من البحر الأحمر إلى أصفهان.. هشاشة نظام إيران وأذرعه في مواجهة الغرب

تقارير - Saturday 20 April 2024 الساعة 06:54 pm
المخا، نيوزيمن، خاص:

بعد 24 ساعة، تكشفت تفاصيل الضربة التي وجهتها إسرائيل للنظام الإيراني بقصف مواقع عسكرية بأصفهان فجر الجمعة، رداً على الهجوم الذي شنه النظام الإيراني عليها فجر الأحد.

حيث كشفت تقارير أمريكية وغربية بأن طائرات إسرائيلية من طراز "إف 35" أطلقت عدة صواريخ واستهدفت منظومة رادار للدفاع الجوي مكلفة بحماية منشأة نطنز النووية بأصفهان، التي توصف بأنها قلب البرنامج النووي الإيراني.

المنشأة التي تم فضح أمرها من قبل المعارضة الإيرانية عام 2002م، تُعد أكبر منشأة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم في إيران وتتكون المنشأة من ثلاثة مبانٍ كبيرة تحت الأرض، قادرة على تشغيل ما يصل إلى 50 ألف جهاز طرد مركزي. 

وسبق وأن تعرضت المنشأة لعدة هجمات "سيبرانية" كان أخطرها عام 2021م، بعد أن أدى الهجوم إلى تلف كبير في أجهزة الطرد المركزية بالمنشأة وتسبب في عرقلة مشروع إيران النووي لمدة عام وفق تقارير استخبارية أمريكية، وهو ما دفع إيران حينها إلى وصف الهجوم بأنه عمل إرهابي واتهمت إسرائيل بالوقوف وراءه.

ما يجعل الهجوم رسالة تحذير إسرائيلية شديدة اللهجة إلى النظام الإيراني، بقدرة تل أبيب على نسف حلمه النووي باستهداف قلب المشروع النووي المتمثل بمنشآة نطنز، كما صنعت باغتيال عقل المشروع وهو العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري في طهران أواخر عام 2020م.

هجمات بالأمس واليوم تعيد التذكير بحقيقة الانكشاف الذي يعاني منه النظام الإيراني عسكرياً واستخبارياً، حيث يفتقر النظام إلى أنظمة دفاع جوية حديثة قادرة على التصدي بفعالية للصواريخ وللطائرات الحربية أو المُسيرة الأمريكية والإسرائيلية التي تعد الأحدث عالمياً، ما يسهل على واشنطن وتل ابيب استهداف المواقع الإيرانية بدون عناء.

كما أن الاختراق الواضح الذي يعاني منه النظام الإيراني يسهل أيضا على إسرائيل وأمريكا اغتيال قادة القوة الضاربة للنظام والمتمثل بالحرس الثوري الإيراني، في مناطق انتشاره كالعراق وسوريا، كما حدث مع الغارة الإسرائيلية التي استهدفت قنصلية إيران في دمشق مطلع أبريل الجاري وقتل على أثرها 7 من كبار قادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

ومثلت هذه الضربة إحراجاً غير مسبوق للنظام الإيراني أجبره على الرد لأول مرة بشكل مباشر نحو إسرائيل، فجر الأحد، بأكثر من 300 صاروخ وطائرة مُسيرة، تمكنت إسرائيل وحلفاؤها الأمريكيون والأوروبيون من إسقاط 99% منها.

ليقدم هذا الهجوم دليلا إضافياً على ضعف الترسانة العسكرية للنظام الإيراني وأن أغلب ما ينتجه من طائرات مُسيرة وصواريخ متأخرة تقنياً وغير قادرة أن تتغلب على ما يتملكه أعداء النظام من أنظمة دفاع جوي حديثة ومتطورة.

في حين أن طريقة الهجوم أظهرت بشكل واضح حرص النظام الإيراني على عدم التسبب في أي خسائر بالجانب الإسرائيلي ستدفع تل أبيب وحلفاءها لرد قوي قد يتطور إلى حرب مفتوحة. 

ذات المشهد تماماً ينطبق على حال ذراع النظام الإيراني في اليمن والمتمثل بجماعة الحوثي وتعاملها مع الضربات التي يتلقاها منذ أشهر من قبل أمريكا وبريطانيا على خلفية استهداف الجماعة للملاحة الدولية بالبحر الأحمر وخليج عدن.

ولعل أقوى ضربة تلقتها الجماعة كانت أواخر ديسمبر الماضي، بمقتل 10 من عناصر مليشياته بتصدي القوات الأمريكية الموجودة في البحر لمحاولة قامت بها عناصر الجماعة على متن 4 زوارق اختطاف سفينة تجارية، على غرار خطف السفينة "غالاكسي ليدر" قبل شهر من الحادثة، التي مثلت رادعاً حقيقياً بعجز الجماعة عن اختطاف أي سفينة أخرى.

وعقب الحادثة أصدرت جماعة الحوثي سيلاً من التهديدات نحو أمريكا بالانتقام لمقتل عناصرها، وأعلنت مهاجمة قطع عسكرية أمريكية بالبحر الأحمر وخليج عدن بصواريخ بحرية وطائرات مُسيرة دون أن تحلق بها أي خسائر مادية أو بشرية، واستمرت هذه الهجمات منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.

فشل هجمات جماعة الحوثي في إلحاق خسائر مادية وبشرية بالتواجد العسكري الأمريكي بالبحر الأحمر وخليج عدن، يعد نتيجة طبيعية لضعف قدرات ما تمتلكه من صواريخ بحرية وطائرات مُسيرة إيرانية، مقارنة بأنظمة الدفاع الجوي الذي تمتلكه القطع الحربية الأمريكية.

إلا أن ذلك لا يعني عجز الجماعة عسكرياً في الانتقام من أمريكا وإلحاق بها خسائر بشرية، حيث يمكن –نظرياً- التغلب على منظومات الدفاع الجوي لقطع عسكرية ما بإطلاق كميات كبيرة من الصواريخ والمُسيرات نحوها، لكن الجماعة تمتنع عن ذلك خشية من تداعيات سقوط خسائر بشرية في صفوف الجيش الأمريكي.

وقائع تكشف حقيقة الهشاشة والضعف العسكري والاستراتيجي الذي يعاني منه نظام إيران وأذرعه في المنطقة بمواجهة القوة العسكرية الغربية وعدم القدرة على تحمل كلفة المواجهة المباشرة معها، وهو ما يفضح كذب الشعارات العدائية ضد الغرب التي يرفعها النظام في إيران وأذرعه في المنطقة منذ 40 عاماً.