حضرموت.. خيمة "مريمة" التعليمية ملاذ النازحين في زمن الحرب

متفرقات - Wednesday 02 March 2022 الساعة 07:45 am
سيئون، نيوزيمن، خاص:

بحروف الأبجدية واللغة العربية الفصحى تنطق لسان الملتحقين في مخيم مريمة بمدينة سيئون، لمحو الأمية الخاص بالنازحات من مختلف الأعمار، وعلى لوح خشبي يشبه السبورة، تحاول معلمتهم خلال الحصة التعليمية أن تستوعب الأعداد وتؤمّن بيئة تعليمية تلبي الغرض، إذ لا صف ثاني لتلاميذ الأول في الخمية.

تختزل الخيمة ذات الفتحات الصغيرة الممزقة 50 فتاة وأما وعجوزا مسنة يفترشن الأرض لتعليمهن أحرف اللغة العربية والنطق والكتابة في مراحل التدريس الأولى لمحو الأمية، في أوساط النازحات في مديرية سيئون بمحافظة حضرموت، والتي جاءت كمبادرة من المعلمة "سعدية ثواب" لفتح معلمةٍ صغيرة تعلم فيها الفتيات حتى يتمكن من مواجهة الحياة والقراءة والكتابة بشكل سلس.

ومحت خيمة محو الأمية الجهل في أوساط الكثير من الفتيات والنساء وربات البيوت اللائي شردهن جبروت المليشيات الانقلابية الحوثية وجعلتهن قادرات على تعليم أولادهن القراءة والكتابة خصوصاً اللواتي التحقن بالدراسة في المدارس الانتظامية وجعلت من الأمهات تقوم بمتابعة أبنائها في التعليم والدراسة ومذاكرة الاختبارات لهم، إلى جانب فهم مصطلحات متعددة لشراء الأدوية والتبضع لأمور البيت المختلفة.

وأشارت مدرسة الخيمة "سعدية ثواب" التي نزحت من محافظة حجة مروراً إلى الحديدة وحتى سيئون لـ"نيوزيمن"، أن الداعي لإقامة الخيمة التعليمية بعد معاناة الفتيات في صعوبة الحصول على مقاعد دراسية للفروق العمرية المختلفة وعدم قبولهن في الصفوف الدراسية بالمدارس الحكومية، مؤكدة بأنها دفعت الكثير من الوقت والمال لأجل تدريس هؤلاء حتى تحقيق رغباتهن العلمية في سبيل التعلم وجعلهن ربات بيوت متعلمات وقادرات على التعاطي مع متطلبات العصر والواقع والحياة، موضحة أن طرق التدريس بالخيمة تتقسم على مدى سبعة أيام تكون فيها فترات مسائية ولدفعتين مقسمة يوما بعد الآخر حتى تسع الخيمة للجميع وتصل المعرفة لهن.

وأضافت، "المناهج التعليمية التي يتم تدريسها في الخيمة تحتوي على الرياضيات واللغة العربية والعلوم إضافة إلى القرآن الكريم والتربية الإسلامية" كمراحل أولى حتى التقدم بعد سنوات إلى اللغة الإنجليزية وبقية المناهج المصاحبة للعملية التعليمية في الثانويات والمدارس دون اعتماد حكومي أو رغبة من قبل الجهات ذات العلاقة بإدماج الخيمة التعليمية في صفوف محو الأمية كاعتراف رسمي.

فيما أثنت "أم أمير البرح" البالغة من العمر (43) عاماً، أثناء حديثها مع "نيوزيمن" على طرق التدريس البدائية والتي مكنتها من جعلها أما لائقة بأبنائها تقوم بتعليمهم وتدريسهم ومذاكرة دروسهم، مستشهدة بـ(الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق)، آمله المزيد في سبيل تعليم الفتيات والأطفال بعد حرمانهم من التعليم نتيجة لحرب الحوثي العبثية التي جعلت منهم الهروب من بطشه ونزوحهم إلى مدينة تفتقد للخدمات والرعاية الاجتماعية، مطالبة السلطات الحكومية ووزارة التربية والتعليم وجهاز محو الامية بضرورة حصول كل فرد في المجتمع على حقه في التعليم دون أي شرط او قيد وحتى لا يستشري الجهل بين أوساط النازحين.

بدورها، شددت الطالبة "سلمى عزيز" عبر "نيوزيمن" على ضرورة إنشاء مركز لمحو الامية يخدم النازحين حتى تنهي الجهل الحاصل فيما بينهم وكذا توفير الكتب اللازمة لدراستهم والمقاعد التي تعطي للجو طابعا آخر للإقبال على التعليم ونزع الجهل، مشيرة أن المعلمة المصغرة أعطت لها دافعا كبيرا لاستخدام الجوال والكتابة بتطبيقاته المختلفة والمراسلة بشكل كامل دون عناء أو استشارة قريب.

الخيمة التعليمية ملاذ وحيد لمئات النازحين؛ لكن التعليم فيها صعب، فلا تستطيع قطعة قماش أن تقي من ضجيج الريح والمحيط ولا من انخفاض الحرارة أو ارتفاعها، كما غدت سبل الحياة في المخيمات صعبة؛ لكن كيف سيكون التفوق ممكناً إذا توفرت البيئة المحيطة لتعليم هؤلاء. 

هذا وتنعدم في مدن وادي حضرموت المشاريع الحكومية لإنشاء مدارس وثانويات تستوعب الطلاب والطالبات من أبناء المحافظة، خصوصاً مع تزايد أعداد الوافدين من نازحين وعائدين إلى أرض الوطن ما يشكلون ضغطاً على عملية الاستيعاب بالمدارس والثانويات.

يذكر أن عدد الملتحقين في صفوف المرحلة الأساسية لمدارس التعليم العام الحكومي والخاص بلغ العام الجاري (32 ألفا و777 طالبا وطالبة)، فيما المرحلة الثانوية (6 آلاف و454 طالبا وطالبة)، كما بلغ عدد الطلاب في قاعة دراسية واحدة بثانوية الصبان للبنين بسيئون الحكومية أكثر من 80 طالباً بينما ثانوية الأديب باكثير للبنات الحكومية بلغ عدد الطالبات في القاعة الواحدة ما يقارب الـ70 طالبة بالرغم من قلة مساحة الصف.