بسام الإرياني

بسام الإرياني

تابعنى على

الإصلاح.. معول الانقسام وخادم مشروع الحوثي

منذ ساعتان و 30 دقيقة

التجمع اليمني للإصلاح لم يكن في يوم من الأيام عامل وحدة أو قوة دفع وطنية في مواجهة مشروع الحوثي الطائفي، بل كان وما يزال معول انقسام يطعن ظهر المعركة الوطنية في أكثر لحظاتها حساسية، هذا الحزب الذي يرفع شعارات الديمقراطية والمشاركة ظل يثبت في كل محطة أنه مجرد أداة لتكريس الفوضى وبث الانقسامات وكل التجارب الماضية والحاضرة تفضح عجزه وفشله وسوء نواياه ففي مدينة تعز التي تحولت إلى ساحة اختبار حقيقية لمصداقية أي طرف يّدعي الوقوف ضد الحوثي كان الإصلاح هو المسؤول الأول عن صناعة الفوضى، إذ عمل على إضعاف المقاومة الوطنية وتفكيك التكتلات المسلحة المناهضة للحوثي عبر سياسات الإقصاء والتحريض ومحاولة احتكار القرار العسكري والأمني، بينما كان الناس ينتظرون منه أن يكون درعاً في الصف الأول ضد المليشيا، انشغل الحزب بتصفية خصومه داخل المدينة وفتح الثغرات واحدة تلو الأخرى حتى استفاد الحوثي منها للتوسع والتمدد وكل معركة دخلها الإصلاح مع أي طرف وطني سواء في تعز أو خارجها انتهت بخسارته سياسياً وعسكرياً وأخلاقياً، لكنه بدلاً من أن يتوقف لمراجعة أخطائه مضى في الغي والعناد ليواصل نفس النهج كأن الفشل صار عقيدته التي لا يتنازل عنها.

لقد عرف اليمنيون أن الإصلاح يتحدث بلغة مزدوجة: يرفع شعار مواجهة الحوثي علناً لكنه عملياً يتسبب في إضعاف كل جبهة قتال حقيقية ضده تحركاته الأخيرة خير دليل على ذلك؛ إذ تشير الوقائع إلى أنه كان عاملاً حاسماً في سقوط مواقع ومعسكرات للمقاومة، إما عبر التواطؤ وإما عبر الانسحاب أو إثارة الانقسامات الداخلية التي شلت أي قدرة على الصمود، هذا الحزب الذي يزعم الدفاع عن الديمقراطية أثبت أنه يلتقي موضوعياً مع الحوثي في غاية واحدة "إسقاط أي مشروع وطني ديمقراطي حقيقي"، فالحوثي يريد دولة طائفية تقوم على الولاية، والإصلاح يسعى إلى دولة خلافة إخوانية لا تقل خطراً أو استبداداً، كلاهما يلتقيان في قتل فكرة الدولة المدنية الحديثة وكلاهما يقتات على دماء اليمنيين وتضحياتهم؛ والأدهى أن حزب الإصلاح لم يكتفِ بخيانته للتحالفات الوطنية بل حاول مراراً ابتزاز التحالف العربي واستثمار دعمه لتحقيق مكاسب حزبية ضيقة حتى بدا واضحاً أنه لا يقاتل الحوثي بقدر ما يقاتل شركاءه في المعركة؛ في تعز مثلاً بدل أن يوحد الجهود لتحرير المدينة زرع الخلافات داخل المقاومة وقاد حملات إعلامية ضد القوى الوطنية وأشعل مواجهات داخلية خدمت الحوثي أكثر مما أضرته هذه السياسات الحمقاء هي التي أبقت تعز تنزف وتعاني بينما الحوثي يبتسم من بعيد مستفيداً من صراع خصومه.

من الواضح أن حزب الإصلاح لم يتعلم شيئاً من تاريخه المليء بالهزائم والنكسات من تحالفاته الانتهازية في الماضي إلى طموحاته الفاشلة للسيطرة على القرار السياسي إلى فشله العسكري الذريع في أكثر من جبهة، لا يزال الحزب يكرر ذات الأخطاء بنفس الغباء السياسي والاجتماعي وكأنه يصر على أن يكون مثالا حياً للفشل المتواصل، والأسوأ أنه يلبس قناع الضحية ليغطي على حقيقة أنه المتسبب الأول في ضياع فرص توحيد الصف الجمهوري ضد الحوثي، لقد صار هذا الحزب مشكلة بحد ذاته لا تقل خطراً عن الحوثي لأنه يعطل أي فرصة للنصر ويجهض أي محاولة لبناء مشروع وطني جامع.

إن حزباً يعيش على الأوهام التاريخية عن "الخلافة" ولا يعترف بأخطائه ولا يراجع حساباته ولا يضع المصلحة الوطنية فوق حساباته الحزبية الضيقة هو حزب محكوم عليه بالسقوط الأخلاقي والسياسي غير أن الخطر الأكبر هو أن يستمر هذا الحزب في العبث بالمعركة الوطنية لأن الثمن في النهاية يدفعه المواطن اليمني البسيط الذي يريد الخلاص من الحوثي ليجد نفسه أسيراً لانقسامات صنعها الإصلاح. واليوم لم يعد خافياً على أحد أن التجمع اليمني للإصلاح هو معول انقسام حقيقي وأن استمراره في هذا النهج ليس سوى خدمة مباشرة للمشروع الحوثي على حساب دماء اليمنيين ومستقبلهم.