على حطام أوهام السلام: عودة إجبارية إلى "معركة الحديدة"

المخا تهامة - Sunday 07 July 2019 الساعة 11:46 pm
المخا، نيوزيمن، كتب/ أمين الوائلي:

>> أوهام السلام الأكثر كُلفة من الحرب: عودة إجبارية إلى "معركة الحديدة" 

نسف التصعيد العسكري الواسع في الحديدة وجبهات الساحل الغربي، من قبل مليشيات الحوثي، ذراع إيران في اليمن، محاولات خجولة ومتعثرة للبعثة الأممية إلى استئناف عمل لجنة التنسيق المشتركة برئاسة مايكل لوليسغارد بعد توقف لقرابة ثلاثة أشهر، وأجهزت بصورة فعلية المعارك اليومية غير المسبوقة على اتفاق السويد شبه الميت منذ ولادته.

> فيصل الصوفي : لماذا تضاعف هجوماتها العصابة الآن؟

من دون أي إدانة أو تعليق أو موقف من أي نوع تسجله البعثة الأممية ولجنة المراقبين، لأي من جولات ومظاهر التصعيد العسكري، توسعت مليشيا الذراع الإيرانية في إشعال المعارك والجبهات من حيس والتحيتا والجبلية والجاح في جنوب الحديدة إلى الخمسين والتسعين وشارع صنعاء وباتجاه الأحياء المحررة ومواقع القوات المشتركة وعبر خطوط التماس المتقدمة داخل مدينة الحديدة.

نزوح أسر من "7 يوليو" بالحديدة تحت طائلة القذائق الحوثية

مؤخرا انتقل التصعيد العسكري غير المسبوق داخل مدينة الحديدة من فترات الليل كما جرت العادة في الأشهر الماضية إلى ساعات الصباح وفترات النهار عبر تنفيذ وشن المليشيات هجمات كبيرة تتصدى لها وتتعامل معها تباعا المقاومة المشتركة التي بقيت محافظة على أقصى درجات ضبط النفس طوال سريان الهدنة الهشة (من جانب واحد غالبا) حتى باتت مهددة في مواقعها وكان عليها أن تمنع المليشيات من تغيير خطوط وخارطة التموضع والمواقع والتوسع خلافا لمقتضيات الاتفاق وإعلان الهدنة الأممية. 

العميد طارق صالح يطلق دعوة للآباء في مناطق سيطرة الحوثي

كانت الهجمات والتعزيزات وجولات التحشيد الحوثي تتبنى على مدى أسابيع نهجا واضحا يقوم على تقطيع خطوط وجبهات الساحل الغربي الرئيسية وإنهاك الحاميات العسكرية واستنزاف القوات المرابطة من حيس إلى الجبلية والتحيتا والجاح مع حشد وتعزيز المقاتلين والقوات والاستحداثات داخل مدينة الحديدة قبل التحول إلى تصعيد الوضع العسكري بصورة حثيثة -هنا- وفي الدريهمي، الأطراف الجنوبية للمدينة، وإشعال خطوط التماس وشن هجمات عنيفة وكبيرة والاستماتة في محاولاتها لتحقيق أي تقدم أو اختراقات على الأرض .

رئيس الفريق الحكومي: ميليشيا الحوثي تقصف القوات المشتركة من مباني أممية بالحديدة

هذا السياق ضروري لفهم ما حدث ويحدث في الحديدة والساحل الغربي على مدى أشهر واكبها نيوزيمن تباعا وساعة بساعة بالتغطية والرصد والتحليل والتحذير واستشراف الغايات والمآلات التي تؤدي إليها مجمل الأحداث والتطورات فيما بقيت ردود الأفعال من قبل الأمم المتحدة وبعثتها ومبعوثها قيد المناورة في الجبهة السياسية والتجاهل والانصراف تماما عما يحدث في الجبهات ميدانيا وعسكريا من ضخ متزايد وخطير لمستويات الانفجار ووقود الحرب المتكرسة عمليا ويوميا.

الإرهاب الحوثي يضرب عمال "يماني" ونازحي "العليلي" وينسف منزلاً ومسعفين

انتقلت المليشيات الحوثية بيوميات الحرب والتصعيد العسكري إلى داخل مدينة الحديدة كما تكرس في الأسابيع الأربعة الأخيرة بعد أشهر من التصعيد والاستنزاف والاستماتة في جبهات الساحل الغربي وجنوب الحديدة من دون أن تفلح في تحقيق أي اختراقات أو تستعيد اي من المناطق والمواقع التي طردت منها على طول خط الإمداد الساحلي من الخوخة وحيس ومرورا بالجبلية والفازة والتحيتا وحتى الجاح والدريهمي فالحديدة.

> مقتل مشرف الحوثيين في الساحل الغربي خلال هجوم هو الأكبر من نوعه داخل الحديدة

الملاحظ في هذا السياق هو أن أعنف الهجمات والمواجهات على الإطلاق داخل مدينة الحديدة وفي الدريهمي جاءت بالتزامن مع استئناف المبعوث الأممي/ البريطاني مارتن غريفيث لمهامه بعد أزيد من شهرين على التوقف والسجال على صلة بطريقة عمله والنتائج الكارثية التي توجتها مسرحية الموانئ في نسختها الثانية والانسحاب الأحادي أو "تغيير الأزياء"، وكأن الانطلاقة الجديدة لمهمة المبعوث والبعثة الأممية في الحديدة منحت المليشيات الحوثية وقودا للتصعيد الجديد والذهاب في تفعيل خيار الحرب على تواز ضاغط مع تفعيل اتصالات وتصريحات السلام والحل الشامل.

حصاد حماقات التصعيد الحوثي بمدينة الحديدة في 48 ساعة (موسع)

ومن البداية كانت النهاية واضحة ومرئية تماما؛ اتفاق السويد منح إنقاذا ثمينا للمليشيات التي استثمرت الوقت لتفعل كل شيء يعزز خياراتها العسكرية والحربية، بينما فضل البعض التعلق بالأوهام والتعامي عن رؤية الحقائق بذريعة إيثار السلام. حتى عندما لم يكن هناك أي إثبات على إمكانية رضوخ المليشيات للسلام.

تزامن يوميات الحرب في الحديدة، وهي التسمية الوحيدة الصحيحة إزاء ما يحدث، مع التحركات الأممية الموازية سياسيا، ومن دون تسجيل أي موقف أو تعليق أممي، يعطي انطباعا أولا حول عبثية مجاراة المواعيد والوعود الزئبقية التي يطلقها غريفيث، كما هو أيضا مع مجاراة الاستزاف والتصعيد الحوثي ميدانيا وعسكريا بطريقة رد الفعل لا أكثر. 

> مصدران: شاحنة نقلت دراجات "ملغومة" إلى مدينة الحديدة لتنفيذ هجمات

تبخرت الأكاذيب وتلاشت الأوهام وبقيت حقيقة واحدة، لطالما كانت كذلك من البداية، ويستحيل تجاوزها: السلام الأكثر كلفة من الحرب، هو السلام المنتظر من أو مع المليشيات الحوثية.

وعلى حطام الأوهام، يجب أن تكون الخيارات واضحة وحازمة وحاسمة، حتى لا يبقى الجميع تحت طائلة خيار وقرار المليشيات: حربا أو .. هدنة من طرف واحد.