عبدالستار سيف الشميري

عبدالستار سيف الشميري

تابعنى على

قراءة في سيكولوجية القطيع (الإخوان في اليمن أنموذجاً)

Friday 12 June 2020 الساعة 09:16 pm

بعض شباب حزب الإصلاح (الإخوان) أنقياء أو أغبياء تقودهم قيادات تمرست الخديعة وانصهرت بالفساد فتصنع منهم حبالاََ ومشانق وأبواقاً وذباباً إلكترونياً ومصدات ومتاريس لقيادات محصنة بالمال والسلاح تسافر من بلد لآخر وتعيش في رفاهية السلاطين ويدرس أبناؤها في أفضل جامعات أوروبا. 


بينما يدعون الشباب للتضحية ورفد الجبهات، بعض هولاء الشباب يدرك الخديعة التي عاشها فترة من عمره فيخرج من الجماعة بأقل الخسائر، وقد يقوده إلى ذلك الاستيعاب أو قراءة فاحصة لسلوك الجماعة ومنهم من يواصل على مضض ومنهم يستره الغباء فلا هو مدرك ولا هو مهتم ما دامت بعض فتات مصالح يجدها بين حين وآخر.


هذا الأمر يسري على كل الجماعات الدينية، لكنه في الإصلاح (الإخوان) أكثر تعقيداََ، لأن المعاني الدينية تمزج بالسياسة والمال والمصالح في طبخة فريدة وعجيبة.


يتم صناعة القطيع من خلال هذه الطبخة بعناية ومن خلال تنظيم حديدي، فالشباب بعاطفتهم الدينية والحاجة بالشعور بالذات يتم استغلالهم ويسخرون لخدمة قلة من الدراويش والفسدة وممن فقدوا القدرة على النجاح في دروب الحياة فوجدوا فرصة للنجاح في دهاليز الجماعة إنها مهمة إغوائية ليست سهلة، لكنها أصبحت واقعاً إخوانياً عالمياً.


بتفنن تنظيمي ورفد مالي يعوض ما نقص ويسد الثغرات فتكون المحصلة الأخيرة قطيعاً كبيراً مسيراً لا مخيراً بعقل موحد وريموت كنترول يحدد المسار دون أي اعتراض باسم السمع والطاعة، والغريب أن الجماعة وقيادتها يذهبون لنقد أشباههم من الجماعات الدينية الأخرى، ولا يرون أنهم النسخة الأكثر فجوراً وحمقاً وغباءً منها جميعاً، وأن رتوش التطور المزعوم والمراجعات والإيمان بالمدنية والديمقراطية والتعايش الذي يقولون إنهم أصبحوا به مؤمنين كل ذلك يسقط مع أول تطبيق عملي ليس عند وصولهم لحكم بلد كما حدث في مصر بل عند الوصول لقسم شرطة أو لجنة أو مدينة صغيرة مثل تعز أو وزارة، والأمثلة لا تعد ولا تحصى.


إن تفكيك مثل هذه الجماعات وتخليص الضحايا يحتاج ردحاً من الزمن وكثيرا من الجهد التنويري اللا محدود وهو واجب كل النخب وقضية أولى يجب إليها الالتفات.


إن شباب الإصلاح يجب التعامل معهم كضحايا لا كخصوم.. الخصوم وحدهم هم القيادات لا أعني القيادات العليا فقط بل القيادات الوسطية أيضا للخلايا التنظيمية والأجهزة الاستخباراتية للجماعة وقيادات القطاعات العسكرية والأمنية وقيادات التوجية والتعبئة والقيادات المالية

وغيرها وعددها كبير لا شك، وهي من تستفيد بمستويات مختلفة من القطيع المظلوم الذي يساق كالخراف ويسمع ويطيع يخرج إلى الشارع بأمر ويلعن الناس بأمر ويقتل بأمر كل ما يعلمه أن في عنقه بيعة للمرشد، وأنه يعمل في جماعة اختارها الله للخلاص وتحقيق الأعمار للكون وصولاً للخلافة الراشدة.


إن سيكولوجية القطيع الإخواني معقدة فيها من الانتهازية وفيها من القمع وفيها من الاستبداد وفيها من الذل وفيها أيضا من الاشباع الاجتماعي الذي يفتقده الشباب في ظل البطالة والفقر فيعوضونه في خلايا وشعب الإخوان وأنشطتهم المختلفة التي تعمل على تزييف الوعي وغسل الادمغة وتأصيل معاني الانتماء للجماعة على أنه الفضيلة التي تعوض عن كل مباهج الدنيا وامتيازاتها ويتم تلقينها.


إن عقل الجماعة هو الأساس الذي ينبغي أن يؤمن به الفرد ويلغي عقله وتفكيره الفردي المحكوم بالخطأ حتما بحسب ما يلقنونه القطيع المستلب الفكر والفهم والإرادة..


عادة يمر بعض الأفراد بحالة من عدم الرضا بما هم عليه ويشعرون بنوع من العبودية والاستلاب ونزع روح الحرية والاستقلال لا سيما الفرد الذي يتسم بالذكاء أو الذي يقرأ كثيرا خارج كتب ومنهج الجماعة وسرعان ما يفهم ويقفز سريعا من المركب الذي ظنه لوهلة سفينة نوح الناجية، فإذا به يكتشف أنه مختطف دون علم فينجو ويحتفظ بتجربة مريرة قد تكسبه تعثرات في طريقه القادم وقد يخلق منها قوة لو اعتصم بحبال القوة والإصرار.


ويبقى الغوص في سيكولوجية القطيع الإخواني لا سيما في اليمن متشعب ويحتاج لصفحات ونقاشات مستفيضة واستخدام أدوات علمية ونفسية عميقة.


وقد نعود إلى ذلك في حلقات قادمة لما في ذلك من أهمية لمساعدة بعض القطيع على النجاة وتحصين للشباب الذين يقفون على أعتاب ودهاليز الجماعة تتخطفهم مخالبها باسم الدين أو لضرورات الفقر وأعباء الحياة التي تدفعهم للجريمة أو الانتماء لعصابات الجريمة، ولعل الجماعة هي العصابة الأكبر والأكثر تنظيما والأقدر لتوظيف قدرات القطيع في مشاريعها ومشاريع من ترتبط بهم محليا ودوليا.