مشاهد مؤلمة لكارثة من صنع البشر.. أطفال اليمن يصارعون الموت جوعاً

متفرقات - Monday 29 October 2018 الساعة 08:25 am
صنعاء ، نيوزيمن، تقرير :

يستقبل مستشفى السبعين للأمومة والطفولة في العاصمة صنعاء يومياً العشرات من الأطفال الرضع وحديثى الولادة ممن يصارعون الموت جوعاً أو يعانون من أمراض شتى جراء سوء التغذية والنقص الحاد في الغذاء بسبب الحرب الدائرة منذ مطلع العام 2015.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فقد قتل ما يقارب عشرة آلاف شخص في اليمن من بينهم مئات الأطفال فيما جرح أكثر من خمسة وستين ألفاً خلال الأعوام الأربعة الماضية.

وكانت الأمم المتحدة ناشدت هذا الشهر أطراف النزاع لوقف إطلاق النار لدواع إنسانية خصوصا بالقرب من المراكز المشاركة في توزيع المساعدات الغذائية، غير أن هذه المناشدة لم تلق أي استجابة حتى الآن لا من قبل المسلحين الحوثيين المدعومين من إيران ولا من قبل قوات الشرعية المدعومة من التحالف العربي.

وبحسب الأطباء فإن بعض الأطفال الذين اشتد بهم الهزال نتيجة سوء التغذية الحاد بات من الصعب عليهم بلع الغذاء وحتى الحليب ما يضطر الأطباء والممرضين إلى إيصال الحليب إلى المعدة مباشرة عبر أنابيب يتم إدخالها من أنوفهم.

مشاهد يومية تدمي القلوب في غرف مستشفی السبعين تعكس حجم مأساة معاناة أطفال اليمن.

يصرخ أحمد حسن الذي لم يتخط عمره بضعة أشهر، من الألم عندما يحمله الطبيب برفق ويضعه فوق ميزان حديدي، لقياس وزن جسده النحيل جراء سوء التغذية الذي يعاني منه الطفل اليمني الرضيع.

وفي الغرفة المجاورة، يعمل ممرضون وممرضات على مزج البودرة البيضاء والماء الساخن لتحضير الحليب في وعاء بلاستيكي، وعلى تجهيز الحقن التي يتوجب إعطاؤها للأطفال الراقدين في مستشفى السبيعن في العاصمة اليمنية الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين.

ويعجز بعض الأطفال عن ابتلاع الحليب، فيقوم الممرضون والممرضات بتمريره في أنبوب ألصق بالأنف بشريط أبيض.

ويشعر الأطفال ببعض النشاط ما إن يتم إطعامهم، فيتقرّبون من الأطفال الآخرين في الغرفة ذاتها للعب معهم والأنابيب ملصقة فوق أنف وجبين كل منهم في العيادة داخل المستشفى.

وتقول أم طارق وإلى جانبها طفلها البالغ من العمر تسعة أشهر في "جناح أمراض سوء التغذية والاسهالات"، إن "الحياة أصبحت صعبة جدا، لكننا نقوم بكل ما بوسعنا لمواجهة الحالة التي نمر بها".

وتضيف: "لسنا من هنا (صنعاء) ونعيش في منزل قديم جدا يبلغ إيجاره 10 آلاف ريال (نحو 40 دولارا). لكن ابني بدأ يمرض لأننا كنا نعطيه الحليب، والآن لا نستطيع أن نتحمّل تكاليف الإيجار والحليب معا".

ووضع النزاع اليمني المستمر منذ نحو أربع سنوات ملايين السكان والأطفال أمام خطر المجاعة.

والأسبوع الماضي حذر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك بأن 14 مليون شخص قد يصبحون "على شفا المجاعة" خلال الأشهر القادمة في حال استمرت الأوضاع على حالها في هذا البلد الفقير.

وقال لوكوك ان "الوضع الإنساني في اليمن هو الأسوأ في العالم، 75% من السكان، ما يعادل 22 مليون شخص، بحاجة إلى مساعدة وحماية، بينهم 8,4 ملايين في حال انعدام الأمن الغذائي الخطير وبحاجة إلى توفير الغذاء لهم بصورة عاجلة".

تحسن، انتكاسة أو موت

في مستشفى السبعين، يقول طبيب الأطفال شرف نشوان "إن العائلات لم تعد قادرة حتى على دفع تكاليف التنقل للوصول إلى المنشأة الطبية".

ويوضح "يصل أطفالهم إلى هنا وهم في أشد المراحل صعوبة لذا نقوم بإسعافهم فورا".

ويضيف: "ينتظرون أن يأتي فاعل خير ويعطهم المال الكافي للتنقّل والذهاب إلى المستشفى وتلقي العلاج".

ويقول الدكتور نشوان "بعد وصول الأطفال إلى المستشفى "بعض الحالات تتحسن، وبعض الحالات تصاب بانتكاسة، أو تموت ".

ويشهد اليمن منذ 2014 حربًا بين المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، تصاعدت مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في 26 مارس 2015 دعما للحكومة المعترف بها دولياً بعد سيطرة المتمردين على مناطق واسعة بينها صنعاء.

وأوقع النزاع في اليمن منذ آذار/مارس 2015 أكثر من عشرة آلاف قتيل وتسبّب بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة.

وأعلنت منظّمة "أوكسفام" الجمعة أنّ المعارك الدائرة في اليمن تحصد مدنياً واحداً كلّ ثلاث ساعات، مطالبة كلاً من الولايات المتحدة وبريطانيا وسائر الدول الأوروبية بوقف مبيعاتها من الأسلحة لاطراف النزاع في اليمن.

ودعت الأمم المتحدة إلى وقف لإطلاق النار بالقرب من المنشآت التي يتم توزيع الغذاء منها، وبينها تلك المتواجدة في محافظة الحديدة، حيث تشتد المواجهات بين ميليشيا التمرد المدعومة ايرانيا وقوات المقاومة المشتركة المسنودة من التحالف العربي بقيادة وتقترب المعارك من مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي الذي تصل عبره غالبية المساعدات.

وفي ظل الأوضاع الإنسانية والصحية الصعبة، يعمل الأطباء والممرضون في مستشفى السبيعن بلا توقف على انقاذ حياة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، وتوفير الغذاء لهم.