إجراءات حوثية تعسفية لتوقيف ومصادرة رواتب مئات الآلاف من موظفي الدولة

متفرقات - Monday 14 May 2018 الساعة 10:26 am
صنعاء، نيوزيمن:

باشرت مليشيا الانقلاب الحوثية بتنفيذ إجراءات تعسفية تستهدف حرمان مئات الآلاف من موظفي الدولة في المناطق التي تسيطر عليها من نصف الراتب الذي تعتزم صرفه خلال الأسبوع الجاري.

وكشفت مصادر "نيوزيمن" أن لجانا حوثية تقوم حاليا بعملية حصر أسماء الموظفين في الوزارات والمؤسسات الحكومية وتسجيل أسماء المداومين وأسماء المتغيبين بهدف توقيف ومصادرة مرتبات غالبية الموظفين.

وأوضحت تلك المصادر أن وزارة المالية التي يسيطر عليها الحوثيون أصدرت تعميما بالتزامن مع صدور توجيهات رئيس ما يسمى بـ«المجلس السياسي» مهدي المشاط، بصرف 50% فقط من راتب شهر أغسطس 2017م للموظفين الأساسيين بشقيهم المدني والعسكري.

وبموجب التعميم فقد قررت ميليشيا الحوثي توقيف مرتبات الموظفين غير الموالين لها تحت ذرائع متعددة منها الازدواج الوظيفي أو المتخلفين من أخذ البصمة، وكذا تنزيل مرتبات من تسميهم المنقطعين والمتغيبين عن العمل، وتوريد الاستقطاعات القانونية (ضرائب، جزاءات، أقساط التقاعد) لما سيتم صرفه من ال (50%) من الراتب والبدلات التي سيتم صرفها فقط وفقا للإجراءات القانونية.

وتاتي هذه الاجراءات التعسفية تواصلا لإجراءاتها المستبدة بحق الموظفين وحرمانهم من رواتبهم علی مدی عامين إلا ما ندر بعد كل خمسة أو ستة أشهر تقوم بصرف نصف رواتب.

وبينما كان نحو مليون موظف وعسكري مازالوا يعيشون في وضع مأساوي في مناطق سيطرة المليشيا، تفاءلوا خيرا بصدور توجيهات لصرف نصف مرتب شهر أغسطس 2017م، عسی يعينهم جزئيا في توفير ابسط احتياجاتهم الغذائية قبيل قدوم شهر رمضان، لكن آمالهم تلاشت بصدور تعميم المالية الذي سيحرم مئات الآلاف منهم من الحصول علی رواتبهم.

وتقول إحدی المدرسات في مدرسة حكومية للبنات بصنعاء فضلت عدم ذكر اسمها "جاءت لجنة حوثية إلى المدرسة وقاموا بحصر أسماء المدرسات جميعا ثم حصروا من يحضرن ومن متغيبات"، مذكرة أن هناك الكثير من المعلمات متغيبات بسبب توقف الرواتب وعاجزات عن توفير تكاليف أجور المواصلات ليوم واحد بين منازلهن والمدرسة ويعشن في ظروف مأساوية هن وأسرهن وأطفالهن تفتك بهن المجاعة والفقر والمرض.

وتوضح هذه المعلمة أن هناك موظفين اضطروا مع انقطاع صرف الرواتب إلى مغادرة صنعاء والعودة إلى قراهم بسبب عدم قدرتهم على دفع إيجار المنازل مما دفع اصحاب البيوت طردهم إلی الشوارع.

صحفي في وكالة سبأ يوضح من جانبه أن مليشيا الحوثي قامت قبل أكثر من ثلاثة اعوام بتوقيف رواتب العشرات من الزملاء والزميلات بحجة عدم الدوام رغم أن غالبية موظفي وكالة سبأ هم جالسون في منازلهم اساسا منذ تعرض مبنی الوكالة للاقتحام والتدمير من عصابة الشيخ صادق الأحمر في العام 2011 وتم تكليف طاقم محدود عددهم بعدد أصابع اليد يعمل في دائرة التوجيه المعنوي بالتحرير لتحديث موقع سبانت بأهم الأخبار، بينما أغلب الموظفين لا يداومون منذ ذلك التاريخ والكثير عادوا إلى قراهم بانتظار استكمال اعادة ترميم الوكالة وتجهيزها تقنيا للعودة للعمل. مشيرة الی أن المليشيا الحوثية تعمدت مصادرة مرتبات الكثير من موظفي الوكالة دون أي مبرر قانوني.

وتتابع: رواتبنا تأخذها قيادة المليشيا ولها أكثر من سنتين رغم أن قرار وزارة المالية لم يصدر إلا من هذا الشهر.

