أحمد الجعدي

أحمد الجعدي

تابعنى على

الحرب والحوار

Friday 09 October 2020 الساعة 08:24 pm

ما هذه الحرب التي لا يبدو أن هناك مؤشراً واحداً وبصيص أملٍ يتيم لنهايتها؟

ما الذي يخطط له رعاة هذه الحرب، المسؤولون عن تمويلها وما الذي يجنونه من ذلك؟

كانوا في الحوار الوطني يتفقون على الأقاليم وكانت الدول الممولة اليوم للحرب هي نفسها من ترعى ذاك الحوار، اهتموا بالشكليات كثيراً، وكانت الأوراق والمخرجات جاهزة في الأدراج منذ اليوم الأول للحوار، خرجوا باتفاق وأعلنوا الأقاليم، لكنها لم تصمد تلك المرحلة الا قليلاً ثم بدأت الحرب.

قاتل الجنوب لوحده (هكذا في كل مقال يبدو أنني مضطر لأذكّر أن الجنوب كان يقاتل لوحده) قاتل حتى انتصر بمساعدة الأشقاء من يرعون هذه الحرب ومن كانوا رعاة لمخرجات الحوار، ثم اتجهوا للساحل قاتلوا وانتصروا، كان الرجال يسقطون كحنطة الشعير، كانت الأثمان باهظة، والقرب مملوءة بالدم، والحسابات معدومة، وكأن المحاربين المنغمسين في المعركة لا يجدون الوقت لأخذ النفس.

وصلت المقاومة أبواب الحديدة حتى كان الميناء على مرمى حجر (كحرب لم تكن الأمور على ما يرام) ولكن كطريق للنصر كان كل شيء يسير على ما يرام، ثم بدأت تحصل أمور غريبة وحراك سياسي غير مفهوم انتهى باتفاقية ستكهولم.

في مأرب كان علي محسن يحصل على نصيب الأسد من ميزانية الحرب، يبني فيها جيشاً من موظفي التربية والتعليم والصحة وأئمة المساجد ورجال الدعوة والعائدين من أفغانستان وكشمير والشيشان ونهر البارد ومن تربوا في جامعة الإيمان ومعاهد تحفيظ القرآن الكريم، كان النشاط كبيراً فقط على مستوى الناشط التنظيمي ولكن على الأرض لم يكن هناك أي تقدم، كانت الإمارات موجودة في تلك المنطقة ولكنها أصيبت بمقتل ثم خرجت منها، وبعد ذلك وبعد خمس سنوات من الحرب سقطت مناطق كثيرة من نهم والجوف والبيضاء ومأرب في يد الحوثي بينما كان تنظيم علي محسن مشغولا بغزوه لعدن.

بعيداً عن التفاصيل، كلما مر الوقت ولدت هوية لمنطقة جديدة، وولد مكان يحمل طابعا مختلفا عن هوية ومكان الآخر، ويختلف الطابع والمكان باختلاف القوى المسيطرة عليه، لقد اسست الحرب كيانات مختلفة جذرياً تحكم مناطق ستجعل منها مختلفة عن غيرها من المناطق التي تحكمها الكيانات الأخرى، ثم بعدها يشعر المواطن في كل منطقة من تلك المناطق ان انتماءه إليها من اللزوميات للعيش في هذا الوطن، وانه من الصعب عليه ان ينتقل للمناطق الأخرى التي يحكمها اناس آخرون، مع مرور الوقت سيشعر المواطن بغربة كلما خرج من منطقته، فهل هذه هي الأقاليم التي يريدونها ان تتحقق بشكل تدريجي؟

إن الوطن والشعب اليوم في أضعف حالاته، صارحوه بالمشروع الحقيقي لهذه الحرب ونفذوه كأمر واقع، صدقوني لن تحتاجوا للوقت ولا لتلك الأثمان الباهظة في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وجعل الأقاليم أمراً واقعاً، اقتلوا النّاس كيفما شئتم فلم تعد تهمه تفاصيل الموت والقتل بقدر ما هو مهتم بنهاية الحرب.

فقط معضلة واحدة ولدت قبل الحوار والحرب وهي قضية الجنوب فلا أعتقد أن النّاس هناك ستستسلم لمشاريع من هذا النوع.