صنعاء تستبدل صور صالح والحمدي وصدام بالإمام يحيى وعيال بدر الدين

متفرقات - Tuesday 10 April 2018 الساعة 06:12 pm
فارس جميل، نيوزيمن، صنعاء:

في جولة الرويشان، وقف بائع متجول يعرض روائح للسيارات الواقفة بانتظار إشارة رجل المرور، دلى أمامي صورة مربعة صغيرة لزعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي وهو يقول: "هل تريد رائحة السيد؟".

بائع أسطوانات آخر يضع في نصف كرتون مفتوح سيديهات لأغلب الفنانين اليمنيين والعرب، لكنه يرفع في يده ما يبدو أنه يعتبره جوكر الأسطوانات، إنها محاضرات حسين الحوثي، وزوامل متعددة الأسماء، لكنها - أيضًا - تضع على واجهتها صورة زعيم الجماعة أكثر من صور المنشدين.

في الكشك الشهير عند مدخل سوق الملح من باب اليمن، لم تعد صور علي صالح وإبراهيم الحمدي وصدام حسين تتصدر الواجهة كالمعتاد، لقد أصبحت صور الإمام يحيى، والإمام أحمد، وعبدالملك الحوثي وأخيه حسين ووالدهم بدر الدين أكثر هيمنة وبروزا.

خطيب الجمعة بشارع هائل خاطب المصلين بأنه لا يريد راتبا ولا يبحث عن أنبوبة الغاز، وأن حاجته تقتصر حاليا على حماية عرضه وأرضه من الأمريكان وآل سعود، وأن من يطالب بالراتب والغاز يعد مرجفا ولا يحمد الله على نعمة الأمن التي يوفرها "أنصار الله ورجاله" في الجبهات، لكن تذمر المصلين لم يكن خافيا رغم كل الرعب الذي بثته الجماعة في نفوس المواطنين.

في شارع الزبيري كان طالب يرتدي زيه المدرسي قد أعطى زميله حقيبته المدرسية ليتمكن من حمل كرتون ملأته ملازم من محاضرات حسين الحوثي، تتحدث عن مخاطر سيطرة أمريكا على اليمن، وعدم وجود عذر لأي يمني أمام الله ما لم يتحرك لمواجهة تدخل الأمريكان والإسرائيليين في بلد الإسلام.

كان يضحك بصوت مرتفع، وهو يتصبب عرقا من يقل كرتون الملازم، بينما يسرد قصته مع مشرف الحوثيين الذي منحه كل تلك النسخ من ملازم حسين الحوثي فرحا بحماس الطالب لها واستعداده لتوزيعها في حارته.

قلت له إنني أحتاج كل ما لديه من الملازم لتوزيعها على شباب الحارة، لكني في الحقيقة أحتاجها هدية لأمي، لقد تعطلت أنبوبة الغاز والوالدة تحتاج للكراتين والأوراق لإشعال التنور وإعداد الخبز، وهذه هدية مناسبة لها وسوف تدعو لي كثيرا مقابلها.

كثيرون لا يزالون يتذكرون "مارد الثورة" تلك الدبابة التي دكت مقر الإمام البدر في دار البشائر ليلة الـ26 من سبتمبر 1962، لقد استمرت في مكانها جوار نافورة ميدان التحرير على مدى خمسة عقود من الزمن تخليدا لثورة سبتمبر ورمزا لها، قبل سنوات تمت إزالة هذه الدبابة من مكانها واستبدالها بحمامات عامة أثناء تولي أحمد الكحلاني قيادة أمانة العاصمة، أو هكذا تم ترويج المبرر لإزالتها من مكانها رغم ما تحمله من رمزية ودلالة مرتبطة بالنظام الجمهوري ذاته، لم يفكر أحد يومها بأنها خطوة مدروسة بغرض إزالة مارد الثورة كرمز، لكن الأمر بدا واضحا اليوم.

المربع الذي احتلته دبابة الثورة لعقود أصبح اليوم مكانا لتسجيل وحشد المقاتلين تحت راية الحوثيين، وكل اللوحات العملاقة التي تحيط بميدان التحرير أصبحت مليئة بعبارات لمؤسس الجماعة أو زعيمها اليوم، أو بصور (الشهداء) الذين سقطوا في حرب الرجلين اليوم.

الجديد في اللوحات العملاقة التي ترفع بصور وأسماء القيادات الكبيرة التي سقطت في الصراع هو إلغاء البند الخاص بمكان وزمن مقتل هؤلاء، فمنذ ديسمبر 2017 بعد معركة صنعاء ومقتل صالح، تم تعميم عبارة واحدة في كل اللوحات "تاريخ الاستشهاد: معركة النفس الطويل" هكذا دون مكان ولا زمان، لأن كثيرا من هؤلاء، كما يبدو، سقطوا في صنعاء ولم يذهبوا لأي جبهة قتال خارجها، لكن الجماعة لا تريد إظهار حجم خسائرها في معركة صنعاء، وقد لا تريد استفزاز مشاعر المؤتمريين ومحبي صالح وإن كان هذا الأخير استنتاج لا يتناسب مع عدم منح الحوثيين هكذا اعتبارات أي اهتمام.

الذكرى الثالثة لتدخل التحالف عسكريا في اليمن، وما رافقها من حملة إعلامية مكثفة لإظهار (الصمود في وجه العدوان)، لم تدفع الجماعة لإزالة اللوحات التي أحيت بها اليوم العالمي للمرأة لأول مرة في تاريخها، فالمرأة جمهور مهم وواسع ويجب أن يحظى بمساحة مناسبة ومدخل مناسب ولو كان مناسبة (للغرب الكافر) فيجب أسلمته وتوظيفه.

محتوى اللوحات العملاقة المرفوعة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة كله، تقريبًا، عبر عن فكرتين الأولى أن فاطمة الزهراء هي النموذج الأعلى للمرأة المسلمة، والثانية أن الغرب يعمل على فرض أخلاقيات وسلوكيات المرأة الغربية على المرأة المسلمة.