من زاوية "الحديدة".. الأخطاء والخطايا الاستراتيجية القاتلة: إصلاح الشرعية أم التسليم للحوثيين!

المخا تهامة - Tuesday 03 September 2019 الساعة 02:22 pm
المخا، نيوزيمن، كتب/ أمين الوائلي:

شكل الذهاب إلى السويد ومباحثات ستوكهولم فرصة ثمينة، بل يمكن اعتبارها الأثمن، للمتمردين الحوثيين، منحت لهم على طبق من ذهب، بينما يحتضرون فعلياً في مدينة الحديدة وقاب قوسين من انتزاعها وتحرير المدينة والميناء الاستراتيجي على ساحل البحر الأحمر غرب اليمن وعلى امتداد إلى الممر الملاحي الدولي ومضيق باب المندب.

هذه واحدة من أخطاء الشرعية، بل خطاياها، الاستراتيجية في طريق معركة استعادة الدولة والعاصمة صنعاء من أيدي الانقلابيين الموالين لإيران.

النتيجة المباشرة تمثلت في التمكين للحوثيين ومنحهم وقتاً ثميناً.. طويلاً وبلا سقف.. لإعادة بناء قواتهم وتشديد القبضة على المدينة والموانئ التي بقيت تحت سيطرتهم وفي خدمة أهدافهم ومصالحهم.

خذلان وخنق قوات المقاومة المشتركة المدعومة بالتحالف والمندفعة قدماً عبر الشريط الساحلي الممتد من أقصى الجنوب إلى عمق مدينة الحديدة، سدد ضربة لا تغتفر لأهداف وتحالف استعادة الشرعية وفرض شروط السلام على حلفاء إيران.

وتوالى مسلسل التنازلات للحوثيين من قبل الشرعية التي مددت للفترة الزمنية المنتهية والمحددة بشهرين فصار الاتفاق بلا سقف زمني. ومررت للحوثيين كافة شروطهم ورغباتهم. في الوقت الذي يستمرون ويومياً في الأعمال والأنشطة العسكرية والعدائية على كافة المحاور والجبهات في الحديدة والساحل الغربي.

إلى اليوم وقد أزف العام الأول منذ خطيئة منع وتعطيل تحرير الحديدة وإنقاذ الحوثيين فيها، فإن الشرعية غير معنية، كما يبدو من سلوكها، بمراجعة الخطأ وتصويب المسار والعمل بحق التصرف جراء الإخلال بالاتفاق وبنوده ومدده وإجراءاته المنصوصة.

في المقابل يتمتع الحوثيون بامتيازات الاحتكام الآمن على مدينة وموانئ استراتيجية وحاسمة في مسار ومصير الصراع والحرب برمتها، وبرعاية مباشرة وحماية من اتفاق مع الشرعية لم تنفذ منه المليشيات الحوثية شيئاً يذكر، ولم يحقق إلا التمديد للحوثيين وتكريسهم سلطة للحديدة.

يجئ ملف وسلوك الشرعية وحكومتها تجاه موضوع الحديدة في صدارة المآخذ المحقة والمبررة تماماً التي تخاطب بها هذه السلطة المغيبة عن أهداف وواجبات معركة استعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب والحد من عمر وكلفة معاناة اليمنيين جراء الحرب والصراع وغياب الدولة للعام الخامس على التوالي.

وعوضاً عن مراجعة الأخطاء وتصويب المسار وتلافي مزيد من النزيف الوطني والاستراتيجي، فإن القوات الفاعلة على الأرض في تحرير الساحل الغربي والممنوعة من التقدم في عمق وحلق الحديدة تحولت إلى هدف للتصويب ومادة يومية للاستهداف من قبل القوى التي تهيمن وتتحكم في قرارات وتوجهات الشرعية.

تسارعت وتكاثرت الأخطاء والخطايا من هذه الشاكلة، بحيث نشأت قائمة أولويات ومنحرفة عن مسار وهدف التحرير إلى الضد من ذلك تماماً، زيادة في خدمة الحوثيين والتمكين لهم.. بأساليب متنوعة مباشرة أو غير مباشرة.. وتصب جميعها في مصلحة الطرف الخطأ وإجمالاً ضد مصلحة الشرعية والتحالف.

أمام هذه الوقائع يبدو مطلب إصلاح الشرعية وتصويب مسارها وتوسيع قاعدة المشاركة في صناعة وأخذ السياسات والقرارات، من البديهيات الملحة. ودون ذلك سوف يستمر التخبط والاستنزاف الجائر والعبثي لمعسكر وحلفاء وشركاء التحالف والشرعية على السواء. وليس هناك ما هو أكثر مثالية من هذا لخدمة الحوثيين وراعيهم الإقليمي والتسليم لهم.