حصبة وكوليرا وضنك.. أمراض تتربص بأطفال حضرموت وتحصد مزيدًا من الأرواح
الجنوب - Monday 15 September 2025 الساعة 08:39 pm
في أحياء المكلا والديس وبروم ميفع، وفي القرى المترامية على سواحل حضرموت، تتصاعد أصوات الأمهات القلقة ووجع الأطفال المحمومين. لا يقتصر الخوف على الحمى وطفح الجلد فحسب، بل على مستقبل غامض أمام موجة أوبئة متلاحقة أعادت القلق الصحي إلى الواجهة. منذ بداية العام 2025، سجّل الساحل الحضرمي أكثر من ألف إصابة جديدة بحمى الضنك والحصبة والكوليرا، في مشهد يعيد للأذهان سنوات الأزمات الصحية التي رافقت الحرب.
وفق إحصائية رسمية صادرة عن دائرة الترصد الوبائي في مكتب الصحة بساحل حضرموت، بلغت الحالات التراكمية للاشتباه في الأمراض الثلاثة 1,090 حالة جديدة خلال الفترة من 1 يناير/كانون الثاني وحتى 11 سبتمبر/أيلول 2025.
وتؤكد الإحصائية أن من بين هذه الحالات جرى تأكيد إصابة 62 حالة مخبرياً: 53 بالحصبة، و6 بحمى الضنك، و3 بالكوليرا، فيما سُجلت خمس وفيات جميعها مرتبطة بالحصبة؛ حالتان في المكلا، حالتان في الديس، وحالة خامسة بين الحالات الوافدة.
تصدّرت الحصبة قائمة الأمراض المشتبه بها بـ494 حالة، جاءت مدينة المكلا في المقدمة بواقع 161 إصابة، تليها الديس 70، ثم غيل باوزير 67، والشحر 43، وبروم ميفع 38، والريدة وقصيعر 30، وأرياف المكلا 25، إضافة إلى حالات أقل في المديريات النائية مثل دوعن ويبعث. وتكشف الإحصائية أن 69% من حالات الحصبة غير مطعّمة، ما يفسر سرعة الانتشار وارتفاع معدل الوفيات.
أما حمى الضنك فسجّلت 412 حالة اشتباه، معظمها في المكلا (162 حالة) وبروم ميفع (104) ثم حجر وغيل باوزير وأرياف المكلا. ورغم قلة الحالات المؤكدة مخبرياً، يثير التوسع الجغرافي للمرض قلق الفرق الصحية التي تحذر من دورة وبائية جديدة مع قرب موسم الأمطار.
لم تغب الكوليرا عن المشهد؛ إذ رُصدت 184 حالة اشتباه، معظمها في مديرية حجر (116 حالة)، تليها بروم ميفع والمكلا، مع 13 حالة وافدة.
تقول دائرة الترصد إن 99% من الحالات المشتبه بها تماثلت للشفاء (1,078 حالة)، لكن ذلك لا يحجب المخاوف من فجوات التحصين وضعف البنية التحتية الصحية في المديريات الساحلية، حيث يعيش آلاف الأسر بموارد محدودة وشبكات صرف متدهورة تجعل الأوبئة أسرع انتشاراً.
خبراء الصحة في حضرموت يشددون على أن مواجهة هذا التفشي يتطلب حملات تطعيم عاجلة ضد الحصبة، وتكثيف التوعية الصحية، وتحسين إمدادات المياه والصرف الصحي، خصوصاً في مناطق مثل حجر وبروم ميفع حيث تتكرر بؤر التفشي.
أمام هذه الأرقام، يقف سكان الساحل الحضرمي في مواجهة مع أمراض كان يُظن أنها تحت السيطرة. وبين قصور التمويل وضعف الاستجابة، يظل الأطفال – غير المطعّمين في معظمهم – الحلقة الأضعف في معركة حضرموت الطويلة مع الأوبئة.