جنازة العمراني في صنعاء.. التفاف مجتمعي حول الوسطية والاعتدال
السياسية - Tuesday 13 July 2021 الساعة 08:33 pm
دونما رسائل موبايل إجبارية تطالب الناس للخروج، ودونما توجيهات إدارية وتعميمات رسمية، ودونما مساومات عقال الحارات بأسطوانة الغاز وغيرها من الامتيازات، خرج الناس طواعية في حشود غير مسبوقة لتشييع جثمان فقيدهم القاضي العلامة/ محمد بن اسماعيل العمراني، الذي توفّي يوم الاثنين 12 يوليو/ تموز 2021م بصنعاء بعد عمر قارب الـ100 عام.
ودونما إعلان رسمي واضح بموعد ومكان صلاة الجنازة، وخط سير الجثمان إلى مثواه الأخير، ودونما حضور رسمي يليق بمكانة الرجل وقيمته المعرفية والعلمية، اكتظت صنعاء بجموع المشيعين لجنازة الفقيد الراحل القاضي محمد بن إسماعيل العمراني، وعمّ الحزن أرجاء المدينة.
تدافع غير مسبوق، والتفاف مجتمعي يمني، يمكن القول إنه وحّد اليمنيين لأول مرّة منذ تفاقم الأزمة السياسية عام 2011م، ونزوعها نحو الصراع والاقتتال المسلح والانقسام المجتمعي وغلبة صوت الكراهية والتحريض على العنف.
وفي تعليق له على حجم الحضور الجماهيري المهيب في جنازة القاضي العمراني، يرى الناشط السياسي، أحمد العشاري، أن فقيد الأمة القاضي محمد بن اسماعيل العمراني، لم يحظ بكل هذه المكانة والاحترام والتقدير والإجلال من الشعب اليمني كافة، بسبب علمه فحسب، وإنما بحياديته واستقلاله ووسطيته واعتداله وإنسانيته وانفتاحه على الجميع، مشيراً في صفحته على فيس بوك، إلى أن الفقيد تميّز بـ"تجسيده لدين الله الحق وعدم تحزبه وتعصبه لطائفة وجماعة أوحزب ومذهب".
الكاتب الصحافي عمار الأشول يرى في تعليق له أن اليمن كلها بكت رحيل القاضي العمراني "لأنه باختصار، معتدل وشامل"، مشيراً في هذا السياق إلى أن "الاعتدال محبة، والشمول حياة"، وأضاف على صفحته في فيس بوك: "لذلك ظل العمراني محبوباً طيلة حياته، وسيظل حياً ما بقيت الحياة، حيّا بفكره، ومدرسة باعتداله ووسطيته".
وقال: "رحل الشيخ العمراني، بعد مائة عام من الإرشاد الديني المتعايش، والعطاء الفكري المتصالح؛ ليولد الفكر العمراني، والمدرسة العمرانية، ويتخلّد اسمه بهما إلى الأبد".
بمختلف مشاربهم الفكرية وانتماءاتهم السياسية ومناطقهم الجغرافية، يعم الحزن سكان العاصمة صنعاء، التي تحولت إلى ما يشبه صالة العزاء المفتوحة، حزناً وألماً لرحيل مفتي اليمنيين لعقود زمنية، وأشهر علماء اليمن المعاصرين ومرجعيتهم فيما يتعلق بالعلوم الشرعية والفقهية.
التفاف جماهيري ومجتمعي غير مسبوق، واستفتاء شعبي يحمل أكثر من دلالة ومعنى، يظهر في صورتها العامة حقيقة اليمنيين بفطرتهم وسجيتهم وتديّنهم المتّسم بالوسطية والاعتدال والتسامح والقبول بالآخر، في حقبة زمنية متخمة بالتشظي والتطرف والزيف والبهتان وتفرّد عام بالرأي والرأي نفسه.
>> العمراني كمؤسسة معرفية عابرة للزمان والمكان