علي سعيد شعنون.. البطل المنسي الذي قاتل الملكية ببندقيتين!

السياسية - Thursday 17 September 2020 الساعة 10:48 am
نيوزيمن، فاروق ثابت:

"أحبابنا رفاق رحلة المسير

والمصير
الراية التي تثبتت فوق جبين الشمس
في صباحنا الكبير
توشك أن تطير
تكاد الرياح السود تمزق نجمها الصغير".

هكذا حذر الدكتور عبدالعزيز المقالح رفاق الثورة السبتمبرية وابطالها الافذاذ من رجعة الكهنوت الإمامي الذي عاد رأسه اللعين يطل في حصار السبعين بغية الانقضاض على الثورة والجمهورية.

وثمة الكثير من أبطال اليمن من جباله وشرقه وغربه ووسطه وجنوبه وشماله دافعوا بشراسة عن رأية الثورة والجمهورية وحولوا أحلام الكهنوت إلى جحيم.

ومن ضمن هؤلاء الصناديد البطل علي سعيد "شعنون" القائد والجندي والمهندس والأديب والمثقف الذي شكل طوداً منيعاً أمام الرجعة الامامية وبات صديق جبال صنعاء ومرتفعاتها وتبابها يتنقل فيها مثل وحش ضار ينقض على "جهالصة" الإمامة، ولعل الكثير يعلم عن تبة "شعنون" في منطقة عصر -شمال غرب صنعاء- التي رابط فيها ورفاقه بزئيره المسلح بحب الوطن وهو يقاتل الملكيين ببندقيتين عن يمين وشمال ليهزمهم خائبين.

ماذا عسانا أن نقول وسبتمبر قد اتانا دون رفيقه الحنون، حل سبتمبر هذا العام وقد غاب عنا القيل السبتمبري الخالد علي سعيد شعنون الذي وافته المنية قبل شهرين.

شعنون البطل الفذ المتواضع الذي فضل أن يتوارى بقية حياته تاركاً مآثره للتاريخ دون مَن أو اذى في وقت كثر فيه "المتهبشون" باسم الثورة والنضال!

شعنون الذي بإمكانك أن تلتقي به في أحد شوارع صنعاء، ليحدثك في جلسة شاي عن ذكرياته ومآثره ورفاقه ضد الكهنوت الامامي، وهو يفتخر بصداقته وقربه من الشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب وعملهما ضمن مهمة واحدة.

وكأقل القليل في حق هذا المناضل السبتمبري التاريخي الخالد، رصد "نيوزيمن" ما دونه مثقفون وكتاب ومناضلون عن الشعنون الجمهوري الذي قض مضاجع الملكيين وشكل حصنا منيعا لصنعاء وكان حارسها الأمين من الرجعة الرسية.

جندي باسل

بداية يقول الكاتب والمثقف رئيس نقابة الصحفييين اليمنيين الأسبق الاستاذ عبدالباري طاهر: علي شعنون من أوائل الملتحقين بالقوات المسلحة. قاتل -كجندي باسل- في عدة جبهات، وكان بطلاً من أبطال الدفاع عن الثورة والجمهورية، ومن البواسل في الدفاع عن صنعاء إبان حصار السبعين.

يضيف: هذا الضابط شديد التواضع والخجل لا يحب الظهور، ولا يتحدث عن نفسه، ولا يتباهى بمواقفه التي تضعه في مقدمة صفوف القادة الثوريين. هذا الفدائي الصامت المتواري يرحل دون كلمة وداع.

واختتم طاهر حديثه عن شعنون بالقول: "لقد بلغ الجحود والنكران حد نسيان الأبطال الذين حموا اليمن، ودافعوا عن كرامتها وسيادتها، وإرادتها الخيرة والحرة".

ليس له نظير

من جانبه يقول الشخصية العسكرية علي محسن خصروف: المناضل حتى الموت شرفاً وفقراً العميد الركن المتميز المثقف والقارئ الذي أشك أن له نظيراً، أحد أعلام ملحمة السبعين وقائد موقع جبل الولي أي قمة نقيل عصر الذي عُرف في تلك الملحمة ب "فهد ١" واشتهر ب ((تبة شعنون)) وكان ضمن مقاتليه الأبطال من فرسان اللواء العاشر الذي كان يقوده المناضل المقدم طاهر الشهاري، الملازمان: حمود الشبامي نائب قائد الموقع محسن محمد الرياشي' عبدالله علي الجبري ومهيوب محمدالمخلافي وحمود ناجي الأشول' يحيى عايض العماري' والشهداء: إسماعيل الشجني، محمد الناظري وعلي محمد الأكوع. والتحق بالموقع ثلاثة من الضباط السبتمبريين هم المقدمون: علي بن علي الجايفي وعبدالوهاب الحسيني وأحمد اليريمي وقد كانوا مقاتلين بوضع خاص بحكم مكانتهم.

ويتابع خصروف في حديثه عن الفقيد: هذا المقاتل الشعنون الذي يروي عنه زملاؤه أساطير بطولية أصبح في ذمة الله، ترجل عن فرسه، رفعه الله إلى جواره وهو يتمنطق إزار الشرف والبطولة والثورة والجمهورية والعفة والطهارة الثورية واقفاً بصمود وصبر حتى الموت ضمن صفوف الغالبية العظمى من المقهورين الصابرين في المجتمع اليمني.

قصة وطن تواجه بالجحود

من جانبه المثقف عبدالكريم هايل سلام قال محزونا عن هذا البطل وباقتضاب: "شعنون قصة وطن ينزف لأن تضحياته قوبلت بالجحود والنكران في بلد عمد انتهازيوه إلى إقصاء كل الفضلاء".

عاش صامتاً ونساه الجميع

الأديب والكاتب الصحفي فتحي ابو النصر: القيل البطل علي سعيد شعنون رفيق عبد الرقيب عبد الوهاب المقرب والذي عرفته شوارع صنعاء مدافعاً صلباً وفذاً عن الجمهورية وفك حصار صنعاء في ملحمة السبعين يوما.. قال لي ذات مرة انه لم يشعر بالعزة منذ رحل عبد الرقيب وبأنه لم يسمع عبارة تخلب فؤاده مثل وصف: "أصحاب عبد الرقيب ".

ويضيف أبو النصر: من يصدق أن علي شعنون مدرب اللواء العاشر وقائد كتيبة الفهد في جبل عيبان: ظل ينجو من مكائد الاغتيالات بأعجوبة تلو أعجوبة بعد أن تمادى الانتقام ضد الجمهوريين.

وظل مؤخراً يتأمل فقط غير مصدق كل ما حدث ولم يمتلك من كل الحياة سوى بسمته التي لا أنقى منها رغم كل مرارات الواقع اللامعقولة التي عاشها.

ويتابع: عمنا علي الذي كانت سيرته تجري على كل ألسنة الناس في صنعاء حينها -جراء مظهره الجليل خصوصاً حين يكون بالميري فيكون أكثر تميزاً من بين الجميع- فيما عُرف عنه بأنه كان يقاتل ببندقيتين في آن واحد أثناء المعارك: عاش صامتاً وغريباً ومشرداً لكنه لم يشف أبداً من مرض الوطن الرائع حتى آخر لحظة من حياته. ظل يحلم بالسعادة الوطنية. وقد تناسى مآثره الجميع، رحمه الله".

هكذا رحل بهدوء

بدأ شعنون شبابه بطلاً صنديداً، وتابع حياته بعد ذلك متواضعاً لا يحب الظهور، لكن الرجعية الإمامية الجديدة أوغلت فيه الوجع، وفضل أن يترجل، على أن الأبطال كرامتهم في الموت أفضل من رؤية شعوبهم تمتهن وقد قدموا بطولات باذخة على أن لا يعود مثل هذا اليوم، وهكذا فعل شعنون.

الرحمة والخلود له ولكل أبطال سبتمبر الأوفياء الخالدين.