ويستطرد بالحديث قائلا "إن ميليشيا الحوثي كانت تصرف للموظفين المداومين في الوكالة ومعظمهم من الموالين لها بدل مناوبة من رواتبنا التي بيصادروها".. مشيرا الی انه وخلال الشهر الحالي طورت هذه المليشيا من اساليب النهب وبدلا من ان تعطي الموظفين بدل مناوبة نقدا سلمتهم بطائق سلعية إلى "ظمران سنتر" وبخصم 18 في المية أي ان الذي مستحقه من بدل المناوبة علی سبيل المثال 8 آلاف ريال سلموا له كرتا لشراء سلع ب 5 آلاف فقط .

ويقول أحد الموظفين في وزارة الصحة العامة "اصبحنا نعيش في موت بطيء ونعجز عن توفير لقمة عيش لاسرنا واولادنا بينما نشاهد حفاة المسيرة المزعومة - في اشارة الی قيادات وميليشيا الحوثي- يتطاولون في بناء افخم الفلل والعمارات السكنية ويركبون احدث موديلات السيارات والصوالين".

ويضيف: "في العام الماضي كان وضعنا افضل نسبيا كونهم صرفوا لنا بمناسبة شهر رمضان بطائق غذائية لمدة ثلاثة اشهر، ونصف مرتب أما هذا العام فقد خرج المشاط ليعلن عن صرف نصف راتب فقط من جهة وتأتي ميليشياته في وزارة المالية لتلتف من جهة اخری وتتبنی اجراءات قمعية وتعسفية لمصادرة هذا النصف".

وبينما كانت الحسرة والحزن تغطي ملامح وجهه يختم هذا الموظف حديثه بالقول: صدق المثل القائل: "إذا نطق الغراب وقال خيرا فأين الخير من وجه الغراب".

ارتفاع الأسعار

موظفة في وزارة الصناعة تتساءل وتقول: ألا يعلم المشاط أن 22 مليون شخص في المحافظات التي يسيطرون عليها غارقون في المجاعة والفقر وحياتهم مهددة بالموت؟ وهل يعلم ومعه بقية قيادات الميليشيا عن الارتفاع الجنوني للأسعار منذ انقلابهم وان أسعار المواد الغذائية هذه السنة تتجاوز الزيادة فيها 200 % ؟ .. فماذا سنفعل بنصف الراتب؟ وماذا سنشتري به؟

وشهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعا جنونيا حيث وصل سعر كيس طحين القمح الی 8 آلاف والدقيق 9500 فيما كيس السكر ب 12 الفا والرز أسعاره خيالية.

إضافة إلى أسعار الغاز حيث يدفع المواطن لعاقل الحارة مبلغ ب 3500 مقابل تعبئة دبة واحدة عبوة 20 لترا.. اما اذا لم يجد لديه فيضطر المواطن لشرائها من سماسرة في السوق السوداء بأسعار تتجاوز خمسة آلاف وتصل في بعص المحافظات الی 10 آلاف ريال لكل دبة.

استفزاز حوثي بنص الراتب

ورغم ما يعانيه الموظفون من انقطاع رواتبهم للسنة الثانية على التوالي ظهر رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي ليعلن صرف نصف راتب فقط بمناسبة قدوم رمضان.

وكان صالح الصماد قد وجه قبل مقتله في الحديدة بصرف راتب كامل لموظفي الدولة بمناسبة قدوم رمضان وراتب كامل من أجل العيد إلا أن هذه التوجيهات قوبلت بالرفض من قبل رئيس مايسمی "اللجنة الثورية العليا" محمد علي الحوثي الذي يصر علی توريد كل مايتم تحصيله من إيرادات لصالح الحوثيين ولمجهودهم الحربي فضلا عن تمويل مشاريعهم العقارية والاستثمارية التي تشهد نموا مضطردا في كافة مدن المحافظات التي يسيطرون عليها وفي المقدمة العاصمة صنعاء.

وبحسب مصادر "نيوزيمن" فان ميليشيا الحوثي في الوقت الذي قامت بتوقيف صرف مرتبات لنحو مليون موظف وعسكري فانها حرصت علی صرف رواتب عناصر مليشياتها ومشرفيها بانتظام شهريا وبحيث تجاوز راتب اقل مشرف مائة الف شهريا.. لافتة إلی أن الغالبية العظمی لعناصر ميليشيات الحوثي هم أساسا غير موظفين ولا عسكريين وهذا ما يكشف الوجه القبيح لهذه العصابة التي دفعت بملايين الناس نحو المجاعة والفقر وتنهب موارد الدولة إلی جيوبها دون أي اعتبارات وطنية وإنسانية أو دينية تجعلها تستشعر معاناة الآخرين.