الدستور والسيادة.. لافتات تخفي حقيقة الصراخ ضد اتفاقية الاتصالات مع الإمارات

تقارير - Wednesday 30 August 2023 الساعة 03:13 pm
المخا، نيوزيمن، خاص:

رغم مرور أسبوع على موافقة الحكومة على اتفاقية إنشاء شركة اتصالات مشتركة مع شركة NX الإماراتية، لا تزال الاتفاقية تواجه بحملة عنيفة من قبل قوى وشخصيات داخل معسكر "الرئاسي" تحت مزاعم مخالفتها للدستور وانتهاكها للسيادة.

أحدث هذه المواقف، كانت الرسالة التي وجهها عضو مجلس القيادة الرئاسي عثمان مجلي إلى رئيس المجلس يطالب فيها بإحالة رئيس الوزراء معين عبدالملك إلى التحقيق ومعه كل من له ارتباط بالملفات المشمولة بتقرير مجلس النواب الأخير، وإلغاء كل الاتفاقيات والإجراءات التي تم توقيعها، في إشارة إلى الاتفاقية.

موقف مجلي الرافض للاتفاقية يتطابق مع المبررات التي وردت في رسالة رئيس مجلس النواب وتقرير اللجنة المكلفة من قبل المجلس للتحقيق في عدد من الملفات، وتم توجيهها إلى رئيس الوزراء ونشرها عقب موافقة الحكومة على الاتفاقية.

>> استماتة إخوانية لإجهاض جهود إنهاء هيمنة الحوثي على قطاع الاتصالات

هذه المبررات قُوبلت بحملة مضادة من قبل نشطاء جنوبيين على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبروا الهجوم ضد الاتفاقية استمراراً لسياسة التعطيل المستمرة التي تفرضها قوى النفوذ وعلى رأسها جماعة الإخوان لمنع تطبيع الأوضاع بالمحافظات المحررة خدمة لجماعة الحوثي.

>> فشل انتزاع "تيليمن" من الحوثي وقصة تشفير "عدن نت".. فضائح الشرعية بملف الاتصالات

الحملة الجنوبية انتقدت بشكل لاذع رئاسة مجلس النواب وأعضاءه المعترضين على الاتفاقية، وأكدت بأنها مدفوعة من قبل نافذين بجماعة الإخوان جراء فشلهم في محاولة السيطرة على ملف الاتصالات بالمناطق المحررة من خلال شركات تابعة لهم، بعد التعطيل المتعمد الذي تعرضت له شركة "عدن نت".

وتشير هذه الاتهامات إلى رجلي الأعمال النافذين: حميد الأحمر الذي يملك شركة "سبأفون" العاملة بالمناطق المحررة، واحمد العيسي الذي يملك شركة "واي"، وهو أول من أثار قضية الاتفاقية اعلامياً ووجه اتهامات بقضايا فساد لرئيس الوزراء في أبريل الماضي، ولقيت استجابة من مجلس النواب الذي شكل لجنة تحقيق من أعضائه بهذه الاتهامات. في موقف اعتبره ناشطون –حينها- غير مسبوق من قبل المجلس يعكس حجم تأثير العيسي بان تدفع تصريحاته على الإعلام إلى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية، في حين تجاهل مجلس النواب كل الاتهامات بقضايا الفساد والانتقادات الموجهة للأداء الكارثي للشرعية منذ عام 2015م وتسبب بانهيار عسكري واقتصادي وخدمي غير مسبوق.

مصادر خاصة لـ"نيوزيمن" كشفت عن تفاصيل مهمة في سير عمل اللجنة البرلمانية، التي نص قرار تشكيلها من قبل رئيس المجلس سلطان البركاني في الـ9 من ابريل الماضي بان ترفع تقريرها النهائي خلال أسبوعين من تاريخ مباشرتها لمهمتها، وهو ما تم في الأول من مايو بعقد اللجنة اول اجتماع لها في عدن ولقائها برئيس الوزراء لمرتين وبالمسئولين في وزارات النفط والكهرباء والاتصالات والمؤسسات التابعة لها خلال شهر مايو.

ويكشف تقرير اللجنة بأنها طلبت تمديد عملها لأسبوع ثالث، إلا أن ذلك قوبل بالرفض من قبل رئيس المجلس الذي طالب بمغادرتها فوراً وتكليف عضوين باللجنة يقيمان في عدن باستلام باقي الردود الرسمية من قبل الجهات الحكومية، ليتجمد نشاط اللجنة لثلاثة أشهر.

>> اللجنة العليا للإيرادات ترد على طلب البرلمان بشأن الاتفاقية مع شركة الاتصالات الإماراتية

المصادر كشفت بأن أعضاء اللجنة جرى استدعاؤهم فجأة من قبل رئاسة مجلس النواب إلى القاهرة الأسبوع الماضي عقب إقرار الحكومة للاتفاقية، ومطالبتهم بسرعة تقديم التقرير النهائي كردة فعل على تصرف الحكومة، وهو ما يكشف بشكل واضح وجود ضغوط من قبل قوى وشخصيات لمواجهة إقرار الاتفاقية.

إشهار سلاح "الدستور" من قبل البرلمان في وجه الحكومة لوقف الاتفاقية قُوبل باستنكار وسخرية من قبل نشطاء ومتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، بالنظر الى المخالفات الدستورية التي ينطلي عليها إجراءات البرلمان ذاته، كما يقول الصحفي علي سعيد السقاف في منشور له على "الفيس بوك" الذي يستغرب مطالبة رئاسة البرلمان للحكومة باحترام الدستور.

ويوضح السقاف قائلا: ما دام المجلس يتحدث عن الدستور والقوانين فلماذا لا يعود لممارسة صلاحياته الدستورية في التشريع والرقابة؟ وكيف سمحت هيئة الرئاسة لنفسها بتشكيل لجنه برلمانية لتقصي الحقائق في اجتماع لهيئة الرئاسة ورؤساء الكتل النيابية بالمخالفة للنصوص الدستورية التي تنص على أن لجان التقصي تشكل بناء على طلب مقدم من عدد من اعضاء مجلس النواب يناقشه المجلس في جلسة برلمانية وان تقدم اللجنة تقريرها للمجلس لمناقشته واتخاذ ما يراه بصدده.

اما لافتة "السيادة" فيرد عليها الصحفي وعضو مؤتمر الحوار صالح البيضاني في تغريدة له على منصة "إكس"، بالتذكير بإعلان وزير النقل الأسبق صالح الجبواني من أنقرة عن توقيع اتفاق مع نظيره التركي تقوم بموجبه تركيا "بتطوير الموانئ والمطارات" اليمنية، في يناير 2020 وفي ذروة التوتر بين تركيا ودول التحالف.

>> الحكومة توافق على مشروع اتفاقية إنشاء شركة اتصالات يمنية - إماراتية مشتركة

ويقول البيضاني: لم يحرك مجلس النواب الذي تقيم المجموعة المؤثرة فيه داخل مجمع سكني واحد في اسطنبول، ساكنا حينها، بينما تتحرك هذه المجموعة التي تختطف قرار المجلس المهترئ، عند الحديث عن أي نشاط استثماري محتمل لإحدى دول التحالف العربي سواء في المهرة أو عدن والجنوب عموما.

ويرى البيضاني بأن "رفع قميص "السيادة" لعرقلة أي استثمار يمكن أن يوفر مكاسب اقتصادية للمناطق المحررة، هو "تعبير فج عن مصالح شخصيات أنانية مصابة بهوس الإيديولوجيا ورغبة الاستحواذ على كل شيء"، حد قوله.