"أم إيهاب" كفاح امرأة أعالت أطفالها وهزمت الحرب

السياسية - Saturday 26 September 2020 الساعة 10:59 am
صنعاء، نيوزيمن، جلال محمد:

عام تلو آخر من سنوات الحرب المشتعلة في اليمن تتضاءل فرص المرأة اليمنية بحياة مستقرة تتوافر فيها أبسط مقومات الاكتفاء، تكافح النساء اليمنيات من أجل الحياة، ويتحملن إعالةَ اسرِهِن وأطفالهن، بعد فقدان الزوجِ، في الحروب والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي أجبرت الكثير من الرجال على فقد أعمالهم واصبح معظمهم وقودا للحرب، فالوضع الاقتصادي في اليمن منهار ومدمر شأنه شأن كل القطاعات في البلد الفقير المنخور بالفقر والفساد وتجار الحروب.

سنوات ست من الصراع اليمني حولت البلد إلى أسوأ كارثة إنسانية على مستوى العالم، وبحسب تقارير أممية فإن 80% من اليمنيين عرضة للموت جوعاً، ويعيشون حالياً على المساعدات المقدمة من المنظمات الدولية، ومع استمرار الصراع يزداد الوضع سوءًا، وبلا شك فإن النساء والأطفال يدفعون الفاتورة الأكبر لما يحدث.

أم إيهاب -موظفة حكومية- تحدثت لنيوزيمن عن مرارة الواقع الذي تعيشه كونها أما لثلاثة أبناء (ولد وبنتين) أكبرهم 17 عاماً، تقول: تحملت مسؤولية أطفالي الثلاثة بعد وفاة والدهم الذي كان جنديا في الشرطة العسكرية، متكئة في ذلك على مرتب والدهم ومرتبي الحكومي الذي كان يكفي احتياجاتنا ويضمن حياة مستقرة نسبياً لي ولأولادي. وبعد أن توقف العمل وصرف المرتبات وعطلت الحرب حال البلاد، ازدادت مسؤوليتي بين منزل أسكنه بالإيجار، ومصاريف معيشية في ظل غلاء فاحش وارتفاع مستمر للأسعار.

كل صباح تأخذ أم إيهاب كمية من (المشاقر والبيض البلدي وقنينات اللبن الرائب) وتسرع لمكانها المعتاد بجوار قيادة القوات البرية في باب اليمن حيث يتجمعن نسوة كثر للغرض نفسه عسى أن يبعن ما لديهن من المشاقر، والدجاج والبيض البلدي في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها الأسر اليمنية عموما.

تضيف أم إيهاب: الناس حالتها صعبة وما عاد تقدر تشتري ما نعرضه يوميا من المشاقر والدجاج والحليب والبيض البلدي، ولهذا ما بنحصل إلا القليل، أحصل باليوم 800 ريال، إيش أفعل بها؟ لكن الحمد لله على كل حال، متحمدة وشاكره، وإلا ما يجي الفرج.

كثيرة هي الحكايات والمعاناة التي تحدثت بها أم إيهاب، وكيف كان مستواها المعيشي مستقرا، وكيف أجبرتها الظروف القاسية منذ منتصف 2017 للخروج والعمل في أعمال لم ترغب يوماً أن تعمل بها، إلا أن الحياة لا ترحم.

تقول والغصة تخنقها "اشتغلت خبازة عند الناس، وحاولت أتعلم صناعة البخور ولكني خسرت بسبب عدم وجود من يشتري لأن الحريم كلهن محتاجات والكل بيعمل بخور ويبيع، بعدين اشتغلت مروجة لأحد تجار الأقمشة بالنسبة، وكل ذلك ما كان يغطي حتى الربع من احتياجاتنا".

وفي ذروة حديثها وافتخارها بما عملته لأجل ذاتها وأبنائها، أصرت الدمعة إلا أن تقاطع حديثها الشيق، وتجاربها الكفاحية المشرفة، لتقول "ما تشتي يا ابني.. رحلك لا تقلب عليا المواجع.. خليني أبيع وأشوف الزبائن.. يمكن نلاقي من يشتري".. لتختتم حديثها بضحكة صادقة من أم مكافحة، وقلب حنون، يحمل كل المحبة لأبنائها ولسان يتوسل الله أن يكون مستقبل أبنائها أفضل.

هي المرأة اليمنية الفقيرة العاملة والمكافحة من أجل العيش بكرامة في زمن ضاعت الكرامة فيه من الكثير وخصوصاً ساسة البلاد وتجار الحروب المرتهنين للأجندة الخارجية التي لن تجلب الخير أبداً لهذا الوطن الغالي كما لن تمنح السعادة والخير للمواطن المثقل بهمه وهمومه المتزايدة يوماً بعد يوم.