مقتل الصماد ومعركة الساحل.. الارتباك يصيب حركة الحوثي

السياسية - Saturday 12 May 2018 الساعة 12:12 pm
سمير الصنعاني، نيوزيمن، تقرير خاص:

منذ دخول قوات المقاومة الوطنية (حراس الجمهورية ) بقيادة العميد طارق صالح، خط المعركة ضد مليشيات الحوثي في الساحل الغربي، بدأت قيادة الجماعة تدرك مخاطر التنسيق والتعاون بين هذه القوات وبين المقاومة الجنوبية والمقاومة التهامية من جهة أخرى، وشعرت أن معركة تحرير الحديدة من سيطرتها لم تعد سوى مسألة وقت، وهو ما دعاها إلى تدشين حملة تحشيد واسعة لمقاتلين إلى صفوف مليشياتها والزج بهم إلى مناطق المواجهات في الساحل الغربي.

لكن مقتل رئيس المجلس السياسي الأعلى ورئيس المكتب السياسي لحركة الحوثيين صالح الصماد بغارة جوية في محافظة الحديدة وهو يواصل حملة التحشيد، انعكس على موقف الحركة الذي ظهر مرتبكا وقلقا وغير قادر على تقديم تفسير حقيقي لأسباب مقتل الصماد وهو الرجل الثاني بعد زعيم الحركة عبدالملك الحوثي بحكم موقعه التنفيذي كرئيس للمجلس السياسي الأعلى (رئيس جمهورية) ورئيس للمكتب السياسي للحركة.

ولم تقف حالة الارتباك على موقف الحركة من خلال إخفاء وتأجيل إعلان مقتل الصماد لعدة ايام، بل أيضا من خلال تخبط إعلامها وناشطيها في تفسير الحادثة والزعم بان عملية إخفاء مقتله مثل لعبة استخباراتية كشفت عجز التحالف ، بينما ذهب بعضهم إلى الزعم بمشاركة الأمريكان واستخباراتهم في قتل الصماد، وهي تفسيرات عكست حقيقة سعي قيادة الحركة الى تقليل حجم الصدمة النفسية على أنصار ومليشيات الحركة خاصة في الجبهات.

وعلى المستوى الميداني فقد أثر مقتل الصماد في الحد من قدرات قيادات الحركة على التحرك ومواصلة عملية الحشد للمقاتلين تخوفا من تكرار عمليات استهدافهم خاصة في مناطق خارج العاصمة مثل الحديدة وغيرها.

أما على المستوى السياسي، فقد طلبت حركة الحوثيين المبعوث الاممي إلى اليمن السيد مارتن غريفيث تأجيل زيارته إلى صنعاء والتي كانت مقررة مطلع مايو لمرتين بحجة انشغالهم بالحداد على مقتل الصماد وهو ما كشف عن ارتباك كبير في القدرة على اتخاذ القرارات وتجاوز صدمة مقتل الصماد من جهة ومن جهة أخرى محاولة وضع شروط لاستئناف المفاوضات من اهمها الضغط الدولي باتجاه إيقاف معركة تحرير الحديدة ولو تطلب ذلك تقديم تنازلات على غرار ما حدث سابقا بعقد صفقة مع الأمريكان ومنحهم حق مراقبة النشاط في الميناء مقابل الضغط على التحالف العربي لتأجيل معركة تحرير الحديدة لدواع ومبررات إنسانية .

وفي محاولة لإبعاد التهم التي وجهها الاعلام لبعض قيادات الحركة بالتورط في تصفية الصماد وتقديم معلومات مكنت التحالف من استهدافه، سارع محمد علي الحوثي، قائد ما يسمى باللجان الثورية، إلى نفي ذلك بطريقة غير مباشرة حين نشر تغريدة في صفحته يرد فيها على حديث ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن السعي لاختراق حركة الحوثيين وتعميق الخلافات بينهم بالقول (لمن لا يعلم خبر الخلاف بين الأنصار فخ مدفوع الأجر من رجال الاستخبارات السعودية وابتلعه محمد بن سلمان وراح يصرح به وانصحه بالتأكد من حاشيته).

وكدليل على حالة الارتباك المتصلة بهذه القضية عاود محمد علي الحوثي نشر تغريدة أخرى في اليوم الثاني حول الموضوع وقال: (المصادر التي زودت بالخلاف الاستخبارات السعودية وهي زودت بها ولي عهدها مصادر مزدوجة وأتحدى أن يستطيعوا نشر ما يثبت على تصريحات وزير الدفاع السعودي وولي العهد ، لذلك كما قلت لكم سابقا ابتلع الطعم وهو أيضا اعتبرها معلومة هامة أثناء تواجده بأمريكا لإثبات انه على تواصل ومتابع لسير المعركة).

وعلى الرغم من التكتم الشديد الذي فرضته حركة الحوثي عقب قصف التحالف لمكتب رئاسة الجمهورية في صنعاء إلا أن المصادر تؤكد أن اجتماعا كان يعقد في المكتب بحضور قيادات كبيرة في حركة الحوثي والتي تمكنت من مغادرة المكتب قبل عملية القصف بفترة زمنية قصيرة ، الأمر الذي ألقى بمزيد من القلق والارتباك في صفوف الحركة ما أدى بالمشاط إلى اتخاذ قرارات بإقالة ضباط في جهاز الأمن القومي وتحميلهم مسؤولية الاستهداف للمكتب.

وتؤكد مصادر حوثية في العاصمة صنعاء ان قيادات الحركة عمدت إلى إحداث تغييرات في جهاز مرافقيها الأمنيين، بالإضافة إلى تغيير نوعية المركبات التي تستخدمها في عملية التنقل داخل العاصمة، كما اضطرت الى الحد من تحركها خارج صنعاء بشكل كبير عن ذي قبل.

وخلافا لحالة المبالغة والتهويل الذي يمارسه إعلام وناشطو حركة الحوثي عقب كل صاروخ يطلق على السعودية والزعم بأنه أصاب هدفه بدقة ، وتأكيدا لحالة الذعر التي باتت تعيشها قيادات الحركة الحوثية منذ حادثة مقتل الصماد نشر رئيس اللجان الثورية والقيادي محمد علي الحوثي تغريدة أعلن فيها مبادرة قال فيها:(أعلن مبادرة وأقدمها بين يدي الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمبعوث الدولي ونقول لهم نحن جاهزون لإيقاف الصواريخ اليمنية بشرط ان يوقف العدوان طيرانه ومستعدون بتقديم الضمانات على الالتزام بذلك مثلا بمثل).

وعلى الرغم من قلة التغطية الإعلامية التي ترافق المعارك التي تخوضها قوات المقاومة الوطنية في جبهة الساحل الغربي، إلا أن حركة الحوثي سارعت إلى شن حملة مزاعم حول هذه القوات تركزت في مهاجمة قائدها العميد طارق صالح بدرجة رئيسة ،وفي الوقت نفسه نشر أخبار عن تحقيق انتصارات لمليشيات الحركة ،وترافق ذلك مع حملة لنشطاء الحركة تتبنى نفس خطاب حزب الإصلاح حول هذه القوات والذي يركز على الزعم بان طارق صالح يحاول سرقة جهود ونجاحات المقاومة الجنوبية والوية العمالقة.

وكان واضحا مدى التقارب الحوثي الإصلاحي في تبني الحملة الإعلامية المتعلقة بجزيرة سقطرى واستثمار هذه القضية في إشغال الرأي العام عن قضية معركة الساحل الغربي وحجم الخسائر التي تتعرض لها مليشيات الحوثي هناك، حد أن كثيرا من تغريدات ومنشورات قيادات وناشطين في حركة الحوثي أشادوا بمواقف الإصلاح من موضوع سقطرى، بل وحتى أشادوا بموقف بن دغر واعتبروه موقفا وطنيا.

ويمكن القول، إن قيادات الحركة الحوثية تدرك جيدا أن حادثة مقتل الصماد من جهة وفشلها في الصمود في جبهة الساحل وفقدانها السيطرة على الحديدة سيمثلان ضربة قاصمة ليس على موقفها تقليص مساحة سيطرتها العسكرية والأمنية والاقتصادية فحسب بل وعلى موقفها السياسي في أي مفاوضات قادمة، ولذلك ستحاول بشتى الوسائل ابتداع وإثارة قضايا تسمح لها بممارسة نوع من المناورة السياسية فيما يتعلق بقضية معركة الساحل الغربي.