مزادات البنك المركزي لم توقف انهيار العملة.. الأسباب وضرورة التقييم

إقتصاد - Thursday 02 December 2021 الساعة 07:14 am
عدن، نيوزيمن، د. يوسف سعيد أحمد*

  تعليق مزاد بيع الدولار مؤقتا لتقييم تجربة المزادات السابقة.. لماذا؟!

الغاية التي كانت متوخاة من تنظيم المزادات من قبل البنك المركزي (اليمني بعدن) من خلال المنصة الإلكترونية التي تشرف عليها شركة المزادات الإلكترونية العالمية "رفنتيف"، هي تحقيق التنافسية والشفافية وفي المحصلة ضمان استقرار سعر الصرف، وكبح جماح عمليات المضاربة.

 لكن للأسف لا زالت الجهات المؤثرة على سعر الصرف هم الصرافون. فبعد ثلاثة مزادات نظمت وسعر الصرف يواصل التهاوي وأصبح الصرافون المضاربون هم المؤثرون على أسعار الصرف وليس البنك المركزي. بل ويسحبون البنك المركزي خطوة تلو الأخرى إلى اعتماد أسعار صرف تأشيرية أعلى مع كل مزاد جديد يجري تنظيمه.

اليوم سعر الريال السعودي 440 ريالا لكل ريال سعودي.

شركة "رفينتيف" ربما  يهمها أن المزاد يجري بتنافسية وبصورة شفافة والقضاء على عمليات الفساد التي كانت تنسب إلى عمليات المزاد السابقة.. لكن لا يهمها أن يستمر سعر صرف الريال اليمني بالانخفاض أمام الدولار الأمريكي بعد كل عملية عطاء وأخرى، ولا تبحث عن ما هي الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى استمرار تهاوي الريال.

 وهو أمر محير لأنه في المحصلة يزيد من معاناة المواطنين وتدهور مستواهم المعيشي بشكل مستمر، وهذه المرة بحضور البنك المركزي.

كان الهدف من تنظيم المزادات أن ينعكس بيع البنك المركزي للدولار على التجار المستوردين على استقرار سعر الصرف من خلال الارتفاع التدريجي لقيمة العملة الوطنية بعد كل مزاد يجري تنظيمه، لكن الآن ما يحدث هو العكس.

لقد مكنت المزادات شركات الصرافة من الاستحواذ على الدولار التعويضي بصورة أخرى والذي ضخه البنك المركزي، وهذه المرة من خلال تجار الاستيراد، حيث تحصل عليه من التجار من خلال عمليات المصارفة التي يقوم بها الذين وقع عليهم المزاد وعليهم تسليم قيمة العطاءات التي رست عليهم  وتحول إلى حساباتهم من قبل البنك المركزي لدى بنوكهم  المراسلة في الخارج بعملة وطنية للبنك المركزي عقب كل مزاد.

 يحصل هذا كون السيولة المحلية لا تتواجد في البنوك التجارية التي اشتركت في المزاد ولكن هناك مخزون هائل من السيولة لدى الصرافين الذين حلوا محل عمل البنوك وهذا مكمن الخطر الذي سيواجه البنك المركزي حاضرا ومستقبلا.  

وهذا يمكن الصرافين من مواصلة المضاربة على الدولار حاليا ومستقبلا إذا لم تكن هناك ضوابط قانونية تمنعهم من ذلك.

ما يقال عنه أسعار السوق اليومية الذي أصبح البنك المركزي يعتمده، كمؤشر للمزادات هو نتاج مضاربة وليس نتاج أسعار سوق حقيقية في سوق الصرف الأجنبي، ناتج عن تطبيق قانون العرض والطلب في سوق الصرف الأجنبي.

ما هو المطلوب إذاً؟

ينبغي على البنك المركزي التوقف عن بيع الدولار مؤقتا على أن يجري عمل تقييم شامل وكامل لعمل المزادات السابقة، ويأخذ بعين الاعتبار الآثار الاجتماعية التي ترتبت على عملية المزاد مع استمرار تدهور قيمة العملة.

 الواقع أن بيع الدولار من قبل البنك المركزي  عبر نظام شركة "رفينتيف" كان شفافا وحقق هدفين الأول: منع حدوث أي شبهة فساد،   وثانيا: سحب جزء من السيولة إلى البنك المركزي التي تمثل قيمة العطاءات الإسبوعية بالريال اليمني، وهذا سيؤمن توفير رواتب للأشهر القادمة دون اللجوء للإصدار التضخمي، لكن دون أن يؤثر في هذه المرحلة بالذات على  استقرار سعر الصرف بالنظر إلى حجم المعروض النقدي الضخم الذي تجاوز بمرات حاجة الاقتصاد.

لكن يحصل هذا بتكلفة اجتماعية كبيرة تنعكس سلبا على المستوى المعيشي للمواطنين حاليا ومستقبلا والذين يتآكل دخلهم يوما تلو الآخر،  الأمر الذي يزيد من فقرهم وحالة المجاعة التي يعانون منها، بينما جاء تنظيم المزاد بهدف خدمتهم من خلال فرضية السيطرة على أسعار الصرف ويتجلى ذلك نظريا من خلال توقع ارتفاع الريال اليمني أمام العملات الأجنبية بعد كل مزاد.

ومع ذلك قد يكون من المبكر إصدار أحكام قاطعة في الوقت الراهن.


*من صفحة الكاتب على الفيسبوك