مصر تلوح بالخيار العسكري في مواجهة سد النهضة الإثيوبي

العالم - منذ 5 ساعات و 7 دقائق
القاهرة، نيوزيمن:

في تصعيد جديد للأزمة المستمرة منذ أكثر من عقد بين مصر وإثيوبيا بشأن "سد النهضة"، جددت القاهرة تهديدها باستخدام "كافة الوسائل المتاحة" للدفاع عن حصتها من مياه نهر النيل، وسط مخاوف من أن يؤدي السد الإثيوبي إلى تقليص إمدادات المياه التي تعتمد عليها مصر لتلبية أكثر من 90٪ من احتياجاتها.

 يأتي هذا التصعيد في وقت وصلت فيه المفاوضات الثلاثية إلى طريق مسدود، مع إصرار أديس أبابا على المضي قدماً في تشغيل السد دون التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم مع دولتي المصب، مصر والسودان.

وفي تصريحات متلفزة، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن "حق مصر كاملاً في الدفاع عن نفسها ومصالحها المائية، وفقاً للقانون الدولي، حال وقوع أي ضرر على أمنها المائي"، ملمحاً ضمنياً إلى إمكانية اللجوء إلى الحل العسكري كملاذ أخير، لكنه شدد على أن القاهرة تفضل دائماً الحلول السلمية والضغط الدولي لحماية حقوقها.

وتعكس تصريحات عبد العاطي سياسة مصر الراسخة في التعامل مع القضايا الحساسة: الموازنة بين الحفاظ على الحقوق الوطنية والامتناع عن أي عمل عدائي، ما يجعل الخيار العسكري غير مفضل حالياً. وفي هذا السياق، يرى اللواء سمير فرج، الخبير العسكري المصري، أن التدخل العسكري "يبقى حلاً أخيراً في التعامل مع قضية السد، حال حدوث ضرر كبير لحصة مصر من المياه"، مشيراً إلى أن القاهرة ما زالت تراهن على الضغط الدولي والحلول الدبلوماسية، خاصة عبر الوساطات الأميركية، كما حدث في 2020 حين استضافت واشنطن جولة مفاوضات ثلاثية شارك فيها البنك الدولي، رغم فشل الوصول لاتفاق نهائي بسبب رفض إثيوبيا التوقيع على مشروع الاتفاق.

ويُشير المحللون السياسيون إلى أن القاهرة تسعى من خلال تهديداتها باستخدام "كافة الوسائل المتاحة" إلى رفع سقف الردع أمام أي تصرفات أحادية الجانب من أديس أبابا، مع الحفاظ على سياستها المعلنة القائمة على الدفاع وليس الاعتداء. ويؤكد اللواء عادل العمدة، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن "توجيه الرسائل القانونية والدبلوماسية هو جزء من استراتيجية الردع لعدم التمادي في الإضرار بالمصالح المائية لمصر"، معتبراً أن موقف إثيوبيا "محاولة لإطالة أمد الصراع لأغراض سياسية داخلية".

في السياق نفسه، يرى السفير صلاح حليمة، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن "الخيار العسكري يكفله القانون الدولي وفقاً للفصلين السادس والسابع من مجلس الأمن، ويعد حقاً دفاعياً عن النفس والمياه المصرية وليس اعتداءً"، موضحاً أن مصر لجأت أكثر من مرة إلى مجلس الأمن للتأكيد على هذا الحق، في ظل استمرار إثيوبيا في سياسة الأمر الواقع منذ بدء تشغيل السد رسمياً في سبتمبر الماضي.

وعلى الرغم من التوتر الحالي، يؤكد محللون مصريون أن "فرص الحل السياسي ما زالت قائمة"، خاصة في حال تراجعت أديس أبابا عن سياساتها الأحادية ووافقت على حوار حقيقي مع دولتي المصب، بهدف التوصل إلى اتفاق ينظم تشغيل السد بما يحمي مصالح مصر والسودان المائية. ويعتبر هذا السيناريو مفتاح تهدئة الأزمة التي تجاوزت 13 عاماً من المفاوضات غير المثمرة، في ظل تمسك مصر بحقوقها الوجودية في نهر النيل.

وبالتالي، يبقى التحدي الأكبر أمام القاهرة وأديس أبابا هو التوفيق بين إرادة الدولة الإثيوبية في استغلال مواردها المائية وبين حقوق دولتي المصب في الأمن المائي، في وقت تتصاعد فيه الأصوات داخل مصر التي تحذر من أن أي إضرار بحصة البلاد من المياه قد يضعها أمام خيارات أكثر صرامة، بما في ذلك استخدام الوسائل المتاحة للدفاع عن مصالحها، وفق القانون الدولي.