صنعاء تقاوم الحوثي بالسخرية و(الجنون)

متفرقات - Tuesday 15 May 2018 الساعة 01:03 pm
فارس جميل، نيوزيمن، خاص:

عندما يتصاعد الغضب تبدأ السخرية بإفراغه لتستمر الحياة، ولأن سكان صنعاء يعلمون أن جماعة الحوثيين لا تتمتع بأي قدر من المسؤولية في التعامل مع معارضيها، وأنهم القوة المهيمنة على الأرض، وسخروا جميع مقدرات الدولة لخدمة سلطتهم القهرية على الناس، فقد ارتفع منسوب السخرية في أحاديثهم اليومية مع الحوثيين سواء أمامهم (أحيانا) أو في أحاديثهم الخاصة، وهذه أصبحت عادة يومية.

صعد عجوز سبعيني باص أجرة في الحصبة، وكان السائق يطلب من الركاب قراءة الفاتحة لروح صالح الصماد، فرد عليه العجوز:
- بكم الأجرة اليوم يا ولدي؟
- 70 ريال يا حج، اقرأ الفاتحة.
- يا عيباه وتعصوا رئيسكم الجديد وأمين العاصمة اللي حددوا الأجرة بـ50 ريال وترفعوها إلى 70، وعاد الفاتحة علينا؟
ردد السائق صرخة جماعته، كرد، فعلق العجوز:
- أيوه الشعار عليهم والتطبيق علينا، تقتلونا وتلعنوهم، العنونا واقتلوهم أحسن، ما رأيك، أو السهل السهل !!
- إحنا بندافع عن أعراضكم، ونقاتل من يوالي أمريكا وإسرائيل، ولوما رجال الله أن قد (الدواعش) في بيوتكم، وانتهكوا شرفكم.
- قد سمعت صاحب ذمار ايش قال؟
- ما ناش داري، رد بغضب المهزوم أمام ضحكات الركاب من تعليقات الرجل العجوز.
- أصحابك طعنوا ناصر علي ناصر في ذمار، وتعصبوا عليه وهو وحده، قام عمل زامل لعبدالملك:
"قولوا لبو جبريل وعزرائيل// ما ناش نصراني ولا كافر
الموت لأمريكا وإسرائيل // والطعن في ناصر علي ناصر"
على جنب يا ولدي، الله يخارجنا دبوركم، ويرحم الشعب المسكين.
صمت السائق صمتا مطبقا، وتبادل الركاب الضحكات، دون تعليق.
أما صاحب محل مواد البناء فكان متذمرا بطريقة أخرى، لأنه كما قال يشهد حركة وعمل، لم يشهد مثلهما قبل سيطرة الحوثيين، وظهور المشرفين التابعين لهم:
"كلهم يبنوا بيوت وعمائر، ويشتروا الحاجة مرتين، وفلوسهم كاش، المشكلة أنهم يدفعوها باليد اليمين ويأخذوها باليد الشمال، كل مناسبة يمروا يجمعوا مننا فلوس، وما فيش مفاوضات، تدفع يعني تدفع.
في ذكرى المولد، جاؤوا 3 مسلحين يشتوا (15 ألف ريال) حق المولد، فدفعت لهم المبلغ غصبا عني، لكني تفاجأت وقت العصر بـ3 مسلحين غيرهم جاؤوا يشتوا حق المولد، وحينما حلفت لهم يمين أني دفعتها الصبح لأصحابهم، قالوا لي أن من جاء صباحا ليس منهم، وأنهم ناس (متهبشين).
طلبت منهم استلام، حتى لا يأتي بعدهم (متهبشين) غيرهم، فقالوا: هذه لرسول الله، مش لنا، ما فيش استلام، تدفع أو تغلق المحل وتطلع معنا الآن، فدفعت 15 ألف أخرى وأمري لله.
المهم أن عيال الرسول اليوم الثاني اشتروا مني رنج أخضر بربع مليون، والحمد لله رجعت فلوسي منهم وزيادة، وأنا أفكر كيف ممكن يتصرف معاهم الرسول لو ظهر من جديد، يمكن كان اشترى رنج أسود وطلاهم به يبطلوا يسرقونا باسمه !! 
أحد أبناء عمران اعتقله الحوثيون لأنه علق بسخرية على حسين الحوثي، وعندما وصل عند المشرف ورأى كيف يتوعد ويهدد المعتقلين أدرك حجم الورطة التي وقع فيها.
لجأ لحيلة لينقذ نفسه منهم، فقلد دور المجنون، وقبل أن يحقق معه المشرف، سأله الرجل:
- قلي من أفضل عند الله الحسين بن علي عليه السلام، أو محمد بن عبدالله؟
تملص المشرف وصرخ في وجهه، لكن الرجل بدا مصرا على إجابة سؤاله، فقال المشرف:
- أكيد الرسول أفضل، أو معك خبر ثاني؟
- غلط، غلط، غلط، أنت شكلك ما قرأت عند سيدي حسين بن بدرالدين.
صمت المشرف متفاجئا بكلام الرجل، فاستأنف الرجل حديثه:
- ابصر يا سيدي: الرسول كان أبوه كافر، وجده كافر، وعمه كافر، وأمه ما دخلت الإسلام، والحسين عليه السلام، كان أبوه علي بن أبي طالب بكله، وأنت داري من هو الإمام علي، وكان جده رسول الله، وأمه بنت النبي، وتجي تقول الرسول أفضل، اعقله يا ذاك !!
أمر المشرف أحد المسلحين:
- خليه يروح هذا المجنون، كون اتأكد أنهم عاقلين قبلما تديهم لي.
قال المعتقل وهو يسرد حكايته لصديقه لاحقا: جلست يومين استغفر الله بعدما خرجت، وبعدين قلت في نفسي، والله ما يغضب مني رسول الله صلاة ربي وسلامه عليه، قلبي مطمئن بحبه، لكن هم (عيال الذين) الله لا غفر لهم، والله أنه غريمهم يوم القيامة، وحرام ما يراعي لهم إلا بالجزمة ويدهف أبتهم لا جهنم، كم كذبوا عليه وكم سرقونا باسمه، وكم قتلوا باسمه، وكم شوهوا أصحابه، حتى زوجته ما سلمت منهم.
علق صاحب المعتقل وهو يستمع له ويضحك بقوة، وذلحين نسير نبلغ عليك عندهم ونفضحك وهم يتصرفوا معك، أو التخزينة بكرة والغداء عليك.
فقال له الرجل: والله ما تفعلها لو رضعت من أمك بول مش حليب، (يا سعم انك حوثي) لا تفجعنيش الله يلعنك ويلعنهم، والله أن الكلام معهم وأنت معتقل وتحت رحمتهم يبطل الوضوء، لو تبصر والقبح والغباء فيهم، ما عاد خارجنا إلا غباءهم، ولو جننت عندهم مخارجة، شاجنن فوقك من صدق.