انطباعات زائر إلى زُهاري المخا

المخا تهامة - Tuesday 21 July 2020 الساعة 08:00 am
المخا، نيوزيمن، إسماعيل القاضي:

في وقت مبكر من صبيحة يوم الثلاثاء الماضي، كان الجو غائما وينذر بهطول الأمطار على المناطق الساحلية، كان الوقت يشير إلى السابعة، عندما قررنا الانطلاق إلى عزلة الزهاري شمال المخا.

كنت ضمن فريق نيوزيمن، وقد كان الطقس ممتعا، فيما كان جو الرحلة مليئا بالنشاط والحيوية، عبرنا يختل إلى وجهتنا، إحدى مزارع الزهاري المليئة بأشجار النخيل والتي تقاسمت مع الإنسان حتى المنازل، إذ امتلأت باحاتها بالعديد منها.

النخيل هنا، يعطي بسخاء، كمجتمع تهامة، أيديهم مبسوطة، وهذا ما كان لنا عند دخولنا للمزرعة حيث كانت أشجار النخيل بطول متر ونصف المتر مثقلة بأعساب البلح.

بين الأشجار كانت امرأة تقترب من عقدها الخامس، تجول في المكان، وعندما اقتربنا منها دعتنا ببساطتها التهامية إلى تناول البلح الناضج من نوعية المناصف، ظلت تردد علينا بكرم طائي، نأكل ونبيع وكل من مر من هذا المكان يأخذ ما طاب له أن يأخذ، وتلك هي الحياة".

اكملنا المسير إلى الزهاري، وهي قرية تقع على ساحل البحر، كواحة من النخيل الذي زرع بكثرة إلى حد أن منازل القرية تملأ ساحتها الأشجار المثمرة، فيما كان مركز الإنزال السمكي الذي أعاد بناءه هلال الإمارات يطل على الساحل لينتفع به الصيادون. 

عشش على الطريقة التهامية، تطل على الشاطئ، باردة كثلاجة، وهذا هو سر التهاميين في التغلب على حر الصيف.

هناك الإنسان يهتم بالأشجار كمردود ينتفع به وكوقاية من حرارة الشمس فالأشجار تخفف من درجات حرارة الجو وتخلق جوا رائعا.

النخل باساقات وبكثافة في جهة الجنوب من مركز الأسماك، وكذلك على الشمال، كانت الأمواج هادئة والبحر ينظر إلى أشجار ستوضع في أحشائه قريبا، لتكون شعابا مرجانية يتكاثر فيها أسماك الجحش. 

عدد كثير من القوارب من بينها قارب لذوي الاحتياجات منَ فقدوا أطرافهم وتضرروا من حرب المليشيات ولفتت اليهم دولة الكويت وأعطت لهم قوارب صيد مع محركاتها بتكلفة قد تزيد قيمتها عن 3 ملايين ريال للقارب الواحد، في مشروع وصفه الأهالي بالهادف.

الناس يعيشون ببساطة ويسر، الأغلب منهم يعملون في صيد الأسماك، ومنهم من يزرع في المزارع، آخرون فتحت لهم أبواب أخرى منذ تحرير المدينة، جند كثير منهم، واتاح لهم فتح مشاريعهم الصغيرة كباصات صغيرة ليعمل عليها أقاربهم.

كانت قرب المرسى سنابيق كبيرة للصيادين وهم فئة رحل يطاردون صيد الأسماك، حسب تواجده بمواسم مختلفة وشواطئ متعددة في سواحل اليمن، يذهبون إلى المكلا ويمارس هناك أعمالهم بحرية، وعندما يضرب الازيب، وهي رياح قوية في البحر الأحمر، يكون مواسم الصيد في سواحل البحر العربي صيفا وكذا في المكلا.

تنوع سكاني وتعايش متجانس في المجتمع السواحلي، لا يسأل كثيراً عن القادمين، فيكفي أن يألفهم السكان، ويصبحون جزءًا منهم. صاحب مقصف لتقديم الوجبات، قدم من فترة وجيزة وأصبح متعايشا كأنه ساكن منذ مائة عام. 

نحن الزائرون اختلطنا مع كل الناس هناك، لا يتوجسون من أحد، تأتي وتذهب، الإنسان هنا مؤمن أن لا أحد قد يضره، فهو في مأمن كبير ويتعايش مع الآخر، حياتهم خالية من شوائب المزايدة السياسية والتخندق المقيت، يعيشون لأنفسهم ولاسرهم، يسافرون اعباب الموج ويقطعون مسافات البحار ويعودون بما جاد به البحر.

عندما توسطت الشمس كبد السماء، كنا قد أخذنا لمحة بسيطة عن الزهاري، وحان الوقت لنعود ادراجنا، كانت فكرة الزهاري تحوم في الأفق بين "(واعي واللاواعي) بتاع التنمية البشرية" بين القرية والمناصف، لكنها مختلفة فهم متنوعون في العيش توحدهم سمرة ألوان أجسادهم، كما مناصف البلح، يعيشون لأنفسهم وكفى، أردد في نفسي، هل ستقتحم الحزبية هذا الهدوء، وتدفع أهلها للتناحر فيما بينهم كما حدث في اليمن؟ ما أجمل العيش في القرى بعيداً عن ضوضاء المدن وصخبها والأحزاب..!