رسائل سالم وهدنة الرئاسة والإخوان.. أصنام الصراع ومسارات ترميم روح تعز الوطنية

تقارير - Saturday 04 February 2023 الساعة 07:18 am
تعز، نيوزيمن، خاص:

عاد الإخوان في تعز إلى واجهة المشهد مجدداً من خلال نشاطات عسكرية استعراضية بعد فترة سكون أعقبت تشكيل مجلس القيادة الرئاسي وتصدرت الفعاليات العسكرية هذا النشاط، إضافة إلى ظهور مستفز لقائد مليشيا الإخوان في اللواء 35 مدرع.

مسؤول جناح الإخوان العسكري في تعز سالم فرحان، ظهر في مقر اللواء 35 مدرع، الأحد، وقبلها بيوم كان في جبهة الصلو وما تبقى من مسرح عمليات اللواء الذي وزعه سالم على مليشيات حزبه كما شتت كتائب اللواء وناثرها على مساحة سيطرته وقواته الحزبية.

زيارة سالم، وهو مستشار لقائد محور تعز، دون أي صفة تخوله التحرك كأنه قائد لقائد المحور أو المشرف على ألوية المحور كما هو الحال في هيكل مليشيات الحوثي التي يقود مليشياتها رجال الظل والمشرفون.

صحيح كان سالم في عهد الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي يملك قوة إسناد معنوي كبيرة يستمدها من نفوذ الإخوان في مكتب الرئيس ولدى الرئيس ونائبه ما جعله يسيطر على القرار العسكري والأمني في تعز، لكن استمرار سالم في لعب دور الرجل الأول في تعز بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي يضع علامة استفهام حول رؤية رئيس مجلس القيادة الرئاسي في التعامل مع ملف تعز.

خبر تغطية زيارة سالم الذي نشره إعلام محور تعز العسكري برر هذا الظهور في منطقة العين، حيث مقر اللواء 35 مدرع، بأنه تكليف من قائد محور تعز خالد فاضل، في حين يعلم القريبون من طريقة اتخاذ القرار العسكري في تعز أن سالم هو صاحب القرار الأول عسكريا وأمنيا في تعز.

زيارة سالم للحجرية ولمسرح عمليات اللواء 35 الذي شن عليه سالم ومليشيات الإخوان، ولا يزالون، حربا لتفتيته وإنهاء وجود اللواء بعد اغتيال قائده القائد عدنان الحمادي.. هذه الزيارة تزامنت مع قرار تشكيل قوات احتياط القائد الأعلى رشاد العليمي، وهي رسالة أراد من خلالها سالم أن يعلن استمرار الإخوان في نهجهم العدائي مع الجنوب والساحل الغربي.

وكانت مصادر كشفت سابقاً لنيوزيمن، وقوف سالم خلف تهديدات للقائد عبد الحكيم الجبزي أثناء تواجده في منطقته العام الماضي عقب تشييعه نجله الدكتور أصيل الجبزي الذي أعدمته مليشيات الإخوان في الحجرية بطريقة وحشية ومثلت بجثته أثناء اجتياح الإخوان للحجرية في أغسطس 2020م. 

وسمحت الهدنة غير المعلنة لمجلس القيادة الرئاسي مع الوضع المشوه في تعز للإخوان بإعادة تموضعهم معنويا في ناصية تمثيل تعز باسم الشرعية بعد أن كان أبناء تعز ومعهم الإخوان ينتظرون صدور حزمة قرارات تعيد ترتيب الوضع في تعز بشكل يحفظ حق كل القوى الفاعلة والمجتمعية في الشراكة مع حزب الإصلاح الحاكم لتعز منذ رحيل شوقي أحمد هائل عن قيادة المحافظة قبل 8 أعوام.

رسائل الإخوان وهدنة مجلس الرئاسة معهم ستسهم في إبعاد تعز أكثر عن محيطها وإبقائها معسكرا مفتوحا لتصدير التوتر ودورات الصراع داخليا ومع الأطراف المتواجدة خارج جغرافيا المحافظة التي تكلست في مربع الفساد والتفرد الإخواني بكل تعز المحررة مواردا وقرارا.

تحتاج تعز لدفعة معنوية تنتشلها من دائرة التكلس والاستسلام للفوضى والعبث الإخواني من القيادات الصنمية التي تصدرت سنوات الصراع مع الكل وجعلت الصراع منهجا سياسيا باسم الدفاع عن الوجود وعن حصة الإصلاح من الخارطة المتبقية خارج سيطرة مليشيات الحوثي. 

ليس وحدهم شركاء الإصلاح في تعز أو الخصوم كما يصنفهم الإخوان من سيستفيد من عملية تغيير أدوات الإدارة وإدارة الشأن الأمني والقرار العسكري، بل حتى أنصار الإخوان وجمهورهم في تعز يحتاجون لمن يزيح عن كاهلهم وزر فساد قادتهم والكلفة المعنوية التي يدفعونها في دفاعهم عن هذا الفساد.

حتى إن هناك أصواتاً ومبادرات فردية تشهدها منصات التواصل الاجتماعي، تكشف عن رغبة مكبوتة بالتغيير، مغادرة الواقع القائم تسكن أوساط جماهير الإخوان في تعز وتتضح جليا في نقاشات محصورة ومغلقة بين عناصر الإخوان ونشطائهم، وهذا يجعل التغيير في تعز انقاذا لجيل جديد من أنصار الإخوان أرهقتهم دوامة صراعات ترسمها أجندة غير وطنية ولصالح دول وتحالفات غير يمنية.

تعز أكبر من أن يبتلعها تنظيم أو طرف سياسي وإدارتها بشمولية متطرفة يفسد حضورها وتأثيرها ويجعل موقعها في المعادلة الوطنية أشبه بخيمة متهالكة في محيط يضج بالقوى المتفاعلة والتواقة لصياغة مشاريع تعبر عنها وتصب في مسار وطني أكثر تنوعا وتماسكا في مواجهة مشروع طمس الهوية وابتلاع الجغرافيا وتحويل الطاقة البشرية في كل البلاد وقودا لخدمة عمامة خامنئي 

في تعز كبل الإخوان المحافظة بقيود التملك ضيقة الأفق، وهو نهج إخواني عقيم وعنصرية سياسية لا تختلف عن ادعاء الاصطفاء عند المليشيات الحوثية، لأن من يدعي أنه وحده من يلبس جلباب الوطنية ويعتبر شركاءه متبرجين في البيت الوطني وعملاء ومصدر خطر على البلاد والشعب يتبنى ذات الخطاب والمنطق الحوثي في ادعاء الحرب باسم استقلال القرار الوطني بينما يتلقى الأوامر من حوزات إيران.

سالم كان ولا يزال أهم أركان الفساد والفوضى والتفرد بقرار تعز، وهو طرف أصيل ورئيسي في إدارة كل صراعات تعز التي نشبت منذ 2011 إلى اليوم، وبقاؤه متصدرا للمشهد وحاملا شعلة الحرائق في المحافظة ومرسل الرسائل المستفزة باسم الجيش والمحور ووزارة الدفاع والشرعية إهانة بالغة لكل تعز وللشرعية ولمجلس القيادة الرئاسي.

رسائل الإخوان التي يكتبها سالم بذات منطق الصراع واستعداء محيط تعز يجب أن تنتهي وتتحول المحافظة الأهم في مسرح المواجهة مع مشروع الظلام الحوثي الإيراني إلى ساحة لإعادة ترميم الروح الوطنية وتصويب الخطاب المقاوم للمليشيات وطاولة لإدارة الخلاف والاختلاف وتطويق مكامن الضعف التي تتسلل منها عدوانية الحوثي وتحركاته.