أتذكر عندما جاء رئيس الوزراء د. عبدالعزيز بن حبتور، وصالح شعبان وزير المالية الأسبق إلى مجلس النواب في جلسة لم يتم بثها، وكان هذا على الأرجح عام 2017م.
وفي الاجتماع الذي كنت حاضرا فيه تم طرح كلام مهم وخطير من قبل رئيس الوزراء ووزير المالية على الأعضاء الحاضرين، يكشف أن مفاوضات جرت بين الحكومة والمهربين، وكان فيها المهربون أقوى من الحكومة، وأن المهربين تحدوا الحكومة، وحالوا دون الوصول إلى اتفاق، حيث كان سقف الحكومة أقل من سقف المهربين، الذين كان لهم الكلمة العليا وكان هذا حال الواقع وما يزال إلى اليوم.
يومها كتبت بما معناه، من المؤلم أن الحكومة التي كان يجب أن تتخذ إجراءات صارمة ضد المهربين وجدناها تتفاوض معهم..
الحقيقة لا نكشف سراً ونحن نسأل: من يحكمنا؟
ولا تثريب ولا حرج إن أجبنا "حاميها حراميها".
___________________
كل يوم نثرة ينثرها فيما يلي خالد العراسي:
.... المهرب لا يلجأ للتهريب من باب التهرب من الرسوم والاستقطاعات القانونية فقط، وانما أيضا للتهرب من عدم مطابقة المواصفات والمقاييس وعدم وجود التصاريح والتراخيص اللازمة (فتكون البضاعة اما منتهية الصلاحية أو غير مطابقة للمواصفات والمقاييس او غير مرخصة وغير مسموح بدخولها)، بمعنى ان البضائع التي تدخل عبر التهريب مغشوشة وتضر بصحة وسلامة المجتمع.
ومثلما لم نسمع ونشهد من قبل عن محاكمة مسؤول فاسد لم نسمع أيضا عن محاكمة مهرب باستثناء مهربي الحشيش والمخدرات.
او القضايا التي تصبح قضية رأي عام.
الخلل مشترك ومتعدد..
فأولا هناك قصور كبير في مكافحة التهريب، فمثلا السوق مليئ بالأدوية المهربة، وكذا المبيدات، وهما الى جانب حليب الاطفال أكثر ضررا من بقية المهربات..
هناك خمسة وستون نوعا من السجائر المصنوعة في جبل علي بالامارات او في بواخر بعرض البحر تدخل اليمن، ونوع واحد فقط هو الذي يخضع لخصم المبلغ المفروض وفق الآلية المعتمدة بشأن السجائر المهربة..
قاطرة مليئة بالسجائر المهربة وسط العاصمة صنعاء، ورغم انكشاف الامر (بسبب تعثر سير القاطرة نظرا للحمولة الزائدة وارتفاع البضاعة كان اكبر من ارتفاع النفق) الا انه لم يتم اتخاذ اي اجراء بما في ذلك حجز البضاعة كأقل وابسط إجراء، فمن الداعم؟
ثانياً، هناك قصور في اتخاذ الإجراءات القانونية مما يتسبب في رفض القضية والإفراج عن الجاني بسبب خطأ الإجراءات.
ثالثاً، دائما لا يوجد أي ظهور للمهرب في القضية ويتحملها الناقل او آخرون على ان البضاعة لهم.
رابعا، العقوبات القانونية ليست مشددة بشأن التهريب، ومن أمن العقاب أساء الادب وأساء التصرف.
خامسا، هناك وساطات وتدخلات وضغوط تشكل حماية بشكل او اخر لكبار المهربين.
سادسا، هناك مواد وسلع تدخل بشكل رسمي لكنها مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات لكن تحدث عمليات تحايل تشرعن ادخالها، كما حدث في ادخال منظمات غاز، زيوت فرامل، حديد مسلح، دجاج مثلج، قمح وطحين، وشحنات اخرى ما كان ينبغي أن تدخل ابدا.
وبعد ان دخلت لا تم محاسبة ومعاقبة التاجر ولا المسؤول الذي تسبب بادخالها.
(يوجد ملف بلاغات مرفوعة الى الهيئة العليا لمكافحة الفساد منذ عامين بشأن ادخال المواد والسلع المذكورة) وغالبا يكون الضحية هو الشخص الذي بلغ عن الموضوع أو الذي رفض التصريح بادخالها (كما حدث على سبيل المثال لا الحصر مع الموظف الذي رفض ادخال شحنة الدقيق فقام الوزير بتغييره).
.....
انعدام الرقابة والمتابعة وغياب الرادع هو العنوان الابرز والمشجع الاساسي للمهربين والفاسدين.
أرجو الانتباه ليس بشأن طرق التهريب فقط وانما بشأن ما قد وصل الى الأسواق.
من صفحة الكاتب على إكس