن ظروفهم تحت الصفر، وأن بنت الجيران كانت تأتي وتأخذ ابنتها بالقوة رغم أنها ضربتها أكثر من مرة دون فائدة.

الغريب في الأمر أن الأب غائب تماما في هذه القصة ما يعني أنه مات. كما أن الكثير من المعلومات تشير إلى أن الأم هي من أصول مصرية والأب يمني؛ هذا قد لا يهم كثيرا هنا، لكن فقط للتنويه.

دور السفارة اليمنية

أرسلت السفارة اليمنية اثنين من مندوبيها محمد الدعيس وشخصا آخر، وكانا ضمن فريق واحد مع الأمن المصري والمتعاونين، أدى الجميع دوره وأغلق ملف القضية في حينه.

خرج الجميع بتقرير أن البنت سليمة ولم تتعرض لأي اغتصاب، وتم نقل العائلة إلى منطقة أخرى غير التي كانت فيها، لكن ذلك لم ينه الأمر، بل فتح نافذة جديدة للتساؤلات.

جاء ذلك بحكم وسائل التواصل الاجتماعي، الذي يعتمد معظم رواده على الحماس والعاطفة لا المعلومة الدقيقة خاصة وأن الأمر فيه عرض وشرف.

بالإضافة إلى أنهم وجدودها فرصة للهجوم على السفارة والسفير بأثر رجعي، كون هناك عشرات من نقاط الاستفهام على أداء السفارة بشكل عام خلال الأعوام الأخيرة.

بالنسبة للسفارة في حينها تم التواصل مع خالد العقيلي وقد أفاد أن السفارة لا تستطيع التحرك قبل أن يقدم بلاغ واستغرب من الأم لماذا تأخرت في تقديم البلاغ؛ وبعدها تحركت السفارة واطلعت على تفاصيل كثيرة. 

ردود أفعال وسعة

لن أتحدث هنا عن ردود أفعال الناس بشكل عام، ولن اتوسع في شرح تفاصيل قديمة، وإنما سأورد ما طرأ خلال اليومين الماضيين والذي كان مفاجئا للجميع.

فقد فتحت القضية من جديد وبصورة مخيفة، حيث تناقل البعض أخبار أن الحالة الصحية للطفلة خديجة انتكست وهي ترقد في أحد مستشفيات القاهرة بين الحياة والموت.

هذه المرة ظهر ناشطون جدد ومتعاونون غير السابقين أمثال فتحي شكري وحمزة النجار وغيرهما، بدأوا العمل على ملف القضية؛ والخطير في الأمر أنه تم نشر صور للطفلة وهي في أحد المستشفيات وصور أخرى لبقع دم قيل إنها للحالة نفسها وأنها تتقيأ دما.

الجميع حتى اللحظة تحرك عن عاطفة ولم يصل أحد منهم إلى قصة ما يجري بالضبط، ولم كل هذه المستجدات.

وهنا بدأ المناصرون الجدد متحمسين، والناس بين مصدق ومكذب، وبدأ الهجوم على السفارة والناشطين القدامى الذين وقفوا مع خديجة وأمها.

هذه المرة السفارة اليمنية لم تحرك ساكنًا ولم تعلق لا من بعيد ولا من قريب حول المستجدات، لكن الخلاصة أنه تم الكشف عن البنت من جديد وفحصها وما زالت النتائج في المختبرات.

رأي آية خالد إعلامية

الإعلامية الشابة آية خالد كتبت على صفحتها تفاصيل كثيرة، أرادت من خلالها الوصول إلى نتيجة اللوم لماذا الإعلاميون لم يتابعوا الحقيقة.

وتحدثت عن تفاصيل أوردناها أعلاه وكيف ظهر الناشطون مباشرة، وتعليقات وتقرير السفارة، وإنكار الأم حالة الاغتصاب بعد اعترافها، وكيف جاء كل هذا على حساب قضية الطفلة.

خلصت إلى نتيجة بأن الجهة الرسمية المخولة بالمتابعة قانونيًا هي السفارة اليمنية، خاصة أن أم الطفلة كل فترة تطلع بكلام ينافي الأول.

وأضافت بقولها، نحن هنا في مصر إما بإقامات طلابية أو سياحية، وهذا قانونيًا لا يعطينا الحق بالمتابعة، كوننا لسنا جهات رسمية ومسؤولة أمام القضاء المصري، والقضاء المصري عادل وعارف كيف يردع الظالم وينتصر للمظلوم.

وختمت علينا أن نتجه من أجل حماية أطفالنا نحو السفارة، والضغط عليها بمتابعة الموضوع بجدية أكثر، بعين مسؤولة، أما خبر ثان لا أحد يتعب نفسه.

وعاتبت الناشطين بقولها، يكفيكم تتصوروا مع خديجة وأسرتها وتنشروا الصور، عيب استحوا على أنفسكم أعراض ومشاعر الناس مش لعبة تشهروا بها، راعوا الحالة النفسية للأسرة، سواء تم اغتصاب أم لم يتم، رهبة اختفاء الطفلة عن أمها كافية.

حمزة النجار متعاون

أحد الذين زاروا البنت ذكر أن القصة غامضة منذ البداية، وأن هناك من يقف خلف الكواليس لكي يخفي الحقيقة ويريد أن تُسجل القضيه ضد مجهول.

وبرأ الأم من أنها تريد التلاعب أو المتاجرة بابنتها، كما ذكر بعض الناشطين، وكأنها تتعرض للتهديد المباشر، رغم أنها تريد أن تقول شيئا لكنها لا تستطيع.

خُلاصه الكلام، تفاعلنا هو لأجل البنت، وما رأت أعيننا بغض النظر عن ما يتداوله الناشطون أو غيرهم، وبغض النظر عن القضية، هدفنا تعافي البنت والسلام، والذي يتلاعب بالقضية الله لا وفقه.

غسان البذيجي

غسان هو أول المتعاونين وأكثرهم حركة وكان يقدم المعلومات أولا بأول، لذا فقد تم تحميله المسؤولية واتهم بأنه تلاعب في المعلومات هو والسفارة.

لكنه حاول الدفاع عن نفسه أكثر من مرة وتوعد بمقاضاة الذين وجهوا له التهم الباطلة وهددوه، حسب قوله؛ مؤكدًا أنه عمل بضمير وجعل من الحادثة قضية رأي عام.

وقد ذكر مؤخرًا في منشور له أن الطفلة خرجت من المستشفى وأن الأم لا تستحق الوقوف معها أبدًا متهما إياها بالتلاعب بالموضوع وأن البنت حالتها جيدة، بحسب التقارير والفحوصات.

خاتمة:

لا تزال القصة الحقيقية غير مثبتة، لكن السؤال الأهم هنا بعد أن أوردنا كل هذه التفاصيل: هل يعقل أن تكون نتائج التحقيقات الأولية والفحوصات التي تم عملها للطفلة منذ اللحظات الأولى لظهورها وتحرك السفارة والناشطين المتحمسين وأقوال الأم والتحريات مع الطفلة والمتهمين، ايعقل أن يكون كل هذا لا معنى له؟! وأن بهذه البساطة تم البيع أو التواطؤ من قبل كل الأطراف؟ ولماذا؟ ومن هم المتهمون مثلًا حتى يصل الأمر إلى تبرئتهم.

وإذا كانت الأم تتعرض للتهديد، كما يقال، هل من المعقول أن ترضخ بسهولة ويتم إظهار الفحوصات على أنها سليمة وهي غير ذلك والتحريات تتوافق مع كل هذا؟! بالطبع. لا.

هذا غير معقول، وحتى تحسم النتائج، فإن على الأم والسفارة أن يقولوا الحقيقة إن أرادوا إغلاق الملف أمام الناس كقضية رأي عام فيها عرض وشرف وابنة يتيمة وبراءة للذمة والضمير.