سميرة.. قصة نجاح وصمود في وجه الإعاقة

السياسية - Friday 29 September 2023 الساعة 10:30 am
عدن، نيوزيمن، أمة الله عبدالله:

سميرة عبداللاه، فتاة في الـ14من عمرها، تعرضت لإعاقة مفاجئة في بداية حياتها، إلا أن هذه الإعاقة لم تكن حاجزاً أمام طموحاتها التي سعت إلى تحقيقها بصمود وإرادة قوية.

ولدت سميرة في محافظة ابين، وتحديداً في مديرية مكيراس، أصيبت بحمى شوكية فقدت على إثرها السمع أثناء دراستها في الصف السابع (أول إعدادي). لم يستطيع والداها أن يسافر بها خارج البلاد لاستكمال علاجها بسبب ظروف الأسرة الصعبة، الذي فاقم من معاناة سميرة وغير مجرى حياتها بالكامل.

لم تستطع سميرة تقبل وضعها في بداية الأمر، خصوصا مع صعوبة فهم الدروس في المدرسة من المعلمات اللاتي يلبسن البرقع، وأيضا عدم تقبل بعض الزميلات لها في المدرسة بسبب كونها صماء، بعد أن كانت سليمة وطالبة جديدة في مدرستها.

تقول سميرة إنها كانت تتعرض للتنمر يومياً في المدرسة من قبل زميلاتها، الأمر الذي دفعها إلى الانتقال إلى مدرسة عبدالباري لدراسة مرحلة الثانوية.

كفاح ونضال 

وتضيف سميرة: "تغلبت على تلك الصعوبات بمساعدة أهلي خصوصا أبي وأمي الذين شجعوني على الاستمرار في الدراسة بعد أن أصبت باليأس والوقوف بقوة أمام الآخرين. وقابلت سخرية وتنمر الآخرين بصمت واستمررت في تعليمي دون النظر خلفي".

وتضيف: أنهيت مرحلة الثانوية بدرجة امتياز وكان ذلك مصدر فخر لي ولعائلتي.  

بداية التغيير 

ولاحقاً انضمت سميرة إلى جمعية الصم في عدن وتعلمت لغة الإشارة بشكل سريع جداً، لتصبح بعدها أول مدربة للغة الإشارة في العاصمة عدن. التحقت بالعمل المدني لخدمة للصم وأصبحت معلمة للصفوف الأولى في مدرسة الصم. لم تتوقف هناك بل إنها أنشأت وأسست مبادرة "هن" لنشر وتعليم لغة الإشارة للمجتمع بهدف دمج الصم في المجتمع للخروج من عزلتهم.

ونفذت سميرة عبر هذه المبادرة العديد من تدريبات لغة الإشارة التي استهدفت بها الشباب من الجنسين وموظفي المؤسسات الحكومية، وتطمح حالياً لتطوير المبادرة والحصول على دعم لتنفيذ مشاريع تمكين اقتصادي للفتيات الصم.

في نفس الفترة التحقت بجامعة عدن قسم علم الاجتماع الإرشادي والتربوي، ولم تكن تتوقع سميرة أن تصل إلى هذه المرحلة من التعليم الأكاديمي بسبب المعاناة التي عاشتها، ليتحقق حلمها بالتخرج من الجامعة بعد كفاح طويل.

تشير سميرة إلى أنها واجهت ضغوطات كبيرة خلال هذه المرحلة بسبب "دراستي وعملي الطوعي، شجعتني عائلتي ووكيلة المدرسة الأستاذة أشجان على الاستمرار، ووقفوا معي بشكل كبير، وهو ما ساعدني كثيرا في التخفيف من تلك الضغوطات التي تحملتها لمدة أربع سنوات في الكلية".

طموح وحلم

لدى سميرة الكثير من الأحلام والطموحات عقب حصولها على شهادة البكالوريوس. تقول: أسعى للالتحاق ببرنامج الماجستير في نفس تخصصي، وأطمح لإنشاء مشروع تجاري خاص لمساعدة عائلتي وتوفير نفقات دراستي وإكمال تعليمي العالي الذي يعتبر أكبر حلم لي. كما أني أطمح لأكون مرشدة اجتماعية في مدارس الصم التي تحتاج إلى دعم من قبل المجتمع والجهات المختصة.

قلة اهتمام

وفقاً لمنظمة العفو الدولية، فإن هناك 4.5 مليون ونصف معاق، أي ما يعادل 15% من سكان اليمن حسب التقديرات العالمية لمنظمة الصحة العالمية.

وتشير المنظمة إلى وجود ما يزيد عن 300 منظمة تقدم خدمات للأشخاص ذوي الإعاقة قبل الحرب. ومن بعد الحرب تقلصت إلى 26 منظمة وذات قدرات وبرامج محدودة بسبب نقص التمويل وامكانيات مزواله العمل. بالإضافة إلى أن صندوق المعاقين توقف عن صرف المقررات المالية للأشخاص ذوي الإعاقة في مناطق الحكومة المعترف بها بين 2015 و2017، واستأنف صرفها من 2017 لكن بطريقة غير منتظمة بسبب نقص التمويل.

أغلب سكان اليمن من صغار السن، لكن الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم فوق 65 عاما فأكثر يمثلون 37% من الأشخاص ذوي الإعاقة في البلاد. ويواجه كبار السن من ذوي الإعاقة صعوبات مضاعفة في نيل حقوقهم، وتؤدي المشاعر السلبية والتصورات النمطية بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن إلى تعرضهم للتمييز المتعدد الجوانب في التمتع بحقهم في المساواة مع غيرهم من أعضاء المجتمع، حسب المنظمة.

الأشخاص ذوو الإعاقة من المهمشين من بين من يتعرضون لأشكال متعددة ومضاعفة من التمييز بسبب تضافر عوامل عدم المساواة، وبسبب الأعراف الثقافية تواجه النساء والفتيات ذوات الإعاقات صعوبات مضاعفة ومركبة في أوضاع النزوح، وفقاً للمنظمة.

رغم كل الجهود المبذولة من الجهات المعنية كصندوق رعاية وتأهيل المعاقين والجمعيات وغيرها في التخفيف من معاناتهم، إلا أن استمرار الحرب وعدم الدخول بعملية سلام شاملة، سيبقي الأشخاص من ذوي الإعاقة الشريحة الأكثر تضرراً من الحرب.