محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

الجمهورية.. أقدس ما جاءت به ثورة 26 سبتمبر

Thursday 23 September 2021 الساعة 05:45 pm

عندما جاء 26 سبتمبر مثقلاً بألف عام من الظلام والجهل والتخلف وسنوات الدم والإعدامات، كان في كتفه طير الجمهورية ورايتها التي لا تعلوها راية أخرى، وتحتها سواسية الناس والمساواة في حقوقهم، لا انتقاص ولا استزادة، أقدس شيء جاء به 26 سبتمبر هي الجمهورية وما تختزله من أفكار ورؤى تؤسس لنظام عدالة حقيقية.

وعلى الرغم أن كل ما كان حول الجمهورية وهي تنصب قواعدها وأسسها في كل ربوع الوطن، كان هشاً، وهذا ما أثر على مسارها طيلة مسارها الذي بدأته مع سقوط الإمامية البغيضة وحتى عودتها على ظهور الناس وتحت راية الدين الإسلامي، الهشاشة السياسية حولت الجمهورية إلى شكليات ممزقة، وأفرغتها من مضامينها وجعلتها أوراقا تحافظ عليها في سراديب مظلمة من أجل مصالح معينة وشخصية.

ورغم ذلك تبقى الجمهورية هي أقدس ما تمناه اليمنيون في الشمال وهم يقبعون تحت نير الإمامة وجورها، وكانت هي الشعاع الذي فتح قلوبهم وعقولهم وصقل من شعورهم بواحدية الجنس البشري، الجمهورية هي أعظم ما رأته اليمن طوال تاريخها السياسي، وأعظم ما أنجزته الثورات، وعلى الرغم أيضاً من حداثتها على النظام القبلي الذي تصطبغ به البنية الاجتماعية اليمنية إلا أنها استطاعت التماشي معها، وكانت قاب قوسين من انتشال القبيلة من جاهليتها التي تظن في الجمهورية نظاماً سوف يطيح بسلطة المشيخة وقبضتها لحساب هيمنة وقوة الدولة.

في صنعاء استراحة كبيرة للجمهورية وللنظام، يتيمة الشوارع وهي تنظر من علو جبل نقم إلى ما خلف الشمس، شاحبة هي الشوارع في سبتمبر، كئيبة في عيد الثورة المجيد، لا يوجد للجمهورية مظاهرها ولا شواهدها ولا أغانيها وأهازيجها، لكن ذلك لا يعني أن الجمهورية في صنعاء انتهت وأصبحت ماضيا تليدا.. لا، قلوب الناس هي أماكن العبادة ومحراب احتفال بالجمهورية، وهي الشعلة التي لا تزال تحافظ على ثورة الجمهورية ومبادئها، لأنها تؤمن واثقة بالله بأن الفجر لا بد أن يعود من جديد وتعود صنعاء بشوارعها وشواهدها تكتسي ثوب الجمهورية من جديد.

الجمهورية هي فكرة ومشروع وهي نقطة تحول كبير لا يمكن للمشاريع المناهضة لها أن تمحي تلك الفكرة من عقول الناس، وأن تخترق أفئدتهم لاستئصالها، وكلما أوغلت المشاريع الإمامية في وأد فكرة الجمهورية من صنعاء، أصرّ الناس على التمسك بها ومقارعة تلك المشاريع بكل الوسائل السلمية المتاحة.

لا يمكن محو ثورة الجمهورية، كل البدائل عنها هي مجرد مشاريع تناقض جوهر تلك الثورة، واليمنيون يعيشون في القرن الواحد والعشرين، ينظرون إلى العالم كيف يتقدم وكيف يبني أنظمته على أسس وقواعد العدل والمساواة، ولذلك لا يمكن أن تنطلي عليهم حجج واهية باسم الدين أو القبيلة تنتقص من حقوقهم وكرامتهم وتنتقص من الجمهورية فكرة ومشروعاً.

سبتمبر مبارك عليكم جميعاً.. ثورة الجمهورية